خبراء: تكدس المراكز التجارية في منطقة واحدة يعكس سوء التخطيط.. وإلزام المستثمر بتنفيذ بدائل مرورية يحل الأزمة

◄ العجمي: وجود 3 مراكز في مربع واحد يحرم مناطق أخرى من الخدمات التجارية

◄ برهام: "تلال للتطوير" قدمت 3 دراسات مرورية لحل الأزمة.. ولكن دون رد

◄ جواد: التخطيط الجيد الحل الأمثل للمشكلات المرورية

◄ الوهيبي: الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية لوضع مخططات تمتد لعقود

أجْمَع خبراءُ عقاريون على أنَّ تكدٌّس المراكز التجارية في منطقة واحدة يعكسُ سوءَ التخطيط الحضري والعمراني.. مشيرين إلى ضرورة إلزام المستثمرين بتنفيذ البدائل لحل أزمة الاختناقات المرورية؛ نظرا لأنَّ ميزانية الدولة لم تعد تتحمَّل أية مصاريف إضافية في ظل انخفاض أسعار النفط وتأثر الاقتصاد.

وقالوا إنَّ الجهات الحكومية مُطالبة بالتنسيق مع المستثمرين والمطورين العقاريين قبل السماح لهم بإنشاء مشاريع تجارية ضخمة، والعمل على تحديد طرق الوصول والخروج من المركز التجاري تفاديا لأي اختناقات مرورية.. واعتبروا أنَّ وجود أكثر من مول تجاري في منطقة الغبرة بمسقط يحتاج لتدخل سريع من الجهات المعنية؛ من خلال إنشاء الجسور أو الأنفاق وفق ما يتم تحديده من الاستشاريين، والذي سيساعد في انسيابية الوصول والخروج من المنطقة.

الرُّؤية - أحمد الجهوري

وقال ابراهيم العجمي رئيس اللجنة العقارية بغرفة تجارة وصناعة عمان، إنَّ منطقة المراكز التجارية "المولات" بالغبرة تشهد منذ فترة قريبة ازدحاما مروريا بالغ الإزعاج، نتيجة لوجود مجموعة من المراكز التجارية في نفس المخطط. وعلى الرغم من أنَّ تواجدها متقاربة يعد أمرا محمودا، إذا كانت تختلف فيما بينها بالخدمات التجارية التي تقدمها، أما اذا كانت تتقارب فيما بينها بنوع الخدمة التجارية، فمن الافضل أن توزَّع بمناطق مختلفة لتخدم شرائح مختلفة ومجموعات أخرى من المستهلكين.

وأشار إلى أنه في الكثير من دول العالم، تسعى الحكومات لتوفير الخيارات المتنوعة للمستهلك، جنبا إلى جنب، لكن تبقى المشكلة في إيجاد الحلول السهلة لتفادي الازدحام المروري وتكدس المركبات عند المداخل والمخارج، وهو ما يشير إلى ضرورة تدخل الجهات ذات الاختصاص للاستعجال بتنفيذ الحلول وتخطيط الطرق بصورة أفضل وعدم تعقيد الاجراءات والمطالبات التي تعرقل خطط التطوير.

دراسات مرورية

فيما قال المهندس عبدالرحمن بن عوض برهام عضو مجلس إدارة شركة تلال للتطوير، إنَّه منذ بداية الاستثمار في مجمع مسقط جراند مول، وعلى مدى فترة الاستثمار قامت شركتنا بتقديم 3 دراسات مرورية تفصيلية تضع حلولا عملية لاسباب المشكلة، وطرح بدائل واقتراح الجهة التي عليها مسؤولية التنفيذ. وأوضح برهام أنَّ "تلال للتطوير" جزء من المشكلة لكنها ليست كل المشكلة، لافتا الى أن جميع الدراسات المرورية المتتالية التي تم إعدادها أثبتت أن مسقط جراند مول هو الأقل تأثيرا على المشكلة المرورية، نظرا لسهولة مداخله ومخارجه، وهو ما يؤكد أن تأثيرها على الاختناق المروري قليل جدا، لكن الذي تسبب في الازدحام المروري الحالي هو وجود استثمارات كبيرة في نفس المنطقة.

وتابع بأنَّ الناس تنظر إلى اليوم ولا تتذكر الأمس القريب؛ حيث كانت هذه المنطقة تسمى سابقا "دوار البيبسي"، وكان أكبر كارثة مرورية في محافظة مسقط، قبل أن يوجد مسقط جراند مول، ولم يتصور الناس حينها أن يتم وضع حل لتلك المشكلة إلى أن تم إيجاد حلول مرورية كشفت ذلك الازدحام وحلت إشكالياته.

وتابع بأنَّ مجموعة "تلال" تساهم بالحل، لكنها لا تملك تنفيذ هذه الحلول؛ لأن هناك جهات أخرى مسؤولة عن التخطيط والتنفيذ، وإننا ننتهز الفرصة من هذا المنبر لتوجيه رسالة رسمية إلى المسؤولين مفادها أننا مستعدون لطرح هذه الحلول، والمشاركة فيها؛ حيث إنَّ الحل واجب على الجميع، أما فيما يتعلق بتجاوب الجهات المعنية، فإن آخر دراسة قمنا بها تم تسليمها قبل عام من الآن ولا نزال ننتظر الرد والتجاوب.

ومن جهته، قال حسين جواد رئيس مجلس إدارة مجموعة "دبليو جي تاول" إنَّ المؤسف في الأمر أن منطقة وسط المدينة (Down Town) تعاني من غياب التطوير السليم؛ حيث يتم تنفيذ المشاريع بشكل عشوائي بدون وجود التخطيط المسبق، ضاربا مثالًا على ذلك بتكدس المجمعات التجارية الكبيرة وجميعها مشاريع حيوية في منطقة واحدة وهي الغبرة؛ ومنها: اللولو هايبرماركت ومسقط جراند مول، وما تم افتتاحه مؤخرا عمان أفينيوز مول، مما أدى لوقوع اختناق مروري مزعج في المنطقة بأكملها، نظرا لعدم وجود المداخل والمخارج الكافية. وأوضح جواد أنه من الاولى أن تحدد المشاريع التجارية الكبرى في خرائطها المقدمة إلى الجهات المعنية جميع مداخل ومخارج مشروعها، على أن يتم دراسته من قبل المهندسين والاستشارين والموافقة عليها، قبل أن يُقام المشروع وينصدم حينها الجميع بالازدحام المروري عند الافتتاح.

وتابع بأن الزائر إلى سيتي سنتر (القرم أو مسقط) يجد أنَّ هناك جسرًا يربط الشارع الرئيسي بالمول، وهو ما ساهم في التخفيف من عبء الازدحام المروري، مع العلم بأنَّ الجسر تم تنفيذه من قبل إدارة المول وليس من تنفيذ وتخطيط أي جهة حكومية مسؤولة، وهذا التطبيق يجب أن يُفرض على جميع المستثمرين في المشاريع التجارية المقامة حاليا لتفادي الازدحام.

وأشار إلى أنه عند الحديث عن التخطيط، فإنَّ ذلك الأمر ينطبق على قضايا أخرى ومنها قضية أعداد السيارات؛ حيث يوجد في السلطنة أكثر من مليون سيارة ويزيد الرقم سنويا بمعدل 100 ألف سيارة جديدة، وعلى الرغم من ذلك، يتم السماح بإقامة مبان تجارية مرتفعة تتجاوز 9 طوابق، دون إلزامهم بإنشاء مواقف خاصة للسيارات، وهذه الحال تنطبق كذلك على المباني السكنية. ووجه جواد اللوم إلى المخططين؛ حيث كان من الأولى السماح بإنشاء المولات خارج المناطق المزدحمة، والتي كان من الأنسب لها شارع مسقط السريع، وتفاديا لوقوع الأخطاء من جديد، يجب مراعاة ذلك في المدن الجديدة على الشريط الساحلي.

وأوضح جواد أنَّ التخطيط مسؤولية جهات عدة؛ منها: بلدية مسقط ووزارة الاسكان والمجلس الأعلى للتخطيط، وهي جهات منفصلة ومستقلة وينبغي التنسيق فيما بينها.. مشيرا إلى أنَّ المواطن خلال تعاملاته لا يدرك إلى أي جهة يذهب لإنجاز معاملته؛ إذ كل جهة تحيل المعاملة إلى جهة أخرى؛ مما يُعرقل ويُؤخِّر إنجاز المعاملات، وسوف تستمر الحال على ما هي عليه مع غياب اللامركزية. وشدَّد جواد على أهمية التفكير في المستقبل حتى تتمكن السلطنة من جذب المشاريع والاستثمارات المختلفة.. لافتا إلى أهمية التعلم من دروس الماضي، وتجارب الدول المختلفة، من حيث تسهيلات الاستثمارات الأجنبية وتوظيف مواردنا الطبيعية والتاريخية بالصورة التي تتماشى مع المشاريع واحتياجات السلطنة لها، والتي سوف تخلق قيمة مضافة من حيث التوظيف والسياحة والصناعة والتجارة.

التخطيط السليم

وقال عبدالعزيز بن راشد بن خميس الوهيبي -مهتم بالشأن العقاري- إنَّ كلَّ مؤسسة قائمة على التخطيط السليم تحقق مردودا إيجابيا ونافعا. لافتا إلى أنَّ من المشكلات التي تعاني منها المشروعات المختلفة: التخطيط العشوائي الذي يقوم دون دراسة وافية لاحتياجات المنطقة المعنية بالخدمة، وهذا يستنزف الموارد المالية تحت دعوى مشاريع البنية الأساسية لا تتوقف. غير أنه أكد أن التخطيط الناجح الذي يضع كل الاحتمالات من توسعات مستقبلية وخطط احتياطية ويتمتع بمرونة في الطرح والمشاركة مع الأطراف الأخرى بشكل مفصل، كل ذلك يقلل بشكل واضح من النفقات الإجمالية، ضاربا المثال بأنه لو تم إنشاء طريق وادي عدي الحالي منذ الخطة الأولى لما احتجنا لأن ننفق 12 مليون ريال عليه، وهو طريق وسط الوادي، ولتمت الاستفادة من ذلك المبلغ في مشروع آخر. وتابع بأنَّه لو تم إنشاء السدود في ولاية العامرات قبل إقامة منطقة القرم التجارية لما غرقت منطقة القرم التجارية عدة مرات، ويقاس على ذلك الكثير من الأخطاء التخطيطة التي ربما كان من السهل اكتشافها وتفاديها قبل وقوعها. وأضاف الوهيبي بأن بعض هذه الأخطاء تمس حياة المواطنين مباشرة، مشيرا إلى أنَّ أحد المواطنين حصل على قطعة أرض من وزارة الإسكان دون أن تمنحه مخطط الأرض، وعند الحفر تسبب في كسر أنبوب مياه ضخم، ليتحمل بعد ذلك تبعات الأمر وتكلفة إصلاحه.

وعدَّد الوهيبي أمثلة مُختلفة على سوء التخطيط في مشروعات كثيرة؛ منها: استحواذ البعض على مساحات من الشواطئ عند بناء منازلها، أو عدم ترك مساحة للارتدادات بين الشوارع الرئيسية.. وتابع بأنه ومع صدور المرسوم السامي بإنشاء المجلس الأعلى للتخطيط، تفاءل الكثيرون بأن المجلس سيحل كافة المشكلات الناجمة عن سوء التخطيط ومعالجتها، غير أن الأمر لم يتغير كثيرا، والشاهد على ذلك وجود 3 مراكز تجارية في منطقة الغبرة داخل مربع عمراني واحد. وزاد بأن هذا العدد من المراكز التجارية تسبب في تفاقم الأزمة المرورية في هذه المنطقة أوقات الذروة، وفي معظم الأحيان أيضا خارج أوقات الذروة.. لافتا إلى أنَّ ذلك قد يكلف الدولة الكثير من الأموال لتغيير مسار الحارات المرورية أو إجراء توسعة في الطريق، مما يترتب عليه إعادة التخطيط وما يتكلف ذلك من مبالغ طائلة.

ومضى يقول إنَّ تأثير هذه الاختناقات المرورية على المواطنين وسالكي الطريق، ينعكس سلبا على أدائهم في العمل والعلاقات الأسرية...وغيرها من النتائج غير الجيدة.

وأوضح أنَّ المستثمر قد لا يعنيه هذا الكلام، وأنه مهتم في المقام الأول بجذب الاستثمارات والعملاء وزيادة أعداد الزائرين، وهي نظرة تعتمد مبدأ تجاري بحت لا علاقة له بالتخطيط.. وقال: "لكن لابد أن نفكر كسكان وكمواطنين ودولة ما هي النتيجة الحتمية لإقامة مثل تلك المجمعات في هذه البقعة الجغرافية المكتظة دون وجود تخطيط مسبق للمخارج أو المداخل وقياس الحمل المروري على هذه الحارات، وما هي النفقات الإضافية المحتملة على مرافق الدولة؟ وهل وجودها في تلك البقعة الجغرافية هو عامل استثماري فعال يسهم في زيادة الدخل، أم أننا سنضطر لإنفاق مبالغ قد تناهز أحيانا الأرباح الاقتصادية والضرائب التي قد تجنيها الدولة من إقامة مثل هذه المشاريع في ذلك المكان؟". وأضاف بأنَّه حتى يمكن تعظيم العائد الاقتصادي من إقامة تلك المجمعات والمتنزهات، كان لزاما علينا وضع مخطط شامل ووافٍ قبل إعطاء المستثمر الضوء الأخضر للبناء، حتى وإن اضطررنا لإعطاء ذلك الموضوع إلى جهة استشارية عالمية لتقوم برسم وتخطيط المكان ولمدة 40 سنة على الأقل ودراسته من كل الجوانب؛ وبالتالي تحميلها أي فشل في التخطيط مستقبلا.

وأكد الوهيبي أنَّ التخطيط السليم والمدروس يُقلل العبءَ على موارد الدولة المحدودة مع انخفاظ أسعار النفط؛ وبالتالي إتاحة الفرصة لتحويل تلك المبالغ المرصودة لإصلاح تلك الأخطاء التي يمكن تلافيها إلى منافع أخرى البلاد في أمس الحاجة اليها. وأشار إلى أنَّ عمان تزخر بمخرجات عظيمة من شبابها الطموح الذين يملكون خبرات كبيرة؛ مما يستدعي الحاجة للأخذ بآرائهم؛ سواء كانوا على مقاعد الدارسة بالداخل أو الخارج، أو يعملون في قطاعات مختلفة داخل البلاد؛ مما يمنحهم الفرصة لرد الجميل إلى هذا الوطن المعطاء.

ويقترح الوهيبي الاستعانة برؤى ومقترحات الشباب العماني الذي يدرس في الخارج، لاسيما تخصص التخطيط العمراني؛ بهدف الوصول لأفضل الحلول وطرح أنجع المعالجات.

تعليق عبر الفيس بوك