الاتفاق النووي ومحاولة تنويم إيران في العسل


علي بن مسعود المعشني

Ali95312606@gmail.com

1- إيران كانت قادرة على صنع القنبلة منذ سنتين ولم تصنعها...

2- إيران عدوتنا ولكنها تفاوضنا وتسمعنا ونسمعها وهي أفضل من حليف لا نسمعه ولا يسمعنا !!...

3- في إيران 35 مليون شاب وشابة وكلهم فرحون بالاتفاق ويقولون شكرًا لظريف

4- وفي إيران مليون من حرس الثورة يهتفون كل جمعة بالموت لأمريكا.. وأنتم الخيار لكم.. فهل تنظرون إلى الـ 35 مليونا الفرحين أم تسمعون المليون الغاضب !!.

5- بإمكانكم أن ترفضوا الاتفاق فلن تخسر إيران شيء ولكن أمريكا ستخسر مصداقيتها وستكسب تعاطف العالم وستثبتون لكل الإيرانيين أننا فعلا شيطان أكبر كما يعلمونهم بالمدارس...

6- العرب خائفون من الاتفاق لأنهم لا يعرفون ماذا يعني الاتفاق أو التفاوض.

7- إسرائيل غاضبة ليس لأن الاتفاق سيء ولكن لأنها تدرك أن خروج إيران من محور الشر إلى المحور الدولي انتصار إيراني أكثر من الاتفاق نفسه..

8- الإيرانيون يعادون أمريكا سياسيا ولكنّهم لا يكفرّونها دينيا !!..

9- تقولون إن ولي الفقيه يقول إن إيران لن تغير سياستها بعد الاتفاق.. فماذا تتوقعون من رجل دين يرى أننا قوة استكبارية وانا معكم في أن كلامه مزعج ولكن لولاه لما حصل الاتفاق فلا أحد يستطيع أن يفعل شيئا في إيران بدون موافقته فلنترك الكلام ونتابع الأفعال...

بهذه النقاط اختتم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رسالته لأعضاء الكونجرس ببلده، ليوقظ بداخلهم العقل ليحتكموا إليه في حال تصويتهم على الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وليضعوا العاطفة والنرجسية جانبًا ومصالح اللوبيات ويغلبوا المصالح العليا لبلادهم واستراتيجيتها الجديدة في المنطقة.

لاشك أنّ الاتفاق النووي المذكور يُعد انتصارًا حقيقيًا للغة العقل والقيم الإنسانية والتي هُجرت منذ عقود خلت في السياسات الغربية، وأستبدلت بلغة الأفيون والعصا، والكيدية والإذعان.. فهو اتفاق جنّب العالم والمنطقة على وجه الدقة احتقانا قابلا للانفجار والتشظي لينال من الجميع وبلا استثناء.

ولاشك أيضًا أنّ منظومة الاقتصاد المقاوم والذي انتهجته إيران بالتوازي مع التعتيم التام على البرنامج النووي ومراحله، خاصة بعد عمليات اغتيال بعض علمائها النوويين إضافة إلى التصعيد الحاد في الإنتاج العسكري النوعي، تغلبت إيران على ورقة الحصار الاقتصادي التي يلوح بها الغرب في وجهها، عله يحقق مآربه وتركع إيران وتسقط كالورقة الذابلة وتخضع لشروطه بفعل تأثير تلك العقوبات، والتي تمثل في حقيقتها قرصنة الدولة حيث تسقط جميع الأخلاق وتغيب الشرائع والأعراف للنيل من الخصم وتحويل البلدان إلى سجون كبيرة تقاتل من أجل الغذاء والدواء.

توافق الغرب وإيران على الملف النووي لا يعني طي جميع الخلافات بينهما وأن يتعايش الذئب مع الحمل كما يتوهم البعض جهلًا، بل إغلاق ملف مؤرق للغرب وتفهم لمصالح إيران وحقوقها المشروعة في الحصول على طاقة نظيفة كالطاقة النووية والتي تُعد الطاقة البديلة للعالم بعد نضوب النفط أو الاستغناء عنه.

كما يحلم الغرب من خلال هذه "الهدنة" مع إيران، إغلاق جبهة مواجهة ملتهبة، وإختراق إيران دبلوماسيًا واقتصاديًا ومن العمق، لتمرير سياسات التنويم في العسل والتي نفذها الغرب في ليبيا بعد طي ملفات لوكيربي والممرضات البلغاريات والمشروع النووي الليبي. فقد اخترق الغرب ليبيا منذ عام 2005م، وركب موجة ليبيا الغد وهو المشروع الطموح للمهندس سيف الإسلام القذافي، حيث أغرق ليبيا بمئات المليارات من الدولارات في الاستثمارات، وبآلاف العناصر الاستخباراتية بمسميات فنية وإدارية، ولجان ومجالس مشتركة، فتحولت ليبيا من أقصاها إلى أقصاها ورشة كبرى من المشاريع العملاقة والبُنى التحتية الضخمة ووكر جواسيس، وأصبحت خيمة العقيد القذافي محجا للمسؤولين الغربيين الطامعين في تنشيط اقتصاداتهم المتعثرة، والبحث عن فرص عمل لشركاتهم العملاقة. وجميعنا يعلم عن سيناريو الإجهاز على ليبيا في عام 2011م.

يحلم الغرب اليوم أن يكرر ذات السيناريو مع إيران وبتفاصيل وأدوات تناسبها، عله يحقق شيئا من مراده في إضعاف إيران أو التأثير في سياساتها، أو تغليب فئات سياسية بعينها وتمكينها من التموضع في مراكز صنع القرار الإيراني تجاه الغرب وحليفه الكيان الصهيوني، فإن لم يستطع ذلك، فعلى الأقل التبصر بمواطن القوة والضعف لإيران من الداخل، في حال حضور الخيار العسكري مستقبلًا وتغلبه على باقي الخيارات.

وفي المقابل تعلم إيران بأنّها ليست ليبيا وليست العراق واللتان حوصرتا من الجوار وتضررتا منه أكثر من الحصار الغربي، كما أن البلدين لم يكونا يمتلكان لبدائل أو اقتصاد مقاوم كحال إيران، أو أوراق ضغط وحيوية سياسية مؤثرة على المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.

كما أن إيران لم تضحِ بـ 33 عامًا من الصمود النموذجي في وجه المؤامرات والحروب والحصار، لتجني الوهن والتبعية والخضوع اليوم، وتعلم بأن مدة الهدنة كافية لها لإحداث تغييرات جوهرية أكبر على الساحتين الإقليمية والدولية من قبل القوى الفاعلية. وتراهن كذلك بأن النجم الأمريكي والغربي في أفول سريع وأن القطبية الواحدة قد ولّت مع بزوغ نجوم مجموعة بريكس والتحالف اللاتيني المتنامي، وبالتالي فاحترازات إيران وتحوطاتها ورهاناتها ستكون أقوى بكثير من رهانات الخصوم فالصراع هنا في مجمله يدور بين حضارة ومدنيات وتاريخ وجغرافيا، والغلبة على الدوام للحضارات والتاريخ على المدنيات والجغرافيا.

قبل اللقاء: من تؤرقه قوة إيران، فليؤرقه وهنه وشتاته قبل ذلك.

وبالشكر تدوم النعم.

تعليق عبر الفيس بوك