عدم وضوح الغاية وكثرة الملهيات ومرافقة غير الجادين.. من أسباب تضييع الوقت

 

جوخة بنت علي الحارثية *

"حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون: 99-100).

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. نُكمل اليوم -وبتوفيق من الله- سلسلة الدرس الثاني "إدارة الوقت"، ونبدأها بأسباب ضياع الوقت.

- أسباب ضياع الوقت:

إنَّ الوقتَ هو الحياة، وإنهما وجهان لعملة واحدة، فما الأيام إلا صفحات تقلب في كتاب حياتنا، وما الساعات في تلك الأيام إلا كالأسطر في صفحاتها، التي سرعان ما تختم الصفحة لننتقل إلى صفحة أخرى..وهكذا تباعًا حتى تنتهي صفحات كتاب العمر.. فبقدر ما نحسن تقليب صفحات أيامنا تلك نحسن الاستفادة من كتاب حياتنا، وبقدر استغلالنا لأوقاتنا نحقق ذواتنا ونعيش حياتنا كاملة غير منقوصة.

ولكي نستطيع استغلال أوقاتنا الاستغلال الأمثل لنتعرف على أهم مسببات تضيع الوقت حتى نتجنبها ونحن نصوغ خطتنا اليومية.

ومن أسباب تضييع الوقت:

1- عدم وضوح الغاية: إن عدم وجود الغاية، وعدم التفكير فيها، أو عدم الانشغال بها والسعي لأجلها هو أعظم سبب لضياع الأوقات.

فمن حدَّد هدفاً يسعى إليه -أيًّا كان الهدف- فإنه لن يضيع وقته؛ فالطالب الذي يريد التفوق لا يكثر اللهو، ومن يريد الزواج يسعى لتحصيله بأسبابه، ومن يريد أن يكون تاجراً يسعى لتحصيل ذلك، وهكذا فحري بمن غايته الوصول إلى الجنة ونعميها أن يسعى جاداً لتحصيلها.

قال تعالى: "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض". وفي الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله عالية، ألا إن سلعة الله الجنة".

وكل هدف نبيل يسعى المؤمن لتحصيله فيه إصلاح دينه، أو دنياه، أو أمته، إذا أخلص فيه النية ووافق فيه الطريقة الشرعية فإنه طريق لتحصيل تلك الغاية.

2- مرافقة الزملاء غير الجادين الذي يضيعون الأوقات سدى، ولا يستفيدون من عمرهم وشبابهم. (أهل الغفلة)، الذين لا هَمَّ لهم إلا إشباع شهواتهم، وملء بطونهم، وكأن حياتهم حياة البهائم والحيوانات.

3- الفراغ، وعدم معرفة ما ينبغي أن يشغل به الوقت.

4- كثرة الملهيات والمغريات؛ فإذا انشغل بها المؤمن ضاع وقته وخسر عمره.

5- قلة الأعوان -من الأهل والأصحاب- على استغلال الوقت.

6- الانشغال بالتحسر والحزن على ما فات.. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان".

هنا.. علَّمنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- أنَّ التحسُّر من الشيطان، ويضيع على الإنسان كلَّ زمن قادم! فتأتي المنية وقد ضاع العمر وفني الشباب في فوات الأماني وتضييع الفرص وحزن وتحسر على ما فات!

فتحقيق الهدف لا يكون بالندم على ما فات، إنما يكون بالعمل واستغلال كل وقت يمر به الإنسان.

نسأل الله -عزَّ وجلَّ- بمنِّه وكرمه أن يعاملنا بلطفه وكرمه، وأن يرزقنا حسن التعامل مع أوقاتنا، وأن يجعل يومنا خيراً من أمسنا، ومستقبلنا خيراً من حاضرنا، وأن يوفقنا لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأن يأخذ بنواصينا ونواصي ذرياتنا وأحبابنا إلى مايحبه ويرضاه، إن ربي لطيف رحيم.

* دائرة الإرشاد النسوي بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

تعليق عبر الفيس بوك