رقائق (3)

عبدالله الحجي

العبدُ المؤمن متى ما سُقي من كأس المنية كان في حُكم المستريح من نَصَب الدنيا وأذاها؛ فسنة الله تعالى ابتلاءُ عباده بما شاء من صنوف الابتلاءات؛ فهناك من يُبتلى بالفقر، وآخر بالسقم، وشخص بالهموم والمصائب لا تغادره طرفة عين، فيأتي الموت لينتشل هؤلاء من مستنقع المصائب إلى جنة عرضها السموات والأرض، وهذا ما بشَّر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى إحدى غرر فرائده، فقد روى الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة؛ قال: مرت جنازة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مستريح أو مستراح منه"، فقالوا : يا رسول الله، ما المستريح وما المستراح منه؟ قال: "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر تستريح منه البلاد، والناس، والدواب، والشجر".

والحِمام فيه تسلية لمن دهتهم المصائب والمحن، أنها بالرحيل أصبحت نسيا منسيا، فكل همٍّ جثم على قلب مؤمن في هذه الدنيا مصيره إلى زوال، حين تبتهج نفسه، والملائكة يبشرونه بجنة عرضها السموات والأرض، فلا يضيره يومئذ كل مصيبة اعترته، أو محنتة دهته، وهو يتلو بشارة ربه له: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل: 97).

((إذا ما ماتَ عبدٌ قدْ أطاعَ...

إلهَ الكونِ كانَ المستريحَا

وهذا الفوزُ لا يُعطى سوى مَنْ...

أقامَ الدينَ واجتنبَ القبيحَا

بذاكَ رسولُ ربي قد أبَانا...

فقدْ نطقَ الصدوقُ بذا صريحَا)).

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة