الغساني .. وتجليات العطاء الإنساني

إيمان بنت الصافي الحريبي

أبدأ مقالي لهذا الأسبوع بشرح معنى العطاء وأرى وفق رؤيتي المتواضعة أنّه شعور داخلي نابع من عمق التفكير الكامل بالفرح والسلام الداخليين وهو أيضًا أن تحب ما تقوم به ومن حولك وما تملك (بطريقتكَ الخاصة) فالعطاء ليس بقيمة العطاء بل بمعنى العطاء والفرح به. هذا التعريف يرسخ في مخيلتي شخصية إنسانية ووطنية وتربوية في أعلى قمم الثقافة وأعلى درجات العطاء، تتمثل في شخص المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبد القادر بن سالم الغساني - رحمه الله - فهذا الرجل أراه نموذجاً منفردًا لمعنى العطاء حيث ترجم المعنى بطريقته الخاصة عبر خمسة وخمسين عامًا من عمره في الميدان التربوي وقد حرص أشد الحرص على التعليم المفيد بأسلوب راقٍ لا يليق إلا بشخص مثله حفظ كتاب الزبد وهو نظم مكون من ألف بيت في أبواب الفقه على المذهب الشافعي وناظمه هو العلامة الفقيه الشافعي ابن رسلان، وحفظ ألفية بن مالك كلها المكونة من ألف بيت هذا فضلاً عن مؤلفاته وإسهاماته الأدبية. رحل وأوصى المعلمين من بعده بوصية هي أقرب لأن توصف بأنها نهج واستراتيجية للتعليم فقال - رحمه الله - في أسمى معاني العطاء والوفاء حتى يكون المعلم ناجحًا ومتمكناً من مهنته فعليه بالفهم الإيجابي للفلسفة التربوية السائدة في المجتمع الذي يعمل فيه بجانب التمكن من المادة الدراسية وتقديم هذه المادة بأساليب تدريس مختلفة على المعلم أن يعيها كل ما تقدم وغيره مما لم أذكره حول وصية المرحوم للمعلم بمثابة أساس للتعليم وتوجيه للمعلم فمن هنا أتت الخبرة المتراكمة من أحد أعمدة التعليم في السلطنة.

أين نحن من عطاء مثل هذه الشخصيات الوفية للمهنة والغاية ولماذا لم نر كتبه ومؤلفاته في رفوف مكتباتنا ولماذا لا يتبنى معرض الكتاب بمسقط التعريف بهم وبسيرهم وإسهاماتهم. ولماذا تخلو مناهجنا من ذكرهم والتعريف بهم فهم رموز قدموا نماذج رائدة بل إبداعية على مستويات مختلفة ولماذا لم نقم لهم مبجلين ونحن نعلم أن المعلم كاد أن يكون رسولا.

رحم الله ابن السيل الغساني وغفر له وجعل الله كل ما قدمه في ميزان حسناته.

تعليق عبر الفيس بوك