هذولا عيالي..


ناصر بن سيف الجساسي

الكل تابع وبكل أسف التفجير الإرهابي الذي حدث يوم الجمعة الماضي في أحد جوامع دولة الكويت الحبيبة، والذي راح ضحيته أناس أبرياء من أبناء الوطن، وكل العالم أجمع وأدان هذا الفعل المشين الذي لا يمت للإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
حقيقة لم أكن أود الكتابة عن هذا المشهد الدامي الذي اعتصرت أحداثه وتفاصيله المؤلمة قلوبنا، ولست هنا للحديث عن الطائفية المذهبية التي أرهقت أمتنا العربية والإسلاميّة واستنزفت طاقاتنا وأوقاتنا ولكن ما دفعني للكتابة هو موقف رجل المحبة والسلام والتواضع والإنسانية؛ إنه أمير الكويت.

فور أن سمع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الخبر انتقل مباشرة إلى موقع التفجير وظهر عبر مقاطع الفيديو وهو ينزل من سيارته يمشي يجر خطاه والدمع ينساب من على وجنتيه ليلقي النظرة الأخيرة على جثث القتلى ويمسح بيده على أجساد الجرحى وحينما منعه المرافقون من الاقتراب قال لهم بصوت الأب الحاني على أبناء وطنه: هذولا عيالي.
هذولا عيالي.. كلمة خرجت بعفويّة من فم الوالد والقائد والحاكم في موقف الكل كان محتاجاً فيه إلى من يواسي جرحه ويجبر بخاطره فخرجت "هذولا عيالي" ترياقاً من السُم الذي دُس في جسم الوطن وعِطراً لطّف أجواء تلك الجموع التي كانت حاضرة وشاهدة على العمل الإرهابي المشين.
لم يقل سموّه "هذولا شعبي" بل ذهب إلى أبعد وأرقى وأنبل من ذلك فقال "هذولا عيالي" فما أجمله من شعور حينما يشعرك حاكمك وقائدك أنك "واحد من عياله" يسهر عليك ويخاف على أمنك واستقرارك ويشاركك أفراحك وأتراحك.
لم يجلس سموه في قصره وأصدر أوامره وتوجيهاته لمرافقيه ومساعديه للاطمئنان على "عياله" ولم يرسل فريقا أمنيا ليمسح له موقع التفجير ويتأكّد من خلوه من أي خطر محتمل فما هي إلا نصف ساعة أو ربما أقل حتى شوهد سموه يغوص وسط الجموع متأثرآ ومواسيآ "عياله".
هذولا عيالي.. خالية من أي تعصب قبلي أو ديني أو مناطقي ومرفوعة عن الرسميّات والمخاطبات والإجراءات المعقدة والأبواب الموصدة التي تعاني منها معظم شعوب الأرض، فما أجمل أن يكون التواصل ببن الحاكم والمحكوم مغلفا بروح الأبوة والكلمة الحانية.
صباح الكويت يستمد صباحه من وجه "صباح الأحمد" وسيبقى صباحك يا كويت صباحا مشرقا بالخير والمحبة والسلام فمن كان حاكمه صباح لا يخشى ظلام الدهر وسواده.

تعليق عبر الفيس بوك