أهمية استثنائية للوقت في الإسلام ولابد من الحفاظ عليه وعدم تضييعه في ما لا ينفع
جوخة بنت علي الحارثية
﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُقَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّاإِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِيُبْعَثُونَ (100(﴾
سورة المؤمنون
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهمية الوقت :
يكفي الوقت شرفًا وأهمية أن الله عز وجل قد أقسم به في كتابهالعزيز، وأقسم ببعض أجزائه في مواطن عديدة، فالآياتوالأحاديث التي تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم كثيرة، لذلك فلابد من الحفاظعليه وعدم تضييعه في أعمال قد تجلب علينا الشر وتبعدنا عن طريق الخير، فالوقت يمضيولا يعود مرة أخرى!!
أدلة من القرآن الكريم :
ولقد أقسم اللهبالوقت في آيات كثيرة فقال الله تعالى:*(والعصر إن الإنسان لفي خسر) ، أقسم الله بالعصر، وهو من أجزاء الوقت وما هذا إلا لأهميته، وهذه الأهمية تكمنفي أن الوقت هو الزمن الذي تقع فيه الأعمال، وهذه الأعمال خيرها وشرها هي التيسيقابل بها الناس خالقهم يومالقيامة، إذا عرفنا هذا تبين لنا أهمية الوقت.
* وقال تعالى:(والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى).
* وقولهتعالى: ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً).
* قال اللهتعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِوَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ).
إن تعاقب الليل والنهار إنماللعبادة، فمن فاته عمل الليل استدركه في النهار، ومن فاته عمل النهار استدركه فيالليل....
وينطلق الفهم من هذه الآيات الكريمة بأن الله تعالى قد أعطى الوقتأهمية كبيرة، وجعله أساساً في حياة المسلم بشكل عام. وعلى المستوى الإنسانينرى أن الله تعالى قد رتب كثيرا من أعمال العباد على الوقت، لذلك نجد أن التشريعالإسلامي للعبادات يُعَلِّم الإنسان أن يهتم بالوقت فكل العبادات مترتبةعليه، كالصلاة مثلاًلها وقت محدد تدخل فيه وتنتهي به، وغيرها من الآياتالتي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله.
وقد زخرت السنةبكثير من التنبيهات النبوية حول الاستفادة من الأوقات وتخفيف شدة الحساب وفيذلك:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اغتنم خمساً قبل خمسشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبلموتك".
وهذا الحديث وإن تنوعت ألفاظه وتعبيراته، إلا أنها أصل في الحث على اغتنامالفراغ في الحياة قبل ورود المشغلات، كالمرض، والهرم، والفقر، والشغل إذ إنالغالب في هذه الأمور أنها تلهي الإنسان وتمنعه من الاستفادة من أوقاته، فالمريض يهتم بأسباب عودة صحته وعافيته، والهرم وهو( الذي بلغ أقصى مراحل الكبر منالعمر)حيث يجعله الضعف العام للجسم وبطء الحركة، بعكس من كان في مرحلة الفتوةوالقوة والشباب.
*وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم:
" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس:عن عمرهفيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعنعلمه ماذا عمل به؟ "
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ".وهذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وهو في غاية الوضوح، حيثيرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن الفراغ مغنم ومكسب، ولكن لا يعرف قدر هذهالغنيمة إلا من عرف غايته في الوجود، وأحسن التعامل مع الوقت والاستفادةمنه ، فقد يكون الإنسان صحيحًا في بدنه ولا يكون متفرغًا، لإنشغالهبمعاشه..
وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا.. فإذا اجتمعا (الصحة والفراغ)وغلب عليه الكسل عن طاعة الله فهوالمغبون،أما إن وفق إلى طاعة الله فهوالمغبوط.
ولعل مما يحفز على ضرورة الاستفادة من الوقت حرص الفرد أن يكون منالقلة التي عناها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه السابقفظاهر الحديثأن الذين يستفيدون من الوقت هم القلة من الناس، وإلافالكثير منهم مغبونوخاسر لهذه النعمة بسبب تفريطه في وقته وإضاعته له في غير فائدة، وعدم استغلالهالاستغلال الأمثل.
*عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال :"بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أوغنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشرغائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر".
نسأل الله - عز وجل - بمنِّهوكرمه أن يعاملنا بلطفه وكرمه، وأن يرزقنا حسن التعامل مع أوقاتنا، وأن يجعل يومناخيراً من أمسنا، ومستقبلنا خيراً من حاضرنا، وأن يوفقنا لفعل الخيرات، وتركالمنكرات، وأن يأخذ بنواصينا ونواصي ذرياتنا وأحبابنا إلى ما يحبه ويرضاه، إن ربيلطيف رحيم.
*دائرة الإرشاد النسوي بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية