عمارة المساجد وصيانتها.. تقرُّب إلى الله ومساهمة في لم شمل الأمة

زكي الرُّمحي *

لا يزال المسجد مناراًوملاذاً تهوي إليه أفئدة الناس، وتقصده في اليوم والليلة خمس مرات لأداء الفروض الخمس.. وإنه لمن المناظر التي تشدُّ المرء عندما يرى أن المسجد يتوسط كل حي سكني، وهذا هو نظام العمارة الإسلامية، بوضع المسجد في منتصف الأحياء السكنية. وبعد ذلك، تطوَّر المسجد من دارٍ صغير للفروض الخمس إلى جامع يحوي مكتبة أو قد يشمل مصلى للنساء، أو مدرسة لتدريس وتحفيظ القرآن الكريم، وبه محلقات ولوازم أخرى، كدورات المياه وبعض المحلات التجارية التي تمثل عائداً مادياً يستغلُ لصالح المسجد، فلله الحمد والمنة، ثم الشكر لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي لم تألُ جهداً في عمارة المساجد وصيانتها والمحافظة عليها، ورعاية شؤونها والوقوف بشكل دائم ومستمر لصالحها.

ومع مرور الزمن، وكما هو ملحوظ نتيجة بعض العوامل والمتغيرات الاجتماعية -والتي من أهمها: التوسع العمراني نتيجة زيادة عدد السكان- فقد توسع المسجد وارتقى ليغدو جامعاً، تُقام فيه صلاة الجمعة، أو بعض المحاضرات والدروس الدينية، على أن كلَّ جامع مسجد وليس كل مسجد جامعا،ويبقى المسجد مُلتقى الناس اليومي وجامعهم؛ فقد لا نلتقي بأي فرد من أفراد الحي السكني لأي سبب كان ولكن بكل تأكيد ستجده في المسجد وقت الصلوات.

لذا؛ علينا أن نعي تلك الأهمية الكبرى للمسجد وما يمثله من كينونة من حياة الإنسان المسلم؛ وذلك بأن نحافظ عليه، ونعتني به ونراعيه في كل شؤونه واحتياجاته، ولله الحمد والمنة نرى الكثير من الناس على مر العصور، خاصة الشباب في الوقت الحاضر ممن وعوا وأدركوا، بل والتزموابالأمر الرباني وطبقوا الصفة الواردة في الآية (18) سورة التوبة، وساروا على نهج الأُول من الرعيل المتقدم من الأجداد والآباء بعمارتهم للمساجد من خلال المواظبة على إقامةِ الصلاةِ فيها، ومن خلال صيانتها ورعايتها إلى حد أن بعضهم قد تعلق قلبه بالمسجد، ونال وحاز شرف ظل رحمة الله يوم القيامة كونه قد أصبح من الذين يظلهم الله في ظل يوم لا ظل إلا ظله، وما ذلك إلا دليل إيمان ثابت متعلق ومتمكن من القلب، لِيُتَرجمَ بالفعل والسلوك.

* رئيس قسم المكتبةبـ"الأوقاف"

تعليق عبر الفيس بوك