الكرة.. في مهب الريح

أحمد السَّلماني

قضيتان مهمَّتان تشغلان الشارع الكروي بالسلطنة هذه الأيام؛ وهما: انطلاقة الدوري وتنظيم كأس الخليج.. فالأولى هي هَمُّ عُماني خالص، في حين يتشارك أبناء المنطقة الخليجية في القضية الثانية. وأوجه التشابه بين القضيتين تكمُن في أنَّ مواعيد الانطلاقة تأتي حسب الأهواء والظروف، وليس وفق روزنامة متفق عليها سلفا.

فدوري المحترفين لدينا قد تم تقديم موعد انطلاقته، وعلى غير موعده المعتاد، ولما يقارب الشهر؛ من أجل عيون المنتخب بطلب من المدير الفني له الفرنسي لوجوين، الذي فكَّر في الموضوع من جانب واحد، وارتقى بالأمر وبما يصب لصالح الأحمر في مشوار استعدادته للتصفيات المزدوجة لكأس العالم والنهائيات الآسيوية، وهذا من حقه لضمان دخول اللاعبين في أعلى معدلات فورمة اللياقة البدنية، ويبدو أنَّ الرجل واتحاد الكرة يسعيان لضمان التواجد القوي في التصفيات، كما تأتي هذه النظرة "الأنانية" نتاجا لحالة الضغط الشديد التي تواجه مؤسسةالاتحاد من تياري الإعلام والشارع الكروي لأن يحقق المنتخب تطلعاتهما نحو وقف مسلسل تراجعه في التصنيف وضمان عودة الكرة العمانية لجماليات أدائهاكما كانت عليه الحال في العقد الأول من الألفيةالحالية؛ فتطور الكرةفي أي دولة يُقاس بمدى الحضور الذي يمثله المنتخب وهو ما ينشده الفرنسي ومعه مؤسسة الاتحاد، في محاولة مستميتة وتسابق مع الزمن لتلميع صورة المنتخب بتحقيق النتائج الإيجابية التي تعيد للمنتخب بريقه المضمحل، وماتراجعنا إلا نتاج حقيقي لحالة من عدم الاتزان في المعادلة مابين الدوري والأندية من جهة، والاتحاد والمنتخب من جهة أخرى، ولن تتزن هذه المعادلة إلا بجلوس جميع الأطراف إلى طاولة واحدة، ويبدوأنَّاتحاد الكرة قد اتَّخذ هذه الخطوة وجلس مع الأندية ونقل وجهة نظر المدير الفني للمنتخب في تقديم موعد انطلاقة الدوري، ووافقت عليه الرابطة "على مَضَض"، ولكن يبدو أنَّ الحضور ومناقشة أمور فنية -وكعادتنا- لا تتم من خلال فنيين متخصصين، بل من زُمرة من الإداريين. وهنا: رسالة مهمَّة إلى القائمين على الكرة العمانية أن تمنح الفرصة للوجوين وأجهزة المنتخبات الفنية الأخرى للالتقاء بالأجهزة الفنية بالأندية قبل بداية كل موسم في ورشة فنية بحتة -كحال الورش التي تعقد للحكام وللأندية- لطرح همومهم؛ فهم الأقرب للوضع وهم المتواجدون في الميدان وقريبون جدًّا من اللاعبين وقضايا وهموم الكرة؛ وبالتأكيد فإنَّهم سيخرجون برؤية موحدة وببرامج تدريبية تخدم المنتخب والأندية في آن واحد. وعلى ضوء مخرجات هذه الورشة، يتحدَّد كل شيء، ويرفع للإدارات للتعامل معه؛ فالمساران الفني والإداري متلازمان، وغالبية الأندية أنهت تعاقداتها الفنية مع المدربين في نهاية يونيو وبدايات يوليو، وفي حالة تعذر ذلك، فإنَّمديري الفرق هم أيضاء قادرون على سد مثل هذ الفراغات، وأؤكد مجددا أنَّ عودة اللمسة الجميلة والنتائج الإيجابية لمنتخباتنا -خاصة الأول، الذي هو عنوان الكرة العمانية ومرآتها- إنما يمر من خلال هذه الورشة.

واليوم.. وبعد إقرار موعد انطلاقة الدوري في 19 من أغسطس، وقبله مباراة السوبر بين العروبة وفنجاء في 14 منه؛ فقد ظهرت مطالبات -وبعضها قدمت بشكل رسمي لإتحاد الكرة- بتأجيل المناسبتين لعدم جاهزية فرق الدوري، والتي -وفي غالبيتها لم تنهِ بعد وبشكل كامل تعاقدتها مع اللاعبين، فضلا عن البداية المتعثرة والخجولة لتجمعها، ورحم الله أيام الطيبين عندما كان الولاء لفانيلة النادي- لا تمر من خلال ورقة التعاقدات، وإنما من خلال عشق خالص وتأتي الأمور المادية بعد ذلك، وبالتالي فإنَّ إصرار اتحاد الكرة على انطلاقة الدوري في موعده يعني بداية ضعيفة له.

الموضوع الثاني الذي شغل -ويشغل- بال الشارع الكروي في المنطقة هو الزوبعة التي تأبى إلا أن تفتعلها بطولة كأس الخليج قبل كل بطولة، والتجاذبات الكبيرة التي تسبق إنطلاقتها بعد حالة عدم الرضا التي سادت أُولي النهى بعالم كرة القدم الخليجية من الاستعدادت العادية التي أبدتها دولة الكويت ومدى جاهزية البنية الأساسية لاستقبال وتنظيم بطولة بحجم الزخم الإعلامي لكأس الخليج، في نسختها الـ23بالكويت؛ حيث إنَّ الاجتماع القادم يوم 3 أغسطس الحالي سيكون يوما مفصليا في شأن تنظيمالبطولة في ديسمبر المقبل من عدمه، بعد المهلة التي مُنحت للاتحاد الكويتي لكرة القدم لعرض ملف تفصيلي يتحدث عن جاهزية الكويت لاستقبال الحدث الخليجي المهم، والذي يستمد أهميته من تاريخ البطولة العريق؛ حيث -ورغم كل الرياح التي كادت تعصف بالبطولة- صمدتْ، وهي البطولة الأعرق في المنطقة؛ وبالتالي يسعى الخليجيون لبقائها، بل ويستميتون في ذلك، وهنا نقول: متى سيتم اعتماد تاريخ محدد لهذه البطولة؟ ومع رحيل سيب بلاتر، لِمَ لا يضغط الخليجيون على المترشحين لرئاسة الفيفا في الانتخابات المقبلة للاعتراف بها وإدخالها ضمن روزنامة الفيفا لضمان بقائها واستمراريتها، وأن يتأهل من خلالها البطل للنهائيات الآسيوية مباشرة مثلا أسوة بما حدث ويحدث مع بطولة التحدي الآسيوية.. أسئلة أطرحها على اتحاد الكرة ليحملها بدوره إلى أشقائنا بمجلس التعاون الخليجي والعراق واليمن السعيد، إن كان سعيدا فعلا.. خفف الله كربته!

تعليق عبر الفيس بوك