نريد كشف الحساب .. وبالأرقام

أحمد السلماني

انصرم موسم كروي وانفض سامره وحمل معه ما حمل من أحداث مثيرة، وأغلق ملفاته كلها إلا ملف المنتخب الذي توجه بورقة أخيرة وبعنوان "فوز بمخاضٍ عسير" وجاء على حساب المنتخب الهندي، لقد خلف هذا الموسم وراءه تركات ثقيلة من قصص بهموم وعبر، الحكيم من يُدركها ويعتبر بالدروس المجانية التي قدمتها مدرسة كرة القدم طوال 9 أشهر من المنافسة فوق الملاعب الخضراء أو تحت طاولات أروقة الأندية والاتحاد الكروي والكيس من إدارات الأندية أو حتى مجلس إدارة الاتحاد من يوجه كل المعضلات التي واجهته في مساق سليم يستفيد منه ويعي ما وقع عليه، أما غلق الملفات هكذا دون كشف حساب وبأرقام ومؤشرات فهذا يعني انكسارا ورجعية واستمرارية في التخبط وعشوائية تعتري منظومة دورة عمل المؤسسات الرياضية.

والحق أن وزارة الشؤون الرياضية واللجنة الأولمبية العمانية معنيتان أيضاً بوضع كشف حساب تستخلصان من خلاله نقطتين في غاية الأهمية " أين نحن الآن؟" و"ماذا نريد من الرياضة؟" وللوصول إلى الإجابة فإنّ الشفافية لا سواها هي ما نحتاجه كمنظومة رياضية عمانية تريد أن ترقى برياضتها وتترجم واقع الوطن وما يعيشه من أمن وأمان ورخاء في إنجازات رياضية داخل وخارج الوطن.

ومهما تحدثنا عن الرياضات الأخرى وأهميتها وضرورة الاهتمام بها والسعي إلى تطويرها وبناء رياضييها والتركيز على صقلهم ليصلوا إلى مرحلة المنافسة، تبقى كرة القدم هي اللعبة ذات الشعبية الأوسع هنا وفي غالبية بقاع الأرض وبالتالي فلا عجب أن نراها تستحوذ على الاهتمام الأكبر على كافة الأصعدة والمستويات الرسمية والشعبية والإعلامية وبالتالي فإنّ كل المطبات والمراحل التي مرّ بها الموسم الكروي تحتاج إلى أن يندب اتحاد الكرة من يقوم على تقييم جميع مسابقات الكرة من الدوريات والمنتخبات وليس شرطًا أن يتم ذلك من خلال أشباح اللجان الفنية أو الخبير الذي استقدم بالشيء الفلاني ويدفع له الشيء الفلاني ولكنني "أسمع جعجة ولا أرى طحنا" فقد اطلعت يوماً على تقرير رسمي صادر من اتحاد الكرة يلخص عصارة ما خرج به هذا الخبير وبصراحة شديدة وعندما تلي علينا ومن ثم قلبت محتوياته وجدت من العبارات التنظيرية والفضفاضة والخلاصات غير المبنية على أرقام ومؤشرات وحتى أنا ومن دحرج كرة القدم يوماً يستطيع أن يخرج بمثله بل هو عبارة عن تقرير إنشائي تتطلبه تلك المرحلة ويفسر أمرا هاما جدا وهو " لا إنجازات ولا أرقام ولا يوجد ما يُبرر" التراجع الكبير للكرة العمانية خارجياً على مستوى الأندية أو المنتخبات والتي خرجت خالية الوفاض فضلاً عن التراجع المريع لتصنيف المنتخب الأول دولياً والذي هو نتاج حقيقي لحالة عدم الإتزان التي تمر بها الكرة العمانية وليس اتحاد الكرة وحده مسؤولا عنها ولكنه يتحمل الجزء الأكبر منها فهو لا زال ينشد الحصول على الدعم اللازم لإكمال المنظومة الاحترافية كما يدعي ولكننا وفي يوم ما وصلنا إلى مستويات كبيرة وأصبح لمنتخبنا صوت عالٍ على المستوى الإقليمي والدولي بأبسط الوسائل وبدعم أقل وبدون دوري محترفين فأين الخلل؟.

شخصيًا أرى أن التجاذبات التي تعيشها كرة القدم بين أضلاعها (الحكومة والاتحاد والشارع الكروي والإعلام) هي بيت الداء وإذا ما استثينا الشارع الكروي المتمثل في الجماهير المسكينة والمتعطشة للإنجازات فإنّ كل ما نحتاجه هو أن تفتح الأضلاع الأخرى ملفاتها وتسدل كشوفات حساباتها وتعمل على أن تسود لغة الأرقام على لغة الإنشاء والتنظير ومن ثم تجتمع كل هذه الأضلاع لترسم بروازا وإطارا متينا ومتفقا عليه تسير عليه كل الأطياف فلا غنى عن الدعم الحكومي وهذا لا يختلف عليه اثنان وهو جزيل ولكن نتمناه أجزل كذلك فإنّ الإعلام شريك أصيل في منظومة الرياضة بشكل عام وكرة القدم ويبقى الجمهور الغالي هو رمانة الميزان وبين كل هذا فإنّ عنوان المرحلة القادمة هو " النبض الواحد" .

ومما يؤسف له أن يمرر اتحاد الكرة ما يُريد إعلانه بل ويطالب المؤسسات الإعلامية بأن تبث ما يريد أما المعلومة المهمة والخبر المفصلي فهذا ممنوع الاقتراب منه ويترك للتأويلات وخاصة فيما يتعلق بالمنتخب الذي هو ملك الجميع وليس حكرًا على أناس دون سواهم وبالتالي فليس من مصلحة اتحاد الكرة أن تظل علاقته بالإعلام علاقة تعتيم وشد وجذب فماذا لو وصل الأمر إلى أن يقاطع الإعلام برامج وأنشطة اتحاد الكرة فكيف السبيل لتسويقها كما ومن المستغرب أن تتواصل مع الدائرة الإعلامية أو أي من مسؤولي اتحاد الكرة ولا يرد عليك وإن حصل ورد عليك أحدهم فإنني اتعاطف معه لأنه هو نفسه لا يملك كل المعلومة أو تم التشديد عليه بألا يصرح فبالله عليكم أليست هذه علاقة "مشوهة" وتنشدون صناعة كرة قدم مزدهرة ، إذا فلنستريح من عناء كل هذا ونتغنى بقول الشاعر الشهيد هاشم الرفاعي" نم يا صغيري إن المهد يحرسه الرجاء" مع عميق اعتذاري له فألمه وفقده كان عظيما وجللا.

تعليق عبر الفيس بوك