الشعب الكويتي والتصدي لمعركة الارهاب

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

لا يوجد هناك عاقل في العالمإلا وينادي بضرورة التلاحم والوحدة الوطنية بين جميع مكونات الشعوب والأطياف المتواجدة في المنطقة لمواجهة الظروف المستقبليةالتي ربما تتعرض لها، بجانب العمل بجميع الوسائل المتاحة من أجل التصدي لمعركة الإرهاب التي يمكن أن تطال الجميع عاجلا أم آجلا. وقد رأينا الجريمة النكراء التي حدثت مؤخرًا بمسجد الإمام الصادق عليه السلام بمنطقة الصوابر بدولة الكويت الشقيقة يوم الجمعة الماضي، حيث أسفر هذا الحادث البربري المؤلم الذي وقع في واحدة من أفضل الأماكن وهو بيت من بيوت الله تعالى، وفي أفضل الشهور الأيام والساعات عند الله، وأثناء سجود المصلين أسفر عن استشهاد 27 مصليا من مختلف الأعمار بجانب 227 مصابا بمختلف الإصابات والجروح.

ومنذ اللحظة الأولى رأينا كيف أن أفراد الشعب الكويتي ومعه شعوب المنطقة والعالم،يسارعون إلى استنكار هذا الفعل الإرهابي والجريمة النكراء التي وقعت على المصلين الأبرياء الذين أتو من أجل أداء واجب رباني، ويبدون تلاحمهم وتعاضدهم وتعاونهم مع الشعب الكويتي الذي سبقهمأميرهم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى موقع الجريمة قبل أهالي الضحايا،لمؤازرة أبنائه والوقوف بشخصه على الدمار الذي لحق بهم من جراء هذا الفعل الشيطاني الدنيء الذي يندي له الجبين، فيما سارع الكثير من المواطنين الكويتيين من مختلف الفئات والطوائف والجنسيات بالتبرع بالدم للجرحى والمصابين والوقوف صفًا واحدًا مع إخوانهم لتقديم واجب العزاء وتشييع الشهداء.

لقد أصبح الكل يعلم بأنّالأيدي الخفيّة، والعقول المتحجرة،والسياسات العمياء، والأموال القذرة، وتصريحات وأبواق علماء البلاط، وآراء كتّاب الدولار، وسياسات بعض الدول المزدوجة تجاه الإرهاب والإرهابيين، بجانب تحريض قنوات الشر التي تدار من قبل بعض الدول في المنطقةجميعها لعبت دورا كبيرا في إحداث هذه القلاقل والصراعات الطائفية في بعض دول المنطقة، وعززت التفرقة بين مواطنيها وزعزعت كياناتهم خاصة في بعض الدول العربية خلالالسنوات القليلة الماضية، وأحدثت الكثير من الفتن والحروب بين فئات المجتمع الواحد، وبالتالي نجحت في ضرب الوحدة الوطنية في بعض الدول، الأمر الذي أدى إلى نشوب معارك كبيرة نتجت عنها الكثير من الضحايا في صفوف المتحاربين من جهة، وتركت الكثير من الدمار والخراب في البنى التحتية بجانب الأضرار التي لحقت بأبناء تلك الدولوهروبهم من مناطق النزاع ليصبحوا اليوم لاجئينوفقراء ومحتاجين من جهة أخرى.

ومن هنا نرى أن الحادث الإرهابي المؤلم بدولة الكويت الشقيقة كان يراد منه الإخلال بالأمن الكويتي وإسقاط هذه الدولة الخليجية، وبالتالي إيقاع المزيد من الصراع الطائفي بين أبنائه، إلا أن نتائج هذا العمل الإرهابي جاء عكس ذلك، بأن أظهر أبناء الكويت ُسنةوشيعة وبجميع الطوائف المتواجدة الوحدة والتماسك والتآزر، وعلى عكس ما كان يحلم به الاعداء والإرهابيين وأصحاب الفتن ومن يقف معهم وراء هذا التفجير الآثم المروع سواء من الأفراد أو الحكومات. وهذا ليس بغريبعلى أبناء الكويت ودول المنطقة، بل يؤكد بأن الكويت عصية على الذين يحاولون إثارة الفتن الطائفية لديها، وقوية بأبناء شعبه المخلصين وأميرهم ووحدتهم الوطنية. كما أن تاريخهم يشهد أنهم يقفون صفا واحدا في وجه اي عدوان، ورأينا مواقفهم النبيلة عند الغزو الصدامي لأرضهم في التسعينيات من القرن الماضي، وكيف أنّ تلك المحن وحدتهم تحت قيادتهم الشرعية. فقد أبدى الشعب الكويتي هذه المرة أيضا تلاحمهم وتعاضدهم، وشاهد العالم ردود أفعال الشعب الكويتي في مختلف وسائل الإعلام وشجبهم واستنكارهم لهذه الجريمة النكراء، كما شاهد أيضًا تلك الشعارات الوطنية التي رفعوها في المقابر أثناء تشييع جثامين ضحايا التفجير الآثم، الأمر الذي يؤكد حب الكويتيين وإخلاصهم وتفانيهم لوطنهم وقيادتهم، وكان لذلك بالغ الأثر في نفوس ذوي الضحايا والمصابين، وبالتالي يعتبر ذلك درسا كبيرا للأرهاب والإرهابيين الذي يحاولون بشتى طرقهم دق إسفين الفرقة والفتنة بين مكوّنات الشعوب من خلال قيامهم بهذه الأفعال النكراء والأعمال الدنيئة والمتطرفة، ومحاولاتهملإشعالنيران الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

نكرر بأنّالكل يعلم اليوم بأنّالإرهاب لا دولة له، ولا مذهب ولا دين ولا أسس سوى العمل على القتل والتفرقة والتخريب والتفجير، الأمر الذي يتطلب من الكل تعزيز اللحمة الوطنية والتمسّك بها لمواجهته بشتى أنواع الطرق، وضرورة القضاء عليه بجميع الوسائل المتاحة، ومنها احترام قيم جميع الناس وعقائدهم ومذاهبهم، والابتعاد عن الطائفية والعنصرية، وتعزيز الوحدة الوطنية في جميع الأوقات.

haiderdawood@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك