الترويج للسياحة العمانية بقصص الأطفال

زينب بنت محمد الغريبية

لا يزال موضوع الترويج السياحي لبلدنا تنفق عليه كثير من الجهود والمبالغ من خلال المعارض التي تعملها المؤسسات المعنية مباشرة بالسياحة مثل وزارة السياحة أو من خلال المؤسسات غير المعنية مباشرة بذلك مثل الأيام الثقافية العمانية، والسؤال الذي أود أن أطرحه هذا الأسبوع هل بالفعل نستخدم الأساليب المناسبة للترويج لسياحتنا؟ من هي الفئة التي نخاطبها في هذه المعارض التي نقيمها للترويج السياحي؟ وما عناصر الجذب التي نقدمها لهذه الفئات: هل نركز لهم على توافر البنية التحية الفندقية؟ أم نركز على توافر التراث المادي؟ أم نركز على القيم العمانية؟ أم نركز على التسامح العماني ودوره في اطمئنان السائح؟ هناك جوانب كثيرة يمكن أن تستخدم في مخاطبة العالم بعناصر الجذب السياحي، ودائما يجب أن يكون لدينا محور أساسي لرسالتنا الترويجية دون إهمال لعناصر الجذب الأخرى، والترويج الذي أود أن أركز عليه في هذا المقال هو الذي يقوم على استخدام قصص الأطفال في الترويج السياحي للبلد، أتكلم عن هذا المدخل باعتباري مؤلفة لأربعة عشرة قصة للأطفال، ثمانٍ منها تمت ترجمتها إلى ثلاث لغات عالمية هي البرتغالية التي تم تدشين طبعتها في البرازيل في نوفمبر الماضي، والطبعة الإنجليزية والإسبانية التي تمت ترجمتها وإعدادها للتدشين حالما تسنح الفرصة المناسبة، وهي جميعها تتكلم عن الرموز والقيم العمانية، فهل يمكن أن تتبنى المؤسسات المعنية بالترويج السياحي هذه القصص للترويج لعمان؟.

إن أفضل إجابة عن هذا السؤال ليست مني ككاتبة لهذه القصص ولكن من خلال استعراض تجارب عالمية في تبني هذا المدخل، الذي لا يزال يعتبر مدخلاً حديثاً في الترويج السياحي، وهنا أود أن استعرض التجربة البريطانية التي فضلت البحث عن أساليب مختلفة ومبتكرة في الترويج من خلال قصص الأطفال، حيث دشنت حملة توسيق بريطانية كبيرة للسياحة بعنوان "زر بريطانيا" عن طريق قصص الأطفال الشهيرة التي تتحدث عن أماكن مهمة مثل قصة "تشارلي ومصنع الشوكلاتة"، وقصة "ماتيلدا" لمؤلفهما رولد دال الذي ترجمت قصصه إلى 58 لغة عالمية، حيث تدعو الحملة السياح إلى مشاهدة أمكان أحداث القصتين في منطقة "ويست آند" اللندنية، حيث أوضحت الحملة أن بلدة "غرايت ميسندن" التي تبعد (45) دقيقة بالقطار عن محطة مارليبون في لندن، هي البلدة التي عاش فيها دال وكتب إبداعاته طوال (36) عاماً، كما أنها تمثل موطن ومركز قصص رولد دال الحائز على جوائز عدة، حيث يتاح للسائح في هذا المكان فرصة التنكر بذكاء في زي تمساح بحسب الرواية، والتلويح للعملاق الكبير الودود، واستكشاف نموذج رائع عن كوخ الكتابة الخاص بالمؤلف، كما أنه يتاح للزائر زيارة متجر "بو كورنر" الذي يضم "لوازم الدبدوب" و "غرفة الشاي الخاصة بفجلة" المذكورة في القصة، وزيارة غابة أشداون لاستكشاف الحياة البرية في منطقة "لايك ديستركت في كمبريا" شمال غربي إنكلترا. وسوف تركز هذه الحملة لاحقًا على قصص أخرى للأطفال مثل قصة "مغامرات أليس في بلاد العجائب" التي ترتبط بمدينة أكسفورد، والتي ستشهد في عام 2015 مرور (150) عامًا على نشرها لأول مرة، حيث كان لويس كارول يصطحب أليس ليستدل الطريق في رحلة لتسيير القارب، مخبرا إياها طوال الوقت عن قصص أليس والأرنب الأبيض التي باتت إحدى الشخصيات الأدبية الأكثر انتشارًا في العالم.

إذن الدولة التي لديها تاريخ طويل في الترويج السياحي تسعى إلى ابتكار أساليب غير مألوفة في الترويج السياحي مخاطبة فئات أخرى غير الفئات الكبيرة التي تخاطبها الحملات الترويجية وهي أصحاب الشركات السياحية، فهل يمكن أن أن نوظف هذا المدخل في الترويج لسياحتنا؟ لقد سعت بعض القصص التي ألفتها إلى التركيز على بعض الجوانب السياحية العمانية مثل محمية السلاحف في رأس الحد التي تدعو إلى زيارة هذه المنطقة للعب مع السلاحف، وهناك قصة "كلنا إخوة" التي ركزت على التسامح الديني والتي تدعو بالفعل السائح إلى اكتشاف هذه القيمة من خلال زيارة البلد والذهاب إلى بعض مساجدها والالتقاء ببعض شخصياتها، وهناك قصة ترتبط بالحدائق العمانية المختلفة والتي يمكن زيارتها والاستمتاع بما يوجد بها من جمال، وإبطال هذه القصص المختلفة يرتدون أزياءً مرتبطة بالأزياء العمانية المختلفة في مختلف المحافظات وبالذات في ما يتعلق بملابس الفتيات، وهو أيضاً ترويج لهذه الأزياء التي يوجد عدد كبير من المصممات والمحلات لها، وفي إحدى القصص يوجد "رسمة للناقل الوطني" الطيران العماني الذي يربط العمانيين ويقلهم إلى مختلف بلدان العالم، وبالتالي فهناك مضامين جدًا مهمة بهذه القصص للترويج السياحي، حيث يمكن تقديم هذه القصص كهدايا للأطفال سواء على رحلات الطيران العماني، أو المسافرين على العبارات إلى مسندم، أومن خلال الفنادق والمنتجعات التي توجد في مختلف أنحاء البلد، لأنّ في ذلك فرص ترويجية غير مألوفة لثقافة البلد وأماكنه المختلفة وسكانه.

إنّ الترويج للسياحة من خلال قصص الأطفال يُعطي دلالة مهمة جدًا وهي إظهار أهمية القراءة في الترويج للبلد سيما في بلد اشتهر دائمًا بالعلم والعلماء، وثانياً يظهر العناية بفئة الأطفال الذين دائمًا تستهويهم زيارة الأماكن التي تجري فيها أحداث القصص أو في اقتناء الملابس والأدوات التي تظهر في القصص، وثالثا فإنّ هذا المدخل في الترويج سوف يحفز عملية الكتابة للأطفال وهي مجال لا يزال لا يحظى باهتمام كبير، ورابعا يمكن لهذا المدخل أن يؤدي إلى إعادة تقديم جوانب مختلفة من التاريخ الوطني، والأماكن السياحية بأساليب قصصية مناسبة للأطفال، مما يجعل من السياحة عملية لبعث التاريخ الوطني والتعريف بجوانبه وقصصه الفريدة لمختلف لشعوب العالم الذين لديهم فضول كبير لمعرفة أصالة عمان وشعبها.



تعليق عبر الفيس بوك