ترقيعكم لا يطور السياحة

خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

أتذكر أول مرة ذهبت إلى محافظة ظفار في عام 1997 بحثا عن ساعات جميلة مع الرذاذ الخفيف الذي يغسل القلوب ويمحو عنها كدر التعب والإرهاق وفي نفس الوقت كان لي تسجيل ذكريات رائعة في ذلك الموسم الذي جعلني أعشق الخريف وأتوله به، فالأجواء الاستثنائية لموسم الخريف تشد الجميع للاستمتاع به وتكرار المسير لهذه المحافظة الرائعة بجمال ناسها وأخلاقهم قبل المكان، ومنذ ذلك التاريخ جربت الطريق المؤدي للمحافظة عدة مرات انطلاقا من محافظة شمال الباطنة وكل عام أقطع هذا الطريق أجد إعمال الصيانة والترقيع مستمرة.

والترقيع أصبحت سمة هذا الطريق فلا تمر فترة إلا ونسمع عن مناقصات لتأهيله فلا الترقيع ينفع ولا الحوادث تقل ولا السياح ومرتادي الطريق يشعرون بالأمان سواء من الداخل أو الخارج فالعابرون في هذا الطريق يقطعون مسافات طويلة وسط صحراء قاحلة ولا يتنفسون الصعداء إلا عند مشارف ولاية ثمريت لترتاح النفوس وتهدا برؤية الجمال الرباني وبإطلالة عروس بحر العرب، والتي ترحّب بزوارها وضيوفها وتكرمهم بعبق اللبان وتفتح أذرعها لهم ليستمتعوا بموسم الخريف الذي هو مهوى النفوس في السلطنة وفي الخليج العربي، ويستمر السائح في نسيان معاناة الطريق طيلة الأيام التي يقضيها مستمتعًا بالأجواء الممطرة والرذاذية والعليلة وما إن يحين الوداع حتى تنقلب القلوب وتضيق النفوس وفي لحظات وبعد النقطة الفاصلة بين الخضرة والجمال والصحراء الفاصلة ترجع معاناة طريق أدم - ثمريت والذي استبشر الناس به خيرًا عندما سمعوا عن نية وزارة النقل والاتصالات عمل ازدواجية لهذا الطريق حتى أن أحدهم أسر إليّ قائلا إن هذا الخبر من أهم الأخبار والأحداث التي ستجعل أهالي السلطنة مسرورين من أقصاها إلى أقصاها وهو أجمل خبر سمعته خلال السنوات الماضية.

وهذه الأمنية والحلم محل شغف واستحسان أغلب السياح والعاملين في محافظة ظفار من سكان المحافظات الأخرى والعاملين من أبناء المحافظة في محافظة مسقط والمحافظات الأخرى والذين يترددون بشكل مستمر على أعمالهم كما أنّها أمنية لشريحة كبيرة وواسعة من عشاق خريف ظفار فهناك من يقطع طريق أدم- ثمريت أسبوعيًا والبعض شهريًا وآخر لم يفته الخريف منذ عشرات السنين فهل تعيد وزارة النقل والاتصالات الابتسامة إلى الشفاه وتبدأ في تنفيذ المشروع الحيوي بعد أن تعب المرتادون من ترقيع الطريق الذي زهقت على أسفلته عشرات الأرواح هذا الموسم والأرقام في تصاعد.

إنّ كثرة الوفيّات على هذا الطريق رغم التوسّعات الهامشيّة التي طرأت عليه وتوسعته نوعا ما لابد أن تكون محل نظر وتوقف تقف عليها بالأخص وزارة السياحة وقفة صادقة وكل الجهات المختصة كشرطة عمان السلطانية ووزارة النقل والاتصالات لأن السياحة لا تتطور مع عدم توفر الخدمات الضرورية لها والتي من أهمها وسائل النقل المختلفة ومع اقتصارنا على الطرق فأنها لابد أن تكون متطورة ومزدوجة وواسعة وتعمل على توفير أقصى وسائل السلامة والأمان ولا يمنع أن تُقام طرق حديثة سريعة كالتي توجد في الكثير من الدول السياحية مقابل رسوم مادية رمزية جدًا مع استمرار هذا الطريق لمن يرغب في السير فيه وهي سياسة موجودة في عدة دول سياحية كخيار آخر لمن لا يرغب في استخدام الطرق السريعة الحديثة.

إنّ على وزارة السياحة وهي تضع استراتيجيّتها التي أعلنت عنها قبل أشهر أن تضع هذا الطريق ضمن الأولويات التي يجب أن تنفذ من قبل وزارة النقل والاتصالات والتي تنفذ حاليًا مشروعات عملاقة في مختلف محافظات السلطنة ولابد لوزارة السياحة وهي تعمل جاهدة لإنجاح موسم الخريف من توجيه خطاب سريع لمجلس الوزراء الموقر للتعجيل في اتخاذ قرار ازدواجية طريق أدم- ثمريت وأن يكون هذا في القريب العاجل فالمصلحة العليا لواقع السياحة في محافظة ظفار يتطلب وبصورة سريعة تنفيذ هذه الإزدواجية لتتوافد الوفود العمانية والخليجية لعروس بحر العرب وهي تحمل في طيّاتها عبق اللبان الظفاري ولينعم الجميع بأجواء استثنائية جميلة ويرجعوا إلى أهلهم سالمين غانمين، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك