وقفتان سريعتان مع المياه والإعلام

حمد بن سالم العلوي

بكل سهولة تستطيع أن تُغضب النَّاس من خلال القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولكن ليس بنفس السهولة أن ترضيهم جميعاً، لأنّ الأذواق والاحتياجات مختلفة، بقدر اختلاف درجات الرفض والقبول، وهاتان الجهتان، وهما المياه والإعلام محطتا توقفنا اليوم، فالمياه ظلت ترافق الحياة لأنّها سببًا في بقائها، أما الإعلام، وإن كان مهمًا، ولكنه ليس ضرورياً للإنسان كالماء، لذلك رأيت تقديم الماء عن البث في الهواء.

الوقفة الأولى (الهيئة العامة للكهرباء والمياه)

إنّ المياه تظل مهمة للإنسان على الدوام، ولا يعني أن المسلمين الذين يصومون في شهر رمضان تصبح حاجتهم للماء نهاراً قليلة جداً، فهذا شيء مؤكد بالنسبة للأكل والشرب، ولكن أن يضمن الناس قطرة الماء في الليل، فإنهم يحتاجون إلى مشقة كبيرة، وذلك بسبب شح المياه، نتيجة للمشكلة المستمرة في شبكة التوصيل، حيث أصبح مألوفاً أن تجد فيض المياه ماراً من أمام منزلك فجأة، وذلك بفضل الشوارع المرصوفة، ودون أن يكون هناك سبب من مطر، أو فيضان ساقية تأخر (البيدار) عن ردها، وقد أضحى مألوفاً كذلك، أن يتكرر مشهد عين الثوارة في غير مكانها المعروف، فتتفجر الأرض عيوناً غزيرة في كافة نواحي محافظة مسقط، ولا نحدث عن الينابيع الصغيرة هنا وهناك، فتلك يحكمها حجم الأنبوب العابر من ذلك المكان، وقد بلّغت شخصيًا عن ينابيع صغيرة تظهر بجوار الطريق، فبعضها لقي استجابة وعولج، وبعضها الآخر رغم مرور أشهر، وتكرار البلاغات، ولكنها لم تعط بالاً، وما زالت تجري على الشارع العام. ترى هل عجزت الهيئة عن فعل شيء لوقف هذا الهدر الكبير في الماء والمال؟ وهذا المال هو مال عام يعني الجميع، ويفترض من الهيئة أن تكون رقيبة وأمينة عليه، ولكن ما من مجيب ولا حسيب، ورغم التدخلات المتكررة لمجلس الشورى، فإنّ المشكلة ما تزال قائمة، وليس معروفا لها حل في المدى المنظور، والمشكلة الأهم من هذا كله، أن يظل مرفق مهم كالكهرباء والمياه يقف في نقطة الصفر، والمسؤولون يتخذون من الإدارة السابقة شماعة، أو مشجب تعلق عليه حيرتهم، وترددهم في حسم هذا الأمر العاجل والمهم.

والوقفة الثانية (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون)

بكل صراحة أقول بأنكم لم تكونوا في حجم تطلعات الناس في برامجكم لرمضان هذا العام، فعلى الأقل كان في العام الماضي برنامج (من الذاكرة) قد استرعى الاهتمام، ولكن هذا البرنامج الشيق، والناجح بما يقدمه من مادة علمية شاملة، وبأسلوب مقدمه البديع الذي يُعطي عمله حقه بشهادة الجميع، فإنّ ذاكرته مسحت من ذاكرة التلفزيون هذا العام، والخشية أن يكون الأمر كذلك في الأعوام القادمة، لقد تفاءلنا خيراً عندما رأينا الفصل بين وزارة الإعلام والإذاعة والتلفزيون، ولكن الحال ظل كالسابق.

إنّ المسلسل الجديد يفترض عرضه قبل الإفطار والناس على بطون خاوية، رغم أنه يخاطب جيل ما قبل الصيام، والغريب في الأمر هو كيف تمّ العثور على أشخاص، يقبلون بأداء أفعال مُضحكة مُبكية، وليست مضحِّكة مسلية، كما كان يريد الناس، فإنّ الذي كان يقدمه (شنجوب والفك المفترس) في سبعينات القرن الماضي، كان أكثر روعة وتعبيرا وتقديراً من الناس، وذلك مقارنة بما سمي بـ (دهاليز) وهو ذاته دهليز عميق في البعد عن الواقع، وليس في المعنى الحاضر.

إنّ الارتقاء بعقل وفكر المشاهد ببث القدوة الحسنة، واتباع السلوك الطيب والسيرة الأخلاقية الجميلة، هو الأمر المرتجى والمنتظر، وليس بإظهار الجانب الخبيث، والسلوك السيئ لذي ينهجه القلة، فتكرسونه بإعادته وتكراره، بحيث من لم يكن عالم به سيعلم، فهذه إساءة للمجتمع العُماني، وليست تثقيفا وتسلية، وأرى أن تعدّلوا الوضع، بحيث يكون الحصان أمام العربة، وليس خلفها، وأن تظهر المحاسن التي يحب الناس أن تكون قدوتهم، فالتقدير والاحترام وحسن الخلق، والعمل الطيب بروح وطنية، هو الذي يجب أن يبرز كنجاح، وهو الذي يجب أن يشجع، ونحن لدينا الكثير من المحاسن التي ترفع من شأننا كعمانيين، فقط انظر ما قدم في جزء من حلقة في (خواطر) حين نقلت الصورة الحقيقية الأكثر بروزاً، فكان لها صدى عظيماً في كافة أنحاء العالم العربي، فربما عجز إعلامنا عن تحقيق عُشره في سنوات طويلة.

safeway-78@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك