هل هم مَن تقدم ونحن لا زلنا في نفس المكان؟!

حسين الغافري

سجَّلت أولى جولات التصفيات المزدوجة لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018م بداية مثيرة من حيث النتائج بشكل عام، طارحةً بعض علامات الاستفهام حول أحوال كرة القدم وتقدمها في منطقة الخليج بشكل خاص، طالما أنّ جُل تركيزنا وسعينا ينصب في مسألة تحويل الكرة إلى صناعة محترفة بدرجة عالية والبحث عن الارتقاء بالكرة والبطولات المحلية. تلك النتائج جعلتني أتذكر ولو للحظة نهائيات كأس آسيا الأخيرة وضعف الحضور الخليجي - باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة- أمام مُنتخبات شرق القارة، وعن حجم الفوارق بالنهائيات حينها الذي حتَّم على المُتابعين إطلاق الخيالات الواسعة في التفكير ممزوجة بعضٍ من التساؤلات المشروعة عن حجم الهوة المتزايدة يوماً بعد يوم بيننا وبين دول (كبار) شرق آسيا. وهل نحن مُقبلون - في قادم الوقت- على مزيد من التعقيدات؟!. تبدو الإجابة عن التساؤل غريبة بعض الشيء، فلم يعد (الكبار) أمثال كوريا الجنوبية واليابان والصين في الشرق. وإيران وأستراليا أيضاً من يمثل رقماً صعباً في المواجهات المُباشرة مع دول الخليج خاصة والعرب عامة، وإنما ظهرت دول مغمورة سابقاً تربك الحسابات في التصفيات في هذا الوقت مثل غوام وتيمور الشرقية والهند وسنغافورة وغيرها من كانت ذات يوم تأكل النتائج الثقيلة وليس لها أثر!.

... يبدو أن فارق المستويات بين مُنتخبات مغمورة (سابقاً) قد تقلص بيننا وبينهم، فقد كانت تُشارك - هذه الدول- بالمحافل القارية والدولية - لتصفيات المؤهلة لنهائيات كأس آسيا وكأس العالم- من أجل المشاركة ليس إلا، إضافة إلى رفع العلم الوطني، والحضور المشرف. أما الآن فيبدو أن ذلك الزمن المرّ قد انتهى بالنسبة لهم، وباتوا يحاولون مجاراة دول بارزة في القارة؛ وهو انعكاس فعلي لوصول كرة القدم أجزاء كبيرة من المعمورة وتوسّع شعبيتها بشكل جارف! وفي نظرة إلى نتائج تلك المنتخبات: مجموعة الأحمر العُماني يحضر المُنتخب الهندي بمستويات معاكسة على التي عُرِف عليها سابقاً والتي كان يقدمها، فقد قدم مُباراة جيدة رُغم الخسارة على أرضه.. وعلى أرضية منتخب غوام، ولعل النهضة الكروية في الهند والارتقاء بالدوري الهندي للمحترفين وعملية الترويج واستقطاب النجوم وعوامل الدعاية وتحفيز الثقافة الكروية الهندية قد ألقى بظلاله بشكل واضح من حيث الحضور الجماهيري قبل كُل شيء، وهم سائرون في تطوير هذه اللعبة من خلال الاستثمار الواسع الضخم في الأندية المحلية ودوري المحترفين بنظامه الجديد في الهند. ولعلّ أكبر المفاجآت بروزاً في المجموعة هو مُنتخب غوام الذي أجزم بأن غالبيتنا لا يعرف موقعه من الخريطة؛ إلا أنّ هذا المنتخب المجهول كسب ست نُقاط من فوزين متتاليين وهو متصدر حتى اللحظة؛ لينذر بذلك منتخبات المجموعة في الصعود والتأهل بعد فوز على تركمانستان والهند ويصب صبغة تنافسية شرسة في كل اللقاءات!. أيضاً لم تكن مباراة الأبيض الإماراتي سهلة ضد تيمور الشرقية إلا إنه فاز بصعوبة بالغة. البحرين واليمن سقطتا أمام الفلبين .. وسنغافورة تعادلت مع اليابان.. وقطر فازت على جزر المالديف بفارق هدف.. وغيرها من النتائج التي تبدو مثيرة للاهتمام من جهة، ومعرفة سر نهضة الرياضة في هذه الدول وتقلص الفوارق بيننا وبينهم.. من جهة أُخرى!
.. ختاماً؛ لا أظن بأنَّ الحماس وحده - كما يقول البعض- من قاد النتائج لدول الشرق - المجهولة-، وما هذه النتائج إلا حالها كحال طبيعة البدايات الصعبة ما تحضر إلا وتختفي مع مرور الجولات؛ وإنما قد تُعبّر على أنّ موازين القوى في كرة القدم تتغير بشكل متسارع يوماً بعد يوم. وبدورنا وحتى لا نجد أنفسنا بذيل الترتيب وآخر الركب، فعلينا أن نواكب هذا التقدم بشكل أسرع فأسرع، ونُجدد في أفكارنا في كُل حين حتى نسير بشكل يوازي هذا التقدم، وإلا فالأحوال ستكون معقدة أكثر عمّا عليه الآن!.

تعليق عبر الفيس بوك