حقائق كشفها "أشوبا"

خالد الخوالدي

يوما بعد يوم تكشف لنا الأحداث تلاحم وتعاون وتآزر وتألف الشعب العماني؛ حتى أصبحت هذه الممارسات سمات مميزة وقيمًا وسلوكيات متجذِّرة داخل أنسجة الإنسان العماني. وتأكيدا على هذا، ورغم انقضاء الأنواء المناخية الاستثنائية، لا تزال الإمدادات الغذائية والمفروشات تتوافد من مختلف ولايات السلطنة لإخوانهم المتضررين رغم الجهود الحكومية الطيبة والمشكورة، وهذه الحقيقة لم يكشفها "أشوبا"، وإنما كشفتها أحداث سابقة ووقائع كثيرة. والحقائق التي أود الحديث عنها وكشفتها العاصفة المدارية الأخيرة كثيرة، وكانت في أغلبها إيجابية محمودة، رغم ما شابها من سلبيات قليلة يمكن أن نتجاوزها.

ومن أهم الحقائق التي كشفها "أشوبا": أنَّ الشعب العماني تعلم وأيقن الدرس جيدا من خلال التجارب السابقة في عدم المجازفة بدخول الأودية والالتزام بالاستقرار في البيوت، وإنْ كانت هناك خروقات بسيطة إلا أنها لا تذكر؛ حيث أوضحت الأنواء الأخيرة التزامَ المواطن بالتعليمات الرسمية الصادرة عن مختلف المؤسسات الحكومية، ولم تحدث -ولله الحمد- في هذه الأنواء أية خسائر بشرية في الأرواح، وهو ما نبحث عنه في مثل هذه المواقف؛ فكلُّ شيء يمكن أن يعوَّض إلا الروح، كما كان للمؤسسات العسكرية والمدنية دَوْر كبير في إنقاذ الكثير ممن حاصرتهم الأودية والمياه المتجمِّعة.

ومن الحقائق التي أكدها "أشوبا" كذلك: تمكُّن الأرصاد العمانية من عملها واكتسابها ثقة الشارع العماني دون النظر إلى المدارس الأخرى ومؤسسات الرصد الأجنبية التي قد تثير الهلع والخوف في نفوس الناس أو تقلل من مستوى التحذير، ويتسبَّب ذلك في فقدان أرواح غالية؛ حيث تعاملتْ الأرصاد العمانية من خلال طاقم منظم ومطلع بشفافية تامة وصراحة ومصداقية مع كل التوقعات دون تهويل أو تقليل من حجم الأنواء المناخية الاستثنائية؛ ضاربة بذلك مثلًا حقيقيًّا وواقعيًّا لحجم العمل الوطني الخالص الصادق الذي متى ما منح الثقة أبدع وتألق.

وفي المقابل، كشف "أشوبا" أنَّنا ما زلنا لم نتعلم من الدروس السابقة في تداول المعلومات وتناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعية؛ حيث ما زال المليون ونصف المليون ينصِّبون أنفسهم خبراء في الطقس والأحوال الجوية، ولم تهدأ هذه الوسائل بل كان القص واللصق على أشده ووصل إلى مستويات قياسية لدرجة أنَّ الهواتف تعطَّلت من كثرة الصور ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية التي أُرسلت على مختلف الوسائل.

كما كشف "أشوبا" وجها جديدا بلسلطنة شكَّلته وسائل التواصل الاجتماعي، وهو عدم الاستقرار على وَسْم واحد يُمثل كلَّ المشتركين والمتابعين العمانيين؛ حيث وصلتْ الأوسمة التي مثَّلت الأنواء المناخية -حسب أحد المصادر- لأكثر من 40 وسما أو هاشتاج، وهو ما يُمثل رَبْكة في مُتابعة الأحداث وعدم اتحاد المواقف في التعبير عمَّا يدور في خواطر المتابعين من داخل السلطنة وخارجها لهذه الحالة الاستثنائية، ونتمنَّى في الأحداث الوطنية أو الدينية أو الأحداث الاستثنائية التي تحدُث في السلطنة خلال الفترات المقبلة أنْ يكون هناك تعاون بين المتابعين في اختيار وسم واحد أو أوسمة قليلة حتى يسهُل على الجميع المتابعة وتتحقق الفوائد المرجوة من مثل هذه الأوسمة؛ فكثرتها تشتت المتابعين.

ومن الحقائق المهمة والإيجابية والتي كان لها بالغ الأثر: تفاعل الحسابات الرسمية لعدد من المؤسسات الحكومية العسكرية منها والمدنية، والتي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأنواء المناخية، وتقديم إعلام إلكتروني جديد ذي مصداقية وشفافية وتجاوب سريع مع الأحداث، ورد الكثير من الشائعات التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن حالات لوفيات أو ما شابه واستغلال المتطفلين لهذه الوسائل في نشر الذعر والخوف في نفوس الناس ونشر السلبية المقيتة التي تعشش في نفوس عدد من المتابعين وتضلل الرأي العام نحو أهداف لا يعلمها إلا الله، وتقلل من مستوى التضحية والفداء التي يقدمها رجال عمان في مختلف المواقع التي تعرضت للأمطار الغزيرة والأودية الجارفة؛ حيث استطاعتْ هذه الحسابات تعطيل كل الأذرع السلبية والمعلومات المضللة المفتقرة للمعلومة الصحيحة، مُقدمين معلومات صحيحة وموثقة من مصادرها.

... لقد كشف لنا "أشوبا" حقائق كثيرة بها من الإيجابيات التي تحتاج إلى كتب ومجلدات لا يمكن أن نسردها في مقال واحد، وسلبيات قليلة نتمنَّى أن نتفادها ونعالجها ونصححها ونتجاوزها في المرات المقبلة... ودُمْتم ودامتْ عُمان بخير!

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك