الثقافة الأمريكية


فايزة الكلبانية

الحديث عن الثقافة الأمريكية اليوم يعد مبالغة لكون الكثيرون على اطلاع على ما تتميز به الحياة في أمريكا، ولكن في سطور زاويتي اعتدت أن أعيش تفاصيل تجربتي مع الدولة التي أزورها وما تتميز به.. وما المختلف لنأخذ المفيد ونترك ما غير ذلك..ى كل ما يدور في مخيلتي أنني بمجرد أن أخرج من مطار نيويورك سأرى عالم هوليوود الذي صورته لنا الأفلام من مراكز تجارية ضخمة وتملأ المصابيح جميع أروقة الشوارع والجسور.. ضخامة البنيان.. وزحمة المكان بالمارة..العصابات والمواقف اليومية التي تحدث في الأروقة كمشاهد الجرائم والعنف والضرب.

***

بطبيعة الحال البعض يرى أن " أمريكا هي الغرب" وأكاد أجزم بأنّ الغالبية العظمى من الناس كبارا وصغار.. شيبًا وشبابا ومن كلا الجنسين يرون بأن السفر إلى أمريكا هو الحلم الكبير والذي يتطلب الكثير من الجهد والمال لتحقيقه.. والوقوف على أرض أمريكا بمختلف ولاياتها المتعددة.. وأنا واحدة من هؤلاء البشر حيث كان وقوفي على أرض هذه الدولة حلما يراودني كغيري.. واليوم أصبح واقعًا أعيش أجمل لحظاته في سباق مع عجلة الزمن لألتقط صوره هنا وهناك لأخلدها للذكرى مع مرور الأيام. .ومنها ما اكتفي بالتقاط ملامحها وتخزينها في سجل الذكريات بذاكرتي الخاصة.. تارة وأنا في وسط ملامح الحضارة الشامخه والأجواء الماطرة يراودني شعور وكأنني في حلم جميل رافقني منذ أن وعيت على الدنيا وعلمت بأنّ هناك عالما آخر بعيدًا عن عالمنا المعتاد.. ولكنني أفيق على وقع حبات الأمطار المتساقطة والبحيرات التي يحيط بها بنيان يحمل بين جنبات معالمه المتعاقبة ملامح أرقى الحضارات.

***

في أمريكا أعجبتني بساطة الحياة وبشاشة الشعب بالرغم من علمهم بالاختلافات الدينية والسياسية والأمنية إلا أن المسلم وغير المسلم يجدون احترامهم وبالتأكيد بابتسامة تسبق خطواتهم.. في أمريكا يمكننا أن نسير في الشوارع والطرقات الممتدة، وغالبا ما نجد أن أمريكا تجمع كثير من شعوب العالم بمختلف الجنسيّات والعادات والتقاليد فتشعر بأنك في أقصى ما وصلت إليه الحضارة الغربيّة، وما إن ننتقل إلى شارع آخر أو ولاية أخرى وكأن رحالنا حطت في عالم آخر كشرق آسيا فجأة.. وما ننتقل إلى شارع ثالث أو ولاية أخرى حتى نشعر وكأننا فى أوروبا، ويقودنا الشارع الرابع ليشعرنا بنوع من التآلف والشوق والحنين لأرض الوطن لكوننا نسير في الشوارع المزدحمة بالجنسيّات العربية عامة والخليجيّة خاصة.. ولذا نجد أنّ أغلب دول العالم وتشجيعًا لنشاط السياحة نتيجة لكثرة ارتياد السياح أو الدارسين أو المغتربين يسمون الشوارع التي تشهد إقبالا من العرب بـ"شارع العرب".

**

كثيره هي المفارقات بين بلداننا العربية عامة وعمان خاصة مقارنة بالحياة في أمريكا.. في بلادي نجد أنّ "القطط والكلاب" من الحيوانات غير المرغوبة لدى الناس إلا قليلا.. أما في حياة الإمريكيين فنادرًا ما تجد أمريكيًا لا يقتني حيوانًا أليفًا في منزله، أو يصطحبه معه في الشارع.. وأثناء ممارسته لرياضة المشي وغيرها.. ولذا فنجدهم يعاملون الحيوانات كفرد من أفراد العائلة يُحظى بالعناية والاهتمام عند الضرورة.
نحن  كعرب نجد متعتنا الأكبر متركزة في رياضة واحدة لها الشعبية الكبرى بين شبابنا بشكل عام وهي (كرة القدم).. وبطبيعة الحال لدى الأمريكيين نجد العكس.. حيث إنّ كرة القدم التي يدمن عليها شباب بلادي، تحظى بشعبية متدنية للغاية في الولايات المتحدة، وينظر إليها الأمريكيون كما تنظر أنت إلى لعبة التنس.. ويعتبرونها رياضة فرعيّة سخيفة، ويتعجّبون لماذا يهتم بها العالم كله لهذه الدرجة.. بينما نجد أن المشي والسباحة وكرة السلة وغيرها تشهد الحيز الأكبر من اهتمام شعب أمريكا...
هنا في هذا العالم الجميع في انشغال تام.. وكأن ليس لديهم متسع من الوقت للفراغ.. والاعتماد على النفس في أدق التفاصيل اليومية حتى محطات البترول صاحب المركبة ينزل بنفسه لتعبئة سيّارته من المحطة.. عند التسوّق بنفسك تستخدم آلات المحاسبة.. بعد الانتهاء من الأكل بأي مقهى لابد من تنظيف الطاولة خلفك وغيرها من الأمور الكبيرة تلك التي قد نعيش تفاصيلها اليوم في واشنطن ونيويورك.

***

الجميل نجد كثيرًا من عادات ديننا الحنيف يتّصف بها شعب أمريكا في تعاملاته اليومية.. مرحون يبتسمون ويبادلونك التحية والابتسامة.. والجميل أيضا نجد كثيرا من أبناء العرب من مختلف الجنسيّات يقصدون أمريكا طلبًا للعلم والدراسة بمختلف مراحلها.. ففي أمريكا وغيرها من دول العالم المتقدم تتعجب من تطورهم التقني نتيجة لاستخدامهم التكنولوجيا في شتى أمور الحياة.. والأجمل تجد شبكة الانترنت الـ"الواي فاي" مفتوحة مجانًا بدون الحاجة لإدخال أرقام سرية وما شابه.. شعرت بنوع من الغيرة عندما رأيت العدد الهائل من المكتبات المليئة بأنواع لا تعد ولا تحصى من الكتب والتي تفتقر لها بلادي.. فهكذا نشجع أنفسنا وأطفالنا على حب القراءة وغرسها منذ الصغر.

Faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك