زخَّات شهب البرشاويات تتلألأ في سماء السلطنة منتصف أغسطس

د. صبيح الساعدي -

تشهد سماء السلطنة وبعض دول العالم في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مساء يوم 12 أغسطس وصباح يوم 13 أغسطس، تساقطًا لزخات شهب البرشاويات (Perseid meteors)؛ حيث يبدأ تساقط شهب البرشاويات اعتبارا من 17 يوليو ويستمر لغاية 24 أغسطس 2015م، لكن فترة الذروة تكون مساء يوم 12 أغسطس وصباح يوم 13 أغسطس؛ حيث يتراوح عدد شهب البرشاويات المتساقطة في تلك الفترة ما بين 50 و80 شهابا بالساعة الواحدة.

وأفضل وقت لرصد شهب البرشاويات ومعظم زخات الشهب الأخرى هو عندما تكون السماء حالكة بالظلام وهذا يتوقف على مرحلة القمر، وأن من حسن الطالع هذه السنة فهي مثالية لرصد ومشاهدة زخات شهب البرشاويات لان القمر سيكون في مرحلة المحاق.

فعندما تمرُّ الأرض خلال دورانها بتلك البقايا العالقة في السماء من مذنب سويفت تاتل (comet Swift-Tuttle)، الذي تركها في زيارته الأخيرة للشمس عام 1992م (علما بأن المذنب سويفت-تتل يكمل دورته حول الشمس كل 130 سنة)؛ فقسم منها يدخل الغلاف الجوي الأرضي بسرعة تصل إلى ربع مليون كيلو متر بالساعة؛ مما يسبِّب ذلك احتكاكًا مع جزئيات الهواء فينتج عنه بريق ناري والذي نسميه "الشهاب"، وكأنه نجمة ساقطة تجر خلفها ذيلا متوهجا يصل طوله بضعة سنتمترات وغالبا ما نشاهد البريق الناري على ارتفاع 100 كيلومتر فوق سطح الأرض.

وتحدَّث زخات الشهب في أوقات معينة من السنة، وتظهر خلالها مجموعات من الشهب تتعدى المئات أو الآلاف في الساعة الواحدة، بينما يكون الظهور المعتاد للشهب التي نشاهدها مساء كل يوم في حدود شهاب أو شهابين على الأكثر في الساعة، وأغلبها تخلف نيازك بعد احتراقها في الغلاف الجوي. أن حجم الجسيمات المكونة لزخات الشهب صغيرة جداً لا يتجاوز حجمها حجم حبة الحمص (الدنجو) فعند احتراقها تخلف رمادا يبقى عالقا في الغلاف الجوي شهورا وهي بذلك تختلف عن تلك الجسيمات الفضائية التي تخلف بعد احتراقها النيازك التي تصل لسطح الأرض؛ حيث أن حجم تلك الجسيمات يصل في بعض الأحيان إلى حجم بناية تتكون من عشرين طابقاً أو أكثر.

أما تسمية الشهب، فتنسب للمكان الذي كأنه تأتي منه تلك الزخات فمثلا زخات البرشاويات بسبب كونها تأتي من اتجاه رأس الغول "كوكبة برساوس" (Perseus)، والأسديات نسبة لبرج الأسد، والجباريات نسبة لكوكبة الجبار، وزخات شهب القيثارة نسبة إلى مجموعة نجوم القيثارة، والدلويات نسبة لبرج الدلو، والتوؤميات نسبة لبرج الجوزاء (التوأمان)...وهكذا.

وكما هو معلوم، فإنَّ الشهاب هو البريق الناري الناتج من احتراق جسيمات سماوية سابحة في الفضاء الخارجي تدخل الغلاف الجوي الأرضي بسرعة تتراوح ما بين 12 إلى 72 كيلومترا بالثانية؛ اعتمادا على اتجاه دخول تلك الجسيمات بالنسبة لحركة دوران الأرض ونتيجة لسرعتها العالية والاحتكاك الحاصل ما بينها وبين جزيئات الهواء؛ فإنَّ الغلاف الخارجي لتلك الجسيمات يحترق مسببا البريق الناري والذي نسميه شهاباً.

أمَّا المذنبات، فهي أجسام جليدية بعضها يمثل جزءا من مجموعتنا الشمسية ولها حركتها المدارية حول الشمس وتأخذ حركتها المدارية هذه أبعادا متفاوتة وبعضها يتداخل في مدارات الكواكب ككوكب زحل والبعض الآخر يذهب بمداره إلى أبعد من ذلك.

وللراغبين في رصد ومشاهدة هذه الشهب عليهم الذهاب للمناطق البعيدة عن التلوث الضوئي ومراكز المدن، ثم النظر فوق الأفق الشمالي الشرقي بقليل بعد منتصف الليل ولغاية بزوغ الفجر؛ حيث من المتوقع أن يصل عدد الشهب إلى 80 شهاباً في الساعة وقت الذروة ومع مرور الساعات فإنَّ المجموعة النجمية برساوس ترتفع حوالي 12 درجة كل ساعة مبتعدة عن الأفق الشمالي الشرقي باتجاه كبد السماء "سمك إصبع اليد يساوي درجتين".

* دكتوراه بعلوم الفضاء والفلك.

srjas2020@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك