الخروج عن المألوف في العمل الخيري

خلفان العاصمي

يشهد العمل الخيري المنظم في السلطنة حراكا جميلا، وخاصة في السنوات الأخيرة حيث ترسخت مبادئ وأسس هذا العمل، من خلال الإحساس بأهمية الدور الملقى على عاتق الجميع، افرادا ومؤسسات في تبني أعمال خيرية تسهم في عملية الارتقاء بالمجتمع، من خلال فئاته المحتاجة لهذا النوع من العمل الخيري، ومن الجميل أن يبدأ غرس أفكار العمل الخيري لدى الناشئة منذ عمر مبكر، سواء داخل الأسرة أو من خلال المؤسسات المعنية بالتربية كالمدارس، إذ أخذت الكثير من المدارس الخاصة في تبني أفكار لأعمال خيرية لتعود طلبتها على ذلك من خلال تنفيذ أنشطة مختلفة مهما كان حجمها ونوعها، إلا أنّها تحقق هدف التعريف بالعمل الخيري وأهمية التعود عليه، وتتنوع هذه الأنشطة ما بين أسواق خيرية، أو معارض فنية أو أنشطة رياضية وثقافية، وغيرها كذلك فإن المدارس الحكومية بدأت بالالتفات لهذا الجانب من خلال تأسيس جماعات للعمل التطوعي تقوم بأعمال تطوعية وهي بالتأكيد أعمال خيرية حيث تتنوع في أهدافها ما بين خدمة عامة أو تقديم خدمات لفئات محتاجة لهكذا خدمة.

أما على مستوى مؤسسات التعليم العالي، فنجد نماذج كثيرة من الشباب الذين سخروا وقتهم وجهدهم وأفكارهم لخدمة العمل الخيري، فهناك الكثير من الفرق والجماعات التي تتبنى أنشطة وفعاليات ذات بعد خيري سواء داخل المؤسسة التعليمية نفسها من خلال الأيام المفتوحة أو الأنشطة والفعاليات الأخرى أو خارج المؤسسة عبر المشاركة في مناشط وفعاليات مجتمعية وذات نفع عام.

وعلى صعيد الجمعيات والمؤسسات الأهلية، فهناك عدد من الجمعيات والأندية والفرق الأهلية التي تتبنى العمل الخيري، من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة والفعاليات، ولعل جمعية دار العطاء التي تأسست في عام 2002م وتم إشهارها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية عام 2006م تعد من الجمعيات الناشطة جدًا في هذا الجانب، ومن أبرز ما يُميز هذه الجمعية ويستحق الكتابة عنه هو التجديد والابتكار في وسائل وطرق تقديم العمل الخيري، فالمتتبع لأنشطة هذه الجمعية يجد أنّ التبرعات المادية المباشرة هي فقط جزء من رسالتها وبرامجها، إلا أنها تولي اهتماما وعناية خاصة بالبرامج الأخرى ذات الصفة التجديدية والمبتكرة، والتي من خلالها تحقق العائد المادي وكذلك بناء بعض المهارات والقدرات لدى الفئات المستهدفة وخاصة فئة الشباب والناشئة، ومن ضمن هذه البرامج مسابقة البحث عن الكنز، وحملة هيا نقرأ، ومسابقة العطاء الكبرى والتي أطلقتها الجمعية في عام 2012م وتم خلال الشهر الماضي تكريم الفرق الفائزة بها عن الدورتين الثالثة والرابعة.

تقوم فكرة المسابقة على أساس تكوين فرق من طلبة مؤسسات التعليم العالي للتنافس مع عدد من الفرق من مختلف المؤسسات التعليمية الأخرى، في ابتكار وتنفيذ مشروع وجمع تبرعات لصالح البرامج التي تعمل بها الجمعية، ورمت المسابقة كما أرادت لها الجمعية لتحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى، أبرزها نشر الوعي بأهمية العمل التطوعي وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل التطوعي، وتطوير مهارات الطلاب في العمل الجماعي وتخطيط المشاريع وتنفيذها، حيث تتنافس الفرق المشاركة في أربعة مجالات من مجالات المسابقة وهي الإبداع في فكرة جمع التبرعات ومفهوم المشروع ومدى استفادة المجتمع من المشروع والمبلغ المحصل من هذا المشروع والاحتراف في تنفيذ المشروع، ومنذ الدورة الأولى للمسابقة والتي شهدت مشاركة 14 فريقا مثلوا 9 من مؤسسات التعليم العالي بدأ واضحا تقبل الشباب للفكرة وحماسهم للمشاركة بها، وإطلاقهم لأفكار غير تقليدية في عملية تحقيق العائد المادي. ففي هذه الدورة حصل فريق من كلية الدراسات المالية والمصرفية على جائزة أعلى إيراد حيث بلغ مجموع المبلغ الذي جمعوه خلال فترة المسابقة 7225,785 ريالا من خلال فكرة بسيطة لكن لم يكن يلتفت لها أحد من قبل، وهي العملات المعدنية والتي عادة ما نسترجعها كفكة من محلات التسوق ويكون مكانها إما أدراج السيارة أو تضيع هنا وهناك دون أن نتخيل أن جمع هذه العملات قد يحدث فرقا، ولقد اشتغل الفريق على تجميع هذه العملات من خلال المدارس وبعض مؤسسات التعليم، كما خرجت الفرق الأخرى سواء في دورة المسابقة الأولى أو الدورات التي تلتها بأفكار تخدم المجتمع وذات طبيعة مستدامة وما زالت بعض الفرق تشتغل على هذه الأفكار وترعاها جمعية دار العطاء والتي خرجت عن المألوف وكسرت حاجز التقليدية في العمل الخيري واستطاعت أن تحقق من هذه الفكرة عائدا ماليا يقترب من الـ 135 ألف ريال عماني خلال أربع سنوات، وفي المقابل غرست حب العمل الخيري لدى العشرات من الشباب طوال فترة المسابقة وزودتهم بالمهارات والقدرات اللازمة لإدارة المشاريع والتعامل الجمعي في ظل الفريق الواحد.

تعليق عبر الفيس بوك