المجمعات السكنية العمالية

سيف بن سالم المعمري

المشاهد المتكررة التي يتم ضبطها من قبل الجهات المعنية للعمالة الآسيوية العازبة في سكناتهم والتي عادة ما تكثر في الحارات القديمة وبين الأحياء السكنية الحديثة، والسؤال الذي يطرح هو كيف أعطت تلك السكنات العمالة الوافدة العازبة المجال للقيام بأنشطة تجارية غير مرخصة، وملاذاً لأرتكاب الجرائم وانتشار الخمور والمخدرات والذي تؤكده الأخبار التي تطالعنا بها صحفنا اليومية من قيام الجهات الأمنية بضبط تلك الجرائم في معظم محافظات وولايات السلطنة.

ولعل من بين أهم الأنشطة التجارية غير المرخصة التي تقوم بها العمالة الآسيوية العازبة في سكناتهم وخاصة في شهر رمضان المبارك هي إعداد وطهي المأكولات المتنوعة داخل تلك السكنات وبطبيعة الحال لا تخضع تلك المأكولات للرقابة الصحية من قبل أي جهة مسؤولة وبالتالي عدم مبالاة تلك العمالة بنظافة وجودة ما يقومون بإعداده من المأكولات ومن ثم تسويقها وبيعها في المطاعم وأحيانا عن طريق الباعة المتجولين في الأسواق.

وتبذل الهيئة العامة لحماية المستهلك والبلديات بجميع محافظات السلطنة جهودا كبيرة في ضبط المخالفين وتحرير المخالفات في المنشآت التجارية المرخصة والتي لا تلتزم بالاشتراطات اللازمة وتوجيه مؤسسات أخرى إلى الجهات القضائية، وبالتالي استشعرت تلك المؤسسات التي تديرها العمالة الآسيوية الخطر من الرقابة والمتابعة المستمرة من قبل تلك الجهات واتخذت من سكناتها ملاذا آمناً لارتكاب المخالفات والأعمال المحظورة.

لذا بات من الأهمية أن تتكاتف جهود جميع الجهات ذات الصلة لوضع حلول ناجعة لمشكلات العمالة الوافدة الآسيوية العازبة ومن بين تلك الحلول إنشاء مجمعات سكنية عمالية بجميع ولايات السلطنة تشرف عليها عدة جهات وتتم تهيأتها بجميع وسائل السلامة والنظافة، بحيث يقوم الكفيل باستئجار غرف في المجمع السكني بعدد عماله وفق ضوابط معينة تضمن للعامل السكن الآمن والمريح، وللكفيل ضمان عدم ارتكاب العامل لأي مخالفات داخل السكن، ويكون للمجمع السكني إدارة تراقب وتتابع أوضاع العمالة أولاً بأول وضبط الدخول والخروج من السكن وبالتالي يسهم المشروع في حصر العمالة الوافدة الآسيوية العازبة في تلك المجمعات السكنية.

ولعل البعض يقول إنّ مشروع المجمعات السكنية العمالية يمكن أن يتم تفعيلها في مراكز الولايات ويصعب تطبيقها في القرى والأماكن البعيدة عن مراكز المدن، ونقول يمكن تطبيقها في جميع الأماكن التي تنتشر فيها العمالة الآسيوية العازبة حتى في الأماكن البعيدة وهناك مبادرات في تجميع العمالة الوافدة الآسيوية العازبة في بعض القرى العُمانية والتي قام بها أبناء تلك القرى وهي مبادرة ناجحة جدا، ولقد شهدت بنفسي تلك التجربة في قرية الغضيفة بولاية صحار حيث قام الأهالي بمبادرة لتجميع العمالة الآسيوية العازبة في سكن واحد وبالتالي أصبح من السهل عليهم معرفة أماكن تجمع عمالهم وضبطهم.

وهناك تجارب ناجحة في دول الجوار للمجمعات السكنات العمالية والتي لا تقتصر أهميتها في تجميع العمالة الوافدة العازبة فقط، بل تستفيد الدولة من تلك العمالة، حيث وفرت لهم كل ما يحتاجون إليه من الماء والكهرباء والهاتف ومراكز صحية ومراكز التسوق والترفيه والعبادة، وبهذا تستطيع الدولة التقليل من مشاكل تلك العمالة والاستفادة منهم ماديا.

لذا على المجالس البلدية بالمحافظات وبالتعاون مع الجهات المختصة دراسة أوضاع العمالة الآسيوية الوافدة ومشكلاتهم المتكررة ومن ثم محاولة تسريع إنشاء المجمعات السكنية العمالية لتجنب مشاكلهم المتكررة.

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك