"خدمات الموانئ" تواجه "شبح الإغلاق" مع تهاوي الأرباح وضعف عمليات الشركة.. و38.7 مليون ريال في مهب الريح

◄ تقرير الشركة يتحدَّث عن "عمالة وطنية فائضة عن الحاجة"

◄ الشركة تواصل "استكشاف الفرص الأخرى" لمواجهة تراجع العمليات

الرُّؤية - نجلاء عبدالعال

تُواجه شركة "مؤسسة خدمات الموانئ" صعوبات غير مسبوقة في إدارة عملياتها، لاسيما مع تهاوي أرباح الشركة التي لم تتجاوز الـ73 ألف ريال في الستة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة مع 3.9 مليون ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي، علاوة على ضعف أو توقف -على الأرجح- أنشطة الشركة، ما يُنذر بوضع كارثي يهدد باقتراب شبح الإغلاق او الإفلاس، لتكون بذلك 38.7 مليون ريال وهو رأس مال الشركة في مهب الريح.. دون أن تتحرك الجهات المعنية.

وما يزيد من خطورة الموقف أنَّ الأرباح الضئيلة المعلنة عن النصف الأول من هذا العام، جاءت من استثمارات للشركة لا تدخل في صلب عملها كشركة لتقديم خدمات المناولة...وغيرها من الخدمات المرتبطة بعمل الموانئ.

وما يُثير الاهتمام إزاء هذه الشركة أنَّها مساهمة عامة، يمتلك المستثمرون الأفراد فيها نحو نصف الأسهم؛ مما يُعرِّض مئات -إن لم يكن الآلاف- من حملة الأسهم لمخاطر مختلفة، فيما تملك حكومة السلطنة بشكل مباشر 35.5% تقريبا من رأس المال، وهو ما يوازي نحو 33.74 مليون ريال عماني، إضافة الى 4.75 مليون ريال مملوكة لصندوق تقاعد شرطة عمان السلطانية.

بداية الأزمة

والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة في هذا الإطار: هو كيف آل مصير هذه الشركة العريقة إلى هذا الوضع؟! وللإجابة عن هذا التساؤل، نعود إلى بدايات تأسيس الشركة التي أنشأت بموجب مرسوم سلطاني في ذكرى العيد الوطني في 17 نوفمبر عام 1976، كمؤسسة حكومية لتقديم الخدمات اللوجستية في ميناء السلطان قابوس -الذي كان الميناء الرئيسي للسلطنة آنذاك- ومن ثمَّ تطوَّرت أعمال الشركة وارتفعت إيراداتها وكذلك أرباحها، مع تزايد إقبال السفن وانتعاش الحركة التجارية في السلطنة، وبلغت إيرادات الشركة التشغيلية في العام 2013 وحده 22.66 مليون ريال، وسجل صافي ربح الشركة 6.3 مليون ريال، وعاد ذلك بالنفع على خزينة الدولة بـ5.6 مليون ريال كرسوم امتيار وضريبة دخل.

لكن، ومع بدء العمل في ميناء صحار وقرار نقل الانشطة التجارية من ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار، تبدَّلت الأحوال وبدأت أعمال الشركة في التقلص، خاصة -وبحسب مسؤولين- وأن مصيرها لم يؤخذ في حسابات خطة نقل الأنشطة التجارية، فلم يكن لها حضورا مثلا كشركة ذات خبرة لإدارة ميناء صحار ولو بالشراكة، ولم يوضع لها بدائل بالتصفية قبل الانهيار، وكان كل ما حصلت عليه عرض حكومي لإدارة ميناء خصب، الذي لا تكاد أعماله تصل إلى ربع ما كانت تقوم به من أعمال في ميناء السلطان قابوس.

التقرير نصف السنوي

وبالاطلاع على ما تضمَّنه تقرير مُحمَّد جواد سليمان رئيس مجلس إدارة مؤسسة خدمات الموانئ -وهو أيضا ممثل الحكومة في مجلس الإدارة- من أرقام تعبر بذاتها عن الوضع الذي وصلت إليه الشركة بنهاية النصف الأول من العام، فإن الأرقام تظهر أن الدخل انخفض بنسبة وصلت إلى 86.6% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يهدِّد مئات من العمانيين العاملين في الشركة، بعد أن تخلصت الشركة من العمالة الوافدة بالفعل، على ما ذكر التقرير؛ حيث قال: "ما زلت المؤسسة تتحمل تكلفة العمالة الوطنية الفائضة عن حاجة العمل، كما تواصل المؤسسة الوفاء بإلتزاماتها بصيانة مبنى رئاسة المؤسسة وبعض الأصول الأخرى، وذلك وفقاً لإتفاقية الإمتياز".

ما جاء بالتقرير يشير فيما يبدو أن العمالة الوطنية ذات الخبرة في طريقها للتسريح عاجلا أم آجلا، وليس من المحتمل أن تجد الشركة حلولا، خاصة وقد اضطرت إلى بيع المعدات الفائضة عن حاجة العمل، والتي شملت سيارات وأثاثا منزليا بالمزاد العلني لتغطية جزء من نفقاتها. وبلغ عدد العمالة الوطنية في نهاية 2013 نحو 419 موظفا من ذوي الكفاءة والخبرة، وتقلص هذا العدد إلى 309 مواطنين، وهؤلاء مازال مصيرهم معلقا كما هو مصير الشركة.

وإذا كان الواقع حاليا بهذا الوضع. فإنَّ مستقبل الشركة يبدو أكثر ضبابية، وما ذكره تقرير رئيس مجلس الإدارة لا يزيل غموض المآل، ففيما يخص ميناء السلطان قابوس، قال التقرير إنَّ المؤسسة تواصل تقديم خدماتها للسفن "المستثناة مؤقتا بالوصول إلى ميناء السلطان قابوس" وفقاً لما حددته وزارة النقل والإتصالات، والتي اقترحت من جانبها أيضاً تمديد اتفاقية الامتياز حتى 31/12/2015م، وذكر أنَّ "المفاوضات بين الوزارة الموقرة والمؤسسة لتوقيع اتفاقية التمديد جارية".

أمَّا الطرح الثاني أمام الشركة، فكان إدارة وتشغيل ميناء خصب؛ حيث تلقَّت المؤسسة إفادة من وزارة النقل والاتصالات بأنها ليس لديها ملاحظات على العرض الذي تقدمت به المؤسسة مع شريك إستراتيجي لإدارة وتشغيل ميناء خصب، غير أنَّ الوزارة ستقوم بإبرام اتفاقية إدارة وتشغيل الميناء مع المؤسسة على أن تقوم المؤسسة من جانبها بتعيين الشريك المناسب لها. ولا تزال المؤسسة تناقش هذا الموضوع مع الجهات المختصة، ويتوقع الوصول لاتفاق نهائي قريباً، وفي الوقت ذاته تستمر المؤسسة في الإشراف مؤقتاً على إدارة وتشغيل ميناء خصب وفقاً لمذكرة تفاهم مع الوزارة.

ويبقى عمل الشركة في إدارة الميناء البري بمنطقة جنوب الباطنة اللوجستية، وهو بجانب اختلاف طبيعة عمله عن العمل الذي تتمتع الشركة فيه بخبرة طويلة، فإن تحالف الشركات الذي تقوده المؤسسة مازال ينتظر فتح باب التقديم لإدارة الميناء في شهر سبتمبر المقبل وقد يقبل عرضها أو لا يقبل.

استكشاف الفرص

"استناداً لخبراتها الطويلة في مجال إدارة وتشغيل الموانئ، فإن مجلس الإدارة مستمر في استكشاف الفرص الأخرى التي يمكن للمؤسسة العمل فيها".. هذا ما ختم به مجلس الإدارة حديثه عن مستقبل الشركة، ليبدو وحيدا امام تلاطم الضربات.

ولعل علامة الاستفهام المطروحة في هذا الموقف، هي: كيف تجاهلت دراسات الجدوى التي أعدت خصيصا لنقل انشطة ميناء السلطان قابوس الى صحار، دون النظر إلى مستقبل مؤسسة خدمات الموانئ، كما غفلت الأداء المميز للشركة وما تدرُّه من أرباح وموارد للدولة، علاوة على أموال الحكومة وحاملي الأسهم وصناديق التقاعد المالكة لأسهم أخرى؟!

وستظل أشرعة التساؤلات مرفوعة ما لم يظهر اهتمام معلن من الجهات المسؤولة والمعنية...!!!

تعليق عبر الفيس بوك