جورجيا.. سياحة ولقاء سوبر

حسين الغافري

زادتْ الرحلات السياحية من قبل العرب، خصوصاً الخليجيين، إلى جورجيا في الآونة الأخيرة؛ نظراً لما تملكه من مقومات سياحية وطقس معتدل وطبيعة خضراء جاذبة للاستجمام والاستمتاع. وهنا، لست بصدد الترويج، وإنما هو الواقع الذي ألهم الكثيرين في تحويل رحلاتهم واستكشاف العالم الواسع. ولعلَّ البحث عن قضاء الوقت بأجواء الطبيعة الخلابة ألهم الكثيرين لتحويل وجهات رحلاتهم صوب جنوب بلاد القوقاز لتلك الدولة الجمهورية التي يحدّها البحر الأسود من الغرب ويجهل الكثيرون موقعها على خريطة العالم قبل اللقاء الذي ينتظرها بعد أيام؛ لهدوئها وبعدها عن الأحداث السياسية التي تسيل حبر الأقلام والصحف بشكل متسارع ومُزعج للطمأنينة. ولعلَّ حدثًا كمباراة عملاقة لكأس السوبر الأوروبي هذا العام سيضع الأعين مُتركزة بشكل أوسع على العاصمة الجورجية "تفيلس" التي شمّرت على سواعدها بتجديد ملعب المباراة بما يصل إلى 9 ملايين يورو وزيادة طاقته الاستيعابية لما يفوق الخمسين ألف مقعد. ولعل الإشراف المباشر من رئيس الوزراء الجورجي "ايراكلي جارياشفيلي" بنفسه على أعمال استضافة القاء يُثبت أهمية الحدث لجورجيا اقتصاديًّا وسياحيًّا، وللترويج المباشر للبلاد من مباراة كلقاء السوبر مؤكد بأنها ستحظى بتغطية إعلامية واسعة النطاق عالميًّا.

.. لقاء السوبر يدخل هذا العام للمرة الثانية توالياً على أن يكون إسبانيا بامتياز بعد العام الماضي الذي كان بين ريال مدريد الملكي وأشبيليه.. وهذا العام بين برشلونة وأشبيليه، وهو خير مثال على صحوة الكرة الإسبانية وتفوقها على الصعيد الأوروبي، ونهضتها على مختلف الأصعدة قارياً.

فأشبيليه الفريق الإسباني العريق يدخل هذا اللقاء بطموحات كبيرة وطموحة في لقائه أمام برشلونة. فريق أثبت علو كعبه وتألقه على الرغم من عدم ثبات الأسماء التي يمتلكها وتجددها باستمرار، وهي السياسة التي ضمنت له القيمة السوقية العالية والأرباح الضخمة والحضور الكبير في الأعوام الأخيرة في أدوار متقدمة لبطولة الدوري الأوروبي وضمنت له فرصة لشق فرصة التواجد بعيداً في البطولة الأعرق والأغنى هذا الموسم -دوري أبطال أوروبا.. شراء وانتداب مواهب بقيمة بسيطة وصقلهم والرهان على جودتهم من خلال إتاحة الفرصة لتألقهم ليكونوا على رادارات الأندية الكبرى أو "الحيتان الضخمة" -كما يتم وصف قدرتهم المادية الهائلة- في أوروبا ولعل البرازيلي باكا المنتقل إلى ميلان الإيطالي مثال جيد لذلك هذا العام، أو حتى الكرواتي راكيتتش نجم برشلونة في العام المنصرم. وإذا ما تحدثنا عن برشلونة وأشبيليه على صعيد سوق اللاعبين، فإنَّ النادي الكتلوني كان متسوقاً بارزاً من النادي الأندلسي في أواخر الأعوام في صفقات عملاقة حدثت؛ أهمها: البرازيلي الطائر داني ألفيش، والمالي سيدو كيتا، والبرازيلي الآخر أدريانو كوريا، وكما تحدثنا أيضاً عن راكتتش وآخرهم قبل شهرين من الآن الظهير الأيمن الإسباني أليكس فيدال.

وبالحديث عن اللقاء فنيًّا وورقيًّا، تبدو كفة برشلونة راجحة بطبيعة الحال؛ نظراً لقوة المجموعة وجودتهم على المستوى العالمي، ولكن لا تبدو الحسابات الورقية ناجحة باستمرار؛ فالكرة عطاء وتكتيك وصراعات داخل صراع التسعين دقيقة وهو ما حدث بشكل متكرر في الليجا خصوصاً، وآخره التعادل على أرضية أشبيليه بهدفين لمثلهما على الرغم من تقدم برشلونة بالثنائية الأولى مبكراً. ما سيراهن عليه انريكي المدير الفني للفريق الكتلوني هو حماس زملاء ميسي وإصرارهم الذي ضمن لهم ثلاثية العام الماضي ومثلث الرعب في خط المقدمة، وقد أظهروا نوايا كبيرة في الذهاب بعيداً وحصد السداسية التاريخية بعد سداسية عام 2009م. ولعل اللقاء الودي أمام روما الإيطالي ضمن كأس غامبر الودية على أرضية الكامب نو والفوز بثلاثية بيضاء أظهر عن تلك النوايا العالية للفريق.

روما لم يتمكن من إزعاج برشلونة طيلة المباراة بينما تفنن الثلاثي المرعب الموصوف بالـMSN في إهدار الفرص السهلة وكسب اللقاء بأبسط جهد ممكن.

... لقاء السوبر مُحال أن يكون كلقاء روما الأخير، ليست الظروف ذاتها وليست الأرضية في صالح طرف معين ولا الجمهور، ولا حتى اللقاء سيكون بالوصف ذاته.. بجورجيا اللقاء رسمي وبلقب رسمي كبير سيقص طريق إما برشلونة أو أشبيلية في استهلال الموسم الجديد بخير ما يكون. لقاء ناري ومعقَّد فعليًّا ويصعب التوقع بنتيجته على الرغم من أن البعض يرى أن برشلونة بمهمة سهلة نحو السداسية وهو ما لا أراه كذلك! لقاء كبير في جورجيا التي ستكون الرابح الأكبر من اللقاء كما قلنا من توجّه ملايين الأعين نحوها، ولا غرابة أن سجلت معدلات سياحة أكبر في قادم الوقت.. اللقاء سيكون كمفتاح جذب في استثماره خير استثمار للبلد.. فمن ستبسم له جورجيا بـ"السوبر".. برشلونة أم أشبيليه؟ّ دعونا ننتظر ونرى.

تعليق عبر الفيس بوك