رمضان هدية رب العباد.. فاز من أدركها وأحسن استغلالها وخسر من غفل عنها

مسقط - هنيَّة الصبحي

الكثير منا يترقَّب شهر التوبة والغفران؛ لأجل التقرب والتعبُّد إلى الله تعالى؛ حيث قال جل في علاه في سورة البقرة: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". ولعظمة هذا الشهر، فإنَّ الشعور بأهميته تجعل المؤمن يبحث بشكل معمَّق عن مدى أهميته لكي يستغل الشهر بشكل استثنائي ومختلف عن بقية الأعوام؛ فتمثل الفوائد والأهمية الصحية والنفسية والروحية والاجتماعية منطلقا لتجديد الحياة وتغييرها نحو الأفضل من خلال رسم أنموذج خاص يبتدئ بكيفية جعل رمضان استثنائيا هذا العام مع استمراره في نظام حياتنا.

وما جاء به تعالى في قوله "وأن تصوموا خير لكم"؛ فيكشف لنا العلم الحديث من خلال البحوث العلمية ونتائجها أن الصوم صحة تمثلت في ذلك أن الصيام ظاهرة طبيعية يجب للجسم البشري أن يُمارسها من أجل أداء وظائفه بنشاط وحيوية، وإنَّ امتناع الإنسان عن أداء جسمه لهذه الظاهرة فإنه يصيب الجسم بنوع من اللاتكافؤ في تحقيق الوظائف التي يقوم بها. فالصيام يقي الإنسان من مختلف الأمراض؛ حيث إنَّ الجوع الذي يفرضه الصيام على الإنسان يحرك الأجهزة الداخلية لجسمه لاستهلاك الخلايا الضعيفة لمواجهة ذلك الجوع؛ فبذلك يتيح للجسم كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه، كما أنه يستهلك الأعضاء المريضة ويجدد خلاياها، وبذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثيـر من الزيادات الضارة مثل الحصوة والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها.

ومما لا يخفى علينا الأهمية الاجتماعية والنفسية والروحية التي يحققها شهر رمضان في ذلك؛ فرَبُّ العباد حينما فرض فريضة الصيام على المسلمين، فقدم لهم فرصة من ذهب لعمل الخيرات من التواصل مع الأقارب والأحباب وإحياء نفسه بتلاوة القرآن والأذكار وتدبرها فيما يحقق له الراحة النفسية والروحية بقربه من الله تعالى فهو يعود لله برشده وإدراكه التام والصادق أن ما يقوم به يحقق له الصفاء النفسي والجسدي، وقد أكد رب العباد حينما قال في كتابه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".

وأذكر أنَّ الدكتور نجيب الرفاعي غرَّد في تويتر يسأل متابعيه عن العادات التي قام بها جمهوره وينصحونه بها؛ فيتضح لنا من خلال ذلك أنه من الأفضل لنا أن نخطط ونرسم أهدافنا لاستغلال شهر رمضان والاستفادة من التجارب المختلفة للمسلمين في العبادة وممارسة الأنشطة التي تعينهم وتكسبهم الأجر من الله، فرسم خطتنا لاستغلال شهر رمضان يجعلنا منفردين ومدركين ماذا حققنا خلال هذا الشهر من عبادات وأعمال قمنا بها، فأبسط الأعمال أن نقوم بجلسات الذكر والتدبر مع أهل البيت والتنويع في عباداتنا من خلال النوافل والصدقات للفقراء والمساكين...وغيرها من العبادات التي تقربنا إلى الله، إضافة إلى الأنشطة والفعاليات المتنوعة التي تسهم في الرقي بالأمة. رمضان فائدة أعدها الله تعالى هدية للعباد فمن استغلها وأدركها فاز، ومن لم يفعل خسر وذهبت هباء.

تعليق عبر الفيس بوك