يوليو.. طفلك لا زال طوافًا بشيرا !!

المعتصم البوسعيدي

الطين يملأ "دشداشته"، طفلٌ سمعَ المنادي فطاف يبشرُ كل أحياءَ قريته، بالأمس نهارًا طويل الألم، وليل يزداد بالهمومِ حلكته، "شعبي.. استمروا في عيشكم المعتاد" وغدًا سأصل ولي هدفًا سأروي لكم حكايته، الفجر لاحَ من قبسه، والشمسُ أشرقت بطلته، معًا "أيها الشعبُ" هذا الوطن سيعود كما كان في " المحلِ المرموقِ" سُكنته.

ويأتي يوليو حاملاً حقيقة التاريخ الذي نكرر حديثه ولا نمل، نعيد تفاصيله كأنها لحظة الدهشة الأولى التي نتعرف فيها عن حقبة فاصلة بين واقعين مختلفين بتحولات قادها هذا الذي لملمَ الشتات مخلصًا لله مجتهدًا للوحدة مشرعًا سيفه ضد التمييز، داعيًا للتكاتف نحو بلدًا بات يحمل اسم (سلطنة عُمان) وعلم يحاكي عزائم الرجال وإرث البطولات المجيدة وطبيعة الجمال ورسالة السلام، لم يكن هذا الرجل يحلم الحلم ليقوله؛ بل ليحققه وينشر "ورديته" في كل القلوب التي ما فتأت تحبه يومًا بعد يوم ويزداد حُبها يقينًا ودعاء.

بعد تثبيت القواعد وتأسيس المبادئ والدعوة للمشاركة في البناء، وخلال عامين فقط قدم جلالته ـ أعزه الله ـ استعراض هام لمنجزات النهضة حينها، لم يتفاخر بها بقدر ما استنهض بها النفوس فالدرب كما قال: "شاق وطويل ولكن بالجهد والمثابرة سوف نصل إلى هدفنا بأسرع وقت" وتجلت رعايته الكريمة للشباب منذ الوهلة الأولى تعليمًا وتدريبًا وتنظيمًا لأنشطتهم الرياضية والثقافية والاجتماعية، وبعد مضي أربع سنوات فقط من فجر النهضة وبالرغم من حجم التحديات العظيمة في هذه المرحلة، افتتح جلالته "ملعب الشرطة الرياضي" باكورة هداياه النفيسة للرياضة والشباب "أمل المستقبل وعدة الوطن".

"عُمان اليوم غيرها بالأمس فقد تبدل وجهها الشاحب ونفضت عنها غبار العزلة والجمود، وانطلقت تفتح أبوابها ونوافذها للنور الجديد" والرياضة اليوم غيرها بالأمس فرعاية جلالته ـ أبقاه الله ـ تقوم على رعاية الإنسان، وفي لمحة سريعة نجد مدى ارتفاع الخط البياني لتطوير الشباب ورعايتهم في الجوانب المختلفة، وقد حظيت الرياضة ـ ولا زالت تحظى ـ بالتطوير المستمر حتى يومنا هذا، فعلى المستوى المؤسسي نرى تحول الرعاية الرياضية في هيكلها التنظيمي من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كأول وزارة تعنى بأنشطة الرياضة مع الأنشطة الأخرى إلى إنشاء وزارة شؤون الشباب عام 1976 التي اعتمد جلالته خطتها ـ آنذاك ـ لتنمية الشباب حين أعلن أيضًا موافقته السامية لإنشاء مجمع رياضي كبير عام 1977 هو مجمع السلطان قابوس ببوشر الذي افتتح لاحقًا في عام 1986، كما تتضح هذه الرعاية من خلال تخصيص جلالته العيد الوطني الثالث عشر المجيد 1983 عامًا للشبيبة، ألحقه بعد عقد كامل بعامًا آخر للشباب 1993 أعلن من خلاله عن التوسع في بناء المجمعات الشبابية ، قبل أن تصبح هناك هيئة عامة للرياضة والأنشطة الشبابية، ليأتي بعد ذلك المرسوم السلطاني رقم (120/2004) بإنشاء وزارة الشؤون الرياضية التي بات لها استراتيجية رياضية وطنية معتمدة، كل هذا الخط البياني ـ كما ذكرت ـ يعطي لمحة تاريخية موجزة عن الاهتمام السامي بالشباب والرياضة الذي لم يجف معينه، فجلالته ـ أطال الله في عمره ـ كان حريصًا على ذكر دور النادي في تنمية الشباب وصقل مواهبهم، بل حاثًا على ضرورة تأثيره في سلوكياتهم بإيجاد تربة صحية خصبة تبعدهم عن مهالك النفس وعالة الوجود على المجتمع، وقد انثالت مكرمات جلالته ـ حفظه الله ـ بالأوامر السامية في يوليو المجيد بالذات عام 2013 بتقديم دعم مالي قدره مليون ريال عُماني لكل ناد من أندية السلطنة، هذا المليون الذي لا زال يترقبه الجميع للدفع بعجلة التطوير والارتقاء بالرياضة العُمانية، كما تواصلت رعاية الرياضة من خلال الاعلان عن إنشاء مجمعات رياضية جديدة في كل من محافظة جنوب الباطنة ومحافظة شمال الشرقية واستاد رياضي في محافظة مسندم ومشروع توسعة مجمع السعادة بمحافظة ظفار، والإعلان عن إنشاء ثلاثة عشر مركزًا رياضيًا إضافة لاستكمال البنى التحتية دون تناسي فئة الاحتياجات الخاصة والتي أقيم لها النادي العُماني الرياضي للصم بمرتفعات غلا، مع التأكيد على أهمية زيادة الاهتمام بهذه الفئة ورعايتها ودعمها بصورة أفضل.

وعودة لبدء، فإن يوليو المجيد هو قدر الله ونعمته على عُمان وأهلها في شخص قابوس المعظم، هذا الوالد القائد، المعلم الحكيم، القارئ لصفحات التاريخ، المستشرف لمستقبل البناء السليم، بناء الإنسان قبل العمران، بناء التصالح مع النفس والتسامح مع الآخرين، بناء جسور المحبة لا سدود الكراهية، بناء السلام الذي هو سبيل تحقيق الحياة الكريمة السعيدة، فسلام الله عليك يا يوليو، فلا زال طفلك يطوف في القرى والمساكن بين دهاليز الطرقات، وقد أصبح ذاك "الطين" مسكًا على "دشداشة" ناصعة البياض، لا زال طفلك يا يوليو ينادي مبشرًا: "أبشري قابوس جاء، فلتباركه السماء، أبشري قابوس لا زال يبني للنماء، أبشري وله منا الولاء ولكِ يا عُمان الأبيةَ منتهى السعيَ والانتماء.

تعليق عبر الفيس بوك