الشقيري في عُمان

 

فايزة الكلبانيَّة

في ظلِّ تركيز الإعلام على الطائفية وغيرها من الأحداث السلبية التي يشهدها عالمنا العربي، طالعنا منذ أيام قليلة عبر شاشات التليفزيون برنامج "خواطر 11"، الذي يقدمه الإعلامي السعودي أحمد الشقيري، والذي جاءتْ أحداثه مركزة على وقائع من عُماننا الحبيبة؛ حيث إنَّ أغلب متابعي البرنامج على مدار العشر سنوات الماضية، حريصون كلَّ الحرص على متابعة أحداث البرنامج. أما نحن في عمان، فكنا في ترقُّب للحلقة التي قام فريق الإعداد بتصويرها على أرض السلطنة، والتي تمَّ تداول مقتطفات من كواليسها مؤخرا عبر الواتساب ( قبل رمضان)، عن نماذج من التعايش السلمي في السلطنة، وها نحن عايشنا أحداث الحلقة الأولى بكل فخر واعتزاز، وما زلنا في ترقُّب لحلقة أخرى قادمة تدور أحداثها حول "تربية النحل".

وبطبيعة الحال، ولكوننا نعيش في السلطنة -ولله الحمد- أجواءً من التعايش السلمي فيما بيننا؛ لذا فقد تكون أحداث البرنامج طبيعية بالنسبة لنا كعمانيين معتادين عليها، وليس هناك ما يبعث على الدهشة والاستغراب حول واقع الحال في الشارع العماني؛ لأنها تنقلُ واقعا نعيشه يميِّزنا عن غيرنا من الدول التي تعاني من التفرقة؛ في ظل انتشار عدد من العوامل والأمور التي ساهمت في حدوث الكثير من الخلافات بين البشر في هذا العصر، والتي من بينها: الجريمة، والإلحاد، والانحلال الخلقي، وتفكك الأسرة، على الرغم من وُجود ديانات تنظم حياة هؤلاء البشر، لتقوِّمهم، وترفع من شأنهم، إلا أنَّ هذه الديانات لم تستطع الوصول إلى اتفاق تتعايش به مع بعضها البعض في عدد من دول الجوار والعالم أجمع.

الجميل والذي يبعَث على الفخر، تلك الأصداء الواسعة وردود الفعل من الأصدقاء والأشقاء ممن شاهدوا الحلقة التي تتحدَّث عن التعايش السلمي في سلطنة عُمان، لاسيما كل ما يتعلق بالأديان والمذاهب، والذين أكدوا صحة ما جاء على لسان المذيع بقوله إنَّ عُمان نموذج يُحتذى في التعايش السلمي وترك الطائفية، فأتت الرسالة من مقدِّم البرنامج وفريق العمل كافة بشكل واضح ومركز وإيجابي، كما وفق في اختيار الشخصيات والمتحدثين في هذا الأمر؛ كونهم أناسًا معايشين لهذا الواقع. والمدهش كيف كانت لدقائق معدودات لبرنامج "خواطر 11" القدرة على إيصال وتوضيح رسالة الحال في السلطنة؛ لتضج وسائل التواصل الاجتماعي بتفاعل واسع وسريع عبر تويتر وفيسبوك وواتساب بردود أفعال المتابعين للبرنامج من الدول الأخرى، وكلها تبعث على الفخر وتُثلج الصدر، هكذا فعلا يمكن أن يعمل الإعلام كرسالة للشعوب تعكس صورة الواقع بشكل فعال ومؤثر.

رسالتنا من أرض عمان الطيبة لكافة الشعوب واضحة مفادها أنَّ التعايش السلمي يلزمه التعاون الذي يُبنى بالثقة، والاحترام، ويهدف إلى إيجاد أرضية صلبة متماسكة تتفق عليها الأطراف المختلفة، ولابد أن تكون مصحوبة بقناعة داخلية تامة بأنَّ التعايش بين الأديان لا يقوم على مبدأ الدين فقط، بل هو تعايش يشمل كافة قطاعات وجوانب الحياة المختلفة الأساسية الثقافية والحضارية لتتمكَّن الشعوب من إحراز التقدم والنجاح في كافة الميادين، ويجب أن تخدم الإنسان ومتطلباته بالدرجة الأولى، ولابد من صيانة هذا التعايش بسياج من الاحترام والثقة المتبادلة.

 

همسة شكر...

"التعايش السلمي" في عمان، أمرٌ ليس بالجديد.

في عمان: أناس بمذاهب مختلفة يُصلُّون معا.

في عُمان: العديد من الطوائف المختلفة يعيشون في سلام وأمان.

الجديد: كيف نفعِّل إعلامنا لإعلاء رسالة تعايشنا السلمي للعالم.

"خواطر" والشقيري...ألف شكر لدقائقكم الصريحة والشفافة.

هكذا تكون عمان" نموذجا يُحتذى به فيما تختلف فيه الشعوب الأخرى.

faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك