الشباب والشورى: الثقة المفقودة


[1] زينب بنت محمد الغريبية

انتخابات الشورى يمكن أن تعزز المواطنة المسؤولة من خلال الاستخدام الواعي للحق الانتخابي، هذا الحق الذي أصبح يتمتع به جميع المواطنين ممن هم في سن 21 سواءً كانوا ذكورا أم إناثا، ولذا لابد أن يبرهن المواطنون على أنّهم واعون لمتطلبات هذا الحق، ولخطورة عدم استخدامه أو استخدامه غير الواعي، ولا بد أن يمارس المواطنون الشباب حقهم الانتخابي ويصوتون لمن يجدونه جديرًا بأن يتواجد في المجلس للقيام بالمهام الكبيرة المناطة به، وهم حين يفعلون ذلك يثبتون أنّهم يضعون مصلحة عمان قبل المصالح الضيقة التي يحاول البعض توجيههم إليها تحت مسميات مختلفة قبلية أو مادية أو عائلية، فهذا المجلس لا يمكن أن يقوم بمهامه إلا إذا ساعدنا الكفاءات الوطنية للوصول إليها، ووصوله هو نتاج قراراتنا، فيجب أن تكون قرارات حكمية، ولأن الشباب يمثلون الفئة الأكبر من السكان لابد من وقفة مع موضوع معرفة الشباب بمجلس الشورى، ومدى حبهم للمشاركة في الانتخابات؛ فانتخابات الشورى الحالية سوف تعكس جانبًا مهمًا جدًا، بدعمها للشباب العماني نحو النهج الديمقراطي من خلال مشاركتهم الكبيرة في دعم مرشحين شباب منهم لخوض هذه الانتخابات أو استخدام صوتهم بطريقة واعية تعكس الثقافة السياسية التي يتلقونها من مصادر متعددة، وبالتالي هل هؤلاء الشباب على دراية كاملة باختصاصات المجلس ومقدرته؟ وهل هم مستعدون لدعمه؟

لقد قمت بالحوار مع مجموعة من الشباب حول رؤيتهم لمجلس الشورى وكشف لي الحوار عن نقاط على درجة كبيرة من الأهمية في هذه المرحلة التي يحاول فيها البلد إرساء نهج ديمقراطي يكون الشباب على إيمان كبير به، لقد كشف الشباب عن مواقف متباينة من مجلس الشورى، فمنهم من قال إنّه ليس من المهتمين كثيرًا بمتابعة مجلس الشورى وليس لديه أي اهتمام لأنه منذ أن عرف المجلس وجده يفتقد المصداقية في انتخاب الأعضاء؛ فلا يتم الاختيار على أساس الكفاءة بل هناك معايير أخرى ترجح مثل القبلية والمركز الاجتماعي والاقتصادي، وهذا شيء ملاحظ كثيرًا خصوصًا في الآونة الأخيرة. ويرجع الشباب عدم اهتمامهم بالمجلس لمحدودية الإنجازات التي قام بها في الدورات الماضية إذ إن صلاحيات المجلس لا تزال في إطار النصح والإرشاد، وبالتالي لا يعتبر المجلس ذا فاعلية مباشرة في القرار فيما يخص المشاريع التنموية وغيرها.ومن وجهة نظر الشباب فإن المهام التي يقوم بها أعضاء المجلس ليست إلا عرضا لبعض المشكلات المجتمعية والتي لا تلبث أن تذهب أدراج الرياح، فخطط التنمية لا تعتمد اعتمادا مباشرًا على آراء ما يطرحه أعضاء مجلس الشورى.

وهناك من وجدته يفتقد المعرفة الكافية عن قانون انتخابات مجلس الشورى؛ وجل ما يعرفه هو أنه يتم انتخاب عدة أشخاص عمانيين وفق شروط معينة ومحددة موثقة ضمن قانون الانتخابات، ثم تصدر قوانين أخرى للمرشح، كما أنني أعتقد أن من أهم أهداف هذا المجلس هو أن تتم تلبية احتياجات الولاية وسكانها والاستماع إلى مطالباتهم بصدر رحب وسعة، وأن يتم النظر في المسائل التي تعيق التنمية في الولاية، ولكننا للأسف نفتقر إلى ذلك وأصبح دورهم ضئيلا جدًا حتى لا نكاد نسمع عن المترشح شيئاً بعد الانتخابات ويختفي ذكره إلى أن تبدأ فترة الترشح للانتخابات مرة أخرى.

لقد قال الشباب الذين حاورتهم إنهم ربما لن يشاركوا في التصويت لأن صوتهم لن يحدث فرقًا،ولأن الانتخابات تغلب عليها المحسوبية والقبلية، وكذلك بسبب عدم تنفيذ وعود المرشحين المتمثلة بالمشاريع والإنشاءات التي يعدون بها من يرشحونهم. وقليل جدا منهم قال لو وجد من يستحق صوته سوف يشارك، وإذا لم يجد فلن يمنح صوته لمن لا يجده جادًا وساعيًا لخدمة ولايته وسكانها ووطنه.وبالتالي لا ينظر هؤلاء الشباب لعملية الانتخاب على أنها حق من الحقوق الوطنية وواجب وطني في نفس الوقت، وأنها عملية تساعد في تطوير الوطن، وبالتالي. لا بد أن يكون لهم دور فيها يتمثل في اختيار الأكفاء لتحمل أعباء هذه المهمة الجسيمة لإيصال أصوات المواطنين للجهات الحكومية، فهو في الأول والأخير مسؤولية وواجب قبل أن يكون كرسيا ومنصبا.

ولم أجد من الشباب الذين استطلعت رأيهم إلا شاب واحد كان رأيه مختلفاً فهو من المهتمين بشأن الشورى ومتابع لأحداثه، ويبرر ذلك من وجهة نظره بقوله: أهتم للمجلس وأتابعه لأنّه يعتبر أحد جوانب السلطة التشريعية في السلطنة ولابد من إعطائها حقها والاهتمام بها. لذا فأنا أهتم بمتابعة ومعرفة الكثيرعن قانون انتخابات مجلس الشورى لمعرفة الشروط التي يجب أن تتوافر في كلٍ من الناخبين والمرشحين، بالإضافة إلى موعد القيام بالعملية الانتخابية والإجراءات الواجب اتباعها في حالة التعادل في عدد الأصوات واختصاصات المجلس وهكذا...

ويضيف أن المجتمع يتداخل عليه فهم مهام مجلس الشورى الفعلية، ويخلط بين اختصاصات مجلس الشورى والدولة بل ويعتقدون أن عضو مجلس الشورى عليه أن يوفر العديد من الخدمات لمناطق الولاية كتوصيل الطرق المعبدة وتوصيل شبكات الاتصال، وممكن أن نعزو ذلك إلى الوعود التي يقدمها بعض المرشحين لسكان الولاية حتى يصوتون لهم، كبناء بعض المنازل للمستحقين من ذوي الدخول المنخفضة، وبناء المراكز الصحية والمساجد وغيرها.. وفي الواقع أن هذا كله لا يدخل في اختصاص عضو مجلس الشورى؛ فمجلس الشورى في الأساس يعد سلطة وهيئة تشريعية وليس خدمية.

وخلاصة القول أن انتخابات الدورة الثامنة تمثل حلقة مهمة من حلقات تعزيز المواطنة المسؤولة وذلك بصناعة فكر الشباب لنُحدثَ انتقالا واعياً إلى النهج المؤسسي، وإلى التعبير عن المسؤولية بدلاً من اللامبالاة التي لا تساعد على دعم المسار الديمقراطي في عمان والذي يمثل الشورى أداته المهمة، خاصة وأننا نلمس ضعف ثقافة الشباب فيما يخص مجلس الشورى والعمل السياسي المجتمعي من ناحية، وفقدان ثقة الشباب بالمجلس ودوره من ناحية أخرى؛ وبالتالي لابد من العمل عن قرب على توعية الشباب في مختلف مؤسسات التعليم العالي والأندية والتجمعات الشبابية، وعلى أعضاء المجلس أنفسهم فهم اختصاصاتهم الحقيقية وبناء حملاتهم الدعائية على أساس صحيح يتوافق مع وعي الشباب وتطور ثقافتهم لإعادة بناء ثقة الشباب بأهمية دور أعضاء المجلس؛ وذلك من أجل المشاركة الواعية والتعلم من هذا المسار بتعزيز القيم الوطنية الديمقراطية التي تعمل من أجل الوطن.


[1]

تعليق عبر الفيس بوك