"القرنقشوة".. احتفالية شعبية محلية تلفت أنظار السائحين في ليلة النصف من رمضان وتضفي بهجة على الصغار

مسقط - الرؤية

تعد القرنقشوة واحدة من العادات العمانية التي يحتفل بها في بعض ولايات السلطنة في مشهد مميز، يثير إعجاب الزوار والسياح ليلتقطوا صوراً تذكارية لهذه الاحتفالية الشعبية المحلية.

وقامت العديد من المراكز التجارية التي تتوزع في مسقط كإحدى المحطات السياحية بتنظيم فعاليات القرنقشوة فيها، وتقوم بتجميع الأطفال وإحياء المناسبة التي تصادف منتصف شهر رمضان من كل عام. ومن المقرر أن ينظم مشروع الموج مسقط غدا السبت هذه الفعالية في الممشى التجاري والذي يعج دوماً بالزوار والمرتادين بين محلات التسوق وأيضاً مقاهي المنتجع الذي يتوسط ولاية السيب. وتشكل الفعالية حدثًا مهمًا إذ يقوم الجميع بتوزيع الحلوى والمكسرات للأطفال ليقوم زوار المنطقة بالتصوير وإحياء الفعالية بمشاركتهم الفعالة فيها.

ويأتي تنظيم منتجع الموج مسقط لهذه الفعالية في إطار جهوده المستمرة للتواصل مع كافة شرائح المجتمع المحليّ، حيث تعد احتفالية لإحياء القرنقشوة مساء يوم السبت الموافق 4 يوليو في الممشى فعالية سنوية يحتفل بها الأطفال بمناسبة مرور أسبوعين على الصيام، حيث يرتدون أجمل ملابسهم ليلة الرابع عشر من رمضان ويتنقلون من منزلٍ إلى آخر وهم يردّدون أجمل أناشيد القرنقشوة ويجمعون الحلوى والهدايا في حقائب قماشية من صنع أمهاتهم.

من جهته، قال عبد الحافظ الحارثي مدير عمليات الممشى بالموج، مسقط: "سعداء باستضافة هذه الفعالية العائلية التقليدية المميزة في ممشى الموج، مسقط حيث تمثّل فرصة رائعة لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال ومشاركتهم بهجة القرنقشوة. وندعو جميع قاطني الموج، مسقط وزواره للحضور والاستمتاع بهذه التجربة الرمضانية المميزة والتعرف على بعض الملامح الثقافية المحلية الخاصة بالمجتمع العُمانيّ".

وسيضم الطابق الأول من المركز التجاري في الممشى أركانا مخصصة لالتقاط الصور ومنصات مليئة بمختلف أصناف الحلوى، فضلاً عن وجود أنشطة منوعة تشمل راقصي التنورة وألعاب الخفة. ولإضفاء المزيد من التشويق بين الحضور، ستقوم فرقة شعبية عُمانية بعزف وتأدية الأغاني الخاصة بالقرنقشوة.

الإنشاد الطفولي

تنطلق القرنقشوة بالإنشاد الطفولي "قرنقشوة يوناس، عطونا شوية حلوى، دوس دوس في المندوس، حارة حارة في السحارة"، ويغني الأطفال للحصول على «القرنقشوة» وإذا لم يحصلوا عليها يرددون: «قدام بيتكم صينية، ورا بيتكم جنية» في إشارة لغضبهم من أصحاب البيوت التي تجاهلت نداءهم. والقرنقشوة ليلة ينتظرها الأطفال ويستعيد فيها الكبار ذكرياتهم الجميلة ويحتفل بها في دول الخليج العربي في منتصف شعبان ورمضان ولكن تختلف في مسمياتها وفعالياتها والأناشيد التي يرددها الأطفال من دولة إلى أخرى.

وفي السلطنة تسمى قرنقشوة بينما يطلق عليها أهل الإمارات والكويت وقطر "القرقعان"، وهناك مسميات أخرى مثل: الناصفة، حق الليلة. وهو احتفال الأطفال بليلة النصف من شهر رمضان المبارك حيث يدورون في شوارع الحلة وحاراتها يتنقلون من دار إلى أخرى ويتوقفون أمامها يغنون طبل للحلوى وهم يضربون إيقاعا بسيطا على عبارة «قرنقشوة قرنقشوة أعطونا شيء حلوى».

ويؤدي الأطفال إيقاع هذه العبارة الغنائية بقرع صدفتين من أصداف ساحل البحر في ولايات الباطنة، وقد اكتسب هذا الاحتفال اسمه قرنقشوة من صوت احتكاك السطح الخارجي للصدفتين حيث تكثر البروزات والضلوع التي تحدث صوتا يشبه كثيرا منطوق كلمة قرنقشوة. وفي بعض المواقع يسمى هذا الاحتفال (قرنقحوة) وهو تحريف لاسمه الحقيقي. وفي ولايات الداخلية يقيم الأطفال هذا الاحتفال وهم يؤدون نفس الغناء ولكن على إيقاع قرع قطعتين من الحجر الواحدة في الأخرى ويطلق على هذا الاحتفال بالداخلية "طوق طوق"، في إشارة إلى ذلك الصوت المميز الذي يحدثه اصطدام حجريين اصطداما متواليا متكررا. ولغناء قرنقشوة (قرنقحوة) نصوص يتوارثها الأطفال جيلا بعد جيل وتختلف باختلاف استجابة أهل البيت إلى ما يطلبونه من الحلوى فإن استجابوا مدحوهم بشعر يدعون لهم فيه بالخير وإن لم يستجيبوا لحاجتهم هجوهم وتمنوا لهم ما هو ليس بخير.

ويطلق على هذا الاحتفال اسم خاص في ولايات الظاهرة حيث يسمى التلميس إشارة إلى أن الأطفال يلتمسون الحلوى من أهل الدور التي يتوقفون عندها، يغنون ويمرحون ومن الأسماء التي تشير إلى هذا الاحتفال الرعبوب في ولاية الخابورة وهي مستوحاة من اسم نوع الصدف البحري الذي يستخدمه الأطفال في ضبط الإيقاع. وشاع أن يرتدي الأطفال الزي العماني التقليدي لممارسة الاحتفالية.

وتتميز كافة مناطق السلطنة في رمضان بعادات خاصة تضفي على أيام الشهر الكريم هالة من الروحانية والخصوصية حيث يجتمع الأطفال في رمضان برفقة الأسرة على مائدة واحدة يجمعهم دعاء واحد، وطقس ديني سنوي قد لا يتوفر في كل أيام السنة، وبعد أن يرفع أذان المغرب يتحلق أفراد الأسرة حول مائدة رمضان العامرة بكل ما لذ وطاب من نعم الرحمن، فيتناولون حبة تمر وكأساً من اللبن أو الماء أسوة برسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن ثمّ يتجه الرجال والشباب والصغار إلى أقرب مسجد لتأدية صلاة المغرب، وتتجه النساء للصلاة في المنزل. وبعد أداء الصلاة يعودون لتناول الإفطار مجتمعين.

وتعمل هذه العادات على تعليم الصغار والأطفال مبادئ دينهم الحنيف والتمسك بالقيم منذ الطفولة وهذا ما يجعل ليالي رمضان في ليلة القرنقشوة التي يشارك فيها الصغار بالمرح والضحك والابتسام ويضفون على تلك الليلة الروحانية بشيء من الموروث التقليدي الشيق الذي تستأنسه العين وترتاح له النفس وتوزع في ليلة القرنقشوة الحلويات والشكولاتة والنقود.

تعليق عبر الفيس بوك