التسول

سيف بن سالم المعمري

التسول ظاهرة اجتماعية دخيلة على المجتمع العُماني وهي آخذة في الاتساع في حواضر المدن العُمانية بمعظم محافظات السلطنة، ورغم الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة في القضاء على الظاهرة إلا أنها لا تزال تؤرق المجتمع.

وإن كانت الظاهرة تنتشر في مختلف المحافظات إلا أن رقعتها تتسع في البريمي بشكل أكبر، فرغم التعاون القائم بين دائرتي التنمية الاجتماعية والقوى العاملة وشرطة عُمان السلطانية بمحافظة البريمي من خلال تشكيل فريق مكافحة التسول بدائرة التنمية الاجتماعية وتخصيص رقم نقال للفريق لاستقبال البلاغات حول الظاهرة ورغم الجهود المقدرة للفريق والتعاون مع الجهات المختصة إلا أن ظاهرة التسول لا تزال تؤرق المواطنين والمقيمين بولاية البريمي.

وإن كانت ظاهرة التسول قبل سنوات منتشرة من قبل بعض المواطنين إلا أنها - ولله الحمد - تناقصت إلى حدٍ كبيرٍ وخاصة بولاية البريمي، نتيجة للجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية في السلطنة وتوفير سبل العيش الكريم للمواطن وقيام المؤسسات الأهلية والتطوعية بدورها في خدمة المجتمع، حيث ساهمت الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية وبالتعاون مع دائرة التنمية الاجتماعية بالبريمي في تقديم عدد من المساعدات العينية والنقدية للمواطنين محدودي الدخل بالولاية، كما تقوم لجنة الزكاة بولاية البريمي بجهود كبيرة جدًا في توفير مختلف المساعدات وخاصة في شهر رمضان المبارك من خلال تقديم المؤنة الرمضانية للأسر العُمانية بالولاية بالإضافة إلى جهود عدد من الفرق التطوعية وأصحاب الأيادي البيضاء بالولاية والتكافل الاجتماعي الذي يتميز به المجتمع العُماني بشكل عام وفي ولاية البريمي بشكل خاص.

ورغم تلك الجهود لا تزال ظاهرة التسول بولاية البريمي تشكل هاجساً للمواطنين والمقيمين حيث يكثر المتسولون من الجنسيات العربية والآسيوية رجالاً ونساء وكذلك الأطفال، وقبل عدة أعوام كانت ظاهرة التسول تنشط في شهر رمضان المبارك وأيام الجمعة من كل أسبوع، إلا أنها في ولاية البريمي في الوقت الراهن ظاهرة التسول موجودة معظم أيام العام وإن كانت تزيد خلال أيام الجمعة وفي شهر رمضان المبارك، بل ولم تقتصر على طلب الحصول على المال في المساجد والأسواق بل أصبح المتسولون يقرعون أبواب منازل المواطنين والمقيمين للحصول على المال ويستجدونهم من خلال حملهم للوثائق المختلفة والأطفال الرضع.

كما أن تعدد صور التسول ساهم في اتساع رقعته في ولاية البريمي حيث فتح الطريق لاستجداء الناس للحصول على المال خلال تبرير المتسول للحصول على المال لعلاج ابن أو زوجة أو أخ أو قريب به مرض مزمن أو تعرضه لحادث سير، كذلك قيام المتسولين بدور الباعة المتجولين في الأسواق وفي محطات الوقود وعند أجهزة السحب الآلي للبنوك بالولاية وكذلك عرض سلعهم من خلال طرق أبواب منازل المواطنين والمقيمين، وقيام الأطفال بدور الباعة المتجولين لبيع الكتيبات الدينية والأشرطة وبطاقات تعبئة الهواتف .

كل تلك الصور للتسول لا يمكن أن تتلاشى من ولاية البريمي إلا إذا تعاون المواطنون مع الجهات المعنية بالإبلاغ عن الحالات المختلفة للتسول والنظر لظاهرة التسول بجميع أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياحية، وأن يعي كل مواطن أن إعطاء المال مهما كان بسيطا للمتسول سيساهم في تنامي الظاهرة بالمجتمع ويشجع الكثير منهم على الاعتماد عليها كمصدر رئيسي لتجميع الأموال، ولا يمكن أن ننكر أن هناك حوائج للناس وظروف تتطلب التكافل والمساعدة والعون، إلا أنه لا يمكن أن تتم بالصور الحالية لأنها لا تميز المعسر من المتسول.

ولابد من وجود جهة معينة في كل ولاية تنظر في احتياجات المتسولين وتبحث في دوافع المتسولين للبحث عن المال، وتقوم بدور الإرشاد والتوجيه لمنع انتشار ظاهرة التسول، كما أن على الجهات المختصة ألا تتساهل مع العمالة الوافدة القادمة إلى السلطنة للعمل أو السياحة واتخاذهم من التسول حرفة ومهنة للحصول على المال، وعلى المواطنين التعاون مع الجهات المعنية بعدم تسريح العمالة الوافدة وتحمل مسؤولية ذلك، لأن التسول ضرره وخيم جدا على الوطن وسمعته.

وأدام الله لعُمان قائدها المعظم وشعبها الأبي ...

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك