السلطنة وإيران.. ماذا بعد الوساطة الدبلوماسية؟!

 

حمود الطوقي

 

دائما ما يتردد اسم السلطنة في المحافل الدولية، إلا أن اللافت هذه المرة تكراره وسط إشادة بدورها الإيجابي في الاتفاق النووي التموزي (يوليو) بين إيران ومجموعة 5+1.. نعم الكلُّ منا -نحن العمانيين- يفتخر ويفاخر بهذا الإنجاز التاريخي الذي أكَّد للعالم نجاحَ الدبلوماسبة العُمانية في حلِّ الكثير من القضايا العالقة والشائكة، ولا شك أنَّ مهندسَ هذه الدبلوماسبة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله.

... ما إنْ وقَّعتْ إيران مع المجموعة الدولية الاتفاق النووي، حتى بدأت الدول الأوروبية بإعلان التقارب مجددا مع إيران، لتعزيز المشاريع الاستثمارية باعتبار الجمهورية الإسلامية واحدة من الدول التي تمتلك كلَّ مقومات النجاح.. الغريب أن إيران أصبحت الآن صديقة للجميع، بعد أن كانت العدو اللدود، وبالتاكيد الصداقة هنا تجيء من مبدأ تبادل المصالح...!

عودا مرة أخرى على الدور العماني في هذا الاتفاق التاريخي؛ فمؤخرا زار وفدٌ عُماني من رجال الأعمال طهران، وتحققت هذه الزيارة برغبة الطرفين بتنمية العلاقات إلى مستويات متقدِّمة، وبعد أقل من شهر من الزيارة استقبل ميناء صحار أوَّل سفن ايرانية تنقل البضائع الإيرانية وعادت مُحمَّلة بالبضاعة العمانية، واستبشر رجال الأعمال والقطاع الخاص العماني خيرا، خاصَّة بمستقبل تنمية العلاقات الاقتصادية، إذ إنَّ السوق الإيراني لا يزال بكرًا، ومنذ أن فُرضت عليها العقوبات الاقتصادية من قبل إمريكا والمجموعة الدولية، ظلت طهران بعيدة كلَّ البعد لسنوات عن المنظومة الاقتصادية، وظل الاقتصاد الايراني حبيسًا منكفئا على نفسه.. وبهذا الاتفاق باتت إيران مؤهلة لقيادة القاطرة الاقتصادية وبجدارة.

ولأنَّ السلطنة كان لها دورٌ بارزٌ في تقريب وجهات النظر، وتضييق الفجوة بين المتفاوضين خلال المحادثات الأخيرة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل سنحصل على منفعة من "إيران"، بعد هذا الجهد العماني في زرع الثقة بين أطراف الاتفاق، أم سنكتفي بفخر الإشارة إلى سياساتنا الدبلوماسية بالبنان؟! وهل صديقتنا إيران ستتذكرنا أم أنها ستنشغل بمصالحها وتحقيق أولوياتها، وتبحث عن ضالتها لتعويض خسائرها التي تكبدتها طوال السنوات الماضية؟ وهل ستكون السلطنة طموحة لتحقيق المنفعة الاقتصادية المتبادلة بأن تطالب إيران بتوقيع اتفاقيات طويلة المدى في مجالات كفتح خطوط جوية وبحرية، والاستثمار في موانئ السلطنة الاقتصادية؟ هل سيستفيد القطاع الخاص من العمالة الإيرانية الماهرة كالمهندسين والأطباء والفنيين، أم ستبقى عقدة الإيراني وخطورته -على الرغم من ثبوت عكس ذلك خلال العقود الماضية- لدينا، وأننا لن نسمح لهم بأن يزاولوا سوى 4 مهن في السلطنة؟ هل يمكن أن تستفيد عماننا من السياح الإيرانيين بتقديم تسهيلات لهم في الحصول على تأشيرات مثل بقية الدول الأوروبية؟

اعتقد أنه آن الأوان لأن تستفيد السلطنة، وتتحرك بشكل سريع مع هذا الجار الكبير متنوع الموارد والخبرات، والذي سيتسفيد منه العالم أجمع.. أتمنى فعلا أن يترجم حجم العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وإيران إلى آفاق أرحب في التعاون الاقتصادي والثقافي والمهني خلال الفترة المقبلة.

تعليق عبر الفيس بوك