رغبة الآباء في الارتقاء بالأبناء تكنولوجيا تتحول إلى "لعنة" تدمر التواصل الأسري

رصد تْالتجربة - مدرين المكتوميَّة-

لم يكن الأب والأم يرغبان في شيء إلا الارتقاء بأبنائهما تكنولوجيا، لكن هذه الرغبة تحولت الى "لعنة" دمرت التواصل الأسري بين الطفل وأبويه.. مأساة ترويها أم الطفل (س.م) الذي لم يتجاوز عمره 11 ربيعا، نحيف الجسد قصير القامة، اعتاد استخدام الآيبادطوال الوقت، بجانب متابعة أفلام الكرتون على التلفاز دون ترشيد او متابعة من الأهل.

الأمر تطور سريعا حتى تحولت الفرحة الى كابوس مؤلم، يعاني من افراد الأسرة؛ فالطفل الصغير بات يقدم على تصرفات وحركات يقول الأهل إنها "غريبة"، فمثلا يتحدث مع نفسه او مع الجهاز، بل بلغ الأمر إلى رفض الطعام حبا في الجهاز، وامتنع عن الحديث مع والديه أو أي من أقرانه، على الرغم من أنه كان يمضي أوقاتا متميزة مع أصدقائه وجيرانه في الحي، ويحيا حياة طبيعية كغيره من الأطفال في نفس عمره.

وبدأت المعاناة عندما اشترى والده جهاز "آيباد"، للعب به، لكنه أفرط في استخدامه، ولم يكن يكترث لدعوات أبيه أو نصائح أمه، حتى بدأ الوالدان يفكران في أمره، ويبحثان عن حلول لهذه المشكلة التي لربما تفاقمت ووصلت إلى نتائج لن يحمدا عقباها. في بداية الأمر، قرَّرت الأم أن تخفي الجهاز عنه بعدما انتزعته منه، لكن الطفل الذي ارتبط بالجهاز ولازمه كالخلِّ الوفي، أصدر ردودَأفعال عنيفة، وزاد في نوبات البكاء ورفض تناول الطعام، ومن ثمَّ تطور الأمر حتى بدأ يفضل المكوث منفردا في الظلام، لا يريد أن يحدث أحدا، ولا يذهب للعب مع الأطفال. لكنه كان بين الفينة والأخرى يلعب مع الأطفال، لاسيما إذا ما كانوا من الأقارب.

وبعد فترة من الزمن، لاحظت الأم أنَّ الطفل يرغب في الذهاب دائما وبشكل متكرر إلى منزل أحد أقاربهم للعب من الأطفال هناك، لم تشك في شيء في بداية الأمر، إلا أنَّ الإصرار على الذهاب إلى هناك، وقضاء أوقات طويلة وبشكل شبه يومي، دفعها للتساؤل عن السبب وراء ذلك الإصرار.

وبالفعل، ذهبت الأم إلى منزل الأقارب، وسألت عن أحوال الأطفال، وكانت الصدمة أنهم أخبروها بأنهم يلعبون في غرفة الأطفال، وهناك أجهزة آيباد يستخدمونها، بجانب أجهزة البلاي ستيشن، فضلا عن استخدام الإنترنت وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومصداقة أطفال من دول أخرى.

وكانت هذه لحظة الصاعقة للأم، فأدركت أنَّ قرارها إرساله إلى الأقارب، بهدف إبعاده عن هذه الأجهزة كان خاطئا، إذ لم يكن سوى تقريبا له إليها، بل ازداد الامر سوءا حتى إنه صادق أطفالا من دول اخرى، ربما يؤثرون على طريقة تفكيره واستلابه ثقافيا.

وتواصل الأم المصدومة حديثها: في واقع الأمر، ضربت ابني ضربا مبرحا، في تلك الليلة؛ إذ أخفى عني ما يقوم به مع الأطفال، وفي اليوم التالي استيقظ مُحبطا لا يريد أن يتناول الفطورأو يذهب إلى المدرسة، حينها شعرت بالألم ومدى فداحة خطأي، عندما ضربته، لكني لم أكن لأفعل ذلك إلا خشية وخوفا عليه، ورغبتي في أن يتغيَّر ويولي نفسه اهتماما أكبر، وألا يدمر مستقبله وحياته وتكوينه النفسي والفكري بسبب هذه الأجهزة.

وتمضي قائلة: فعلا بدات اشعر بأني اخسر ابني تدريجيا، فتحول الى شخص عنيد يمتنع عن كل شيء حتى قررت أن أزور الإخصائية الاجتماعيةفي المدرسة لإخبرها عن حالة ابني، ومن ثم جلسنا سويا وأخبرتني أن ابني زارها ما يقارب ثلاث مرات وذلك بأمر من أساتذته؛ لأنهم وجدوا أن حالته النفسية غير مستقرة وتراجعه الدراسي واضح للجميع، لكنه كان يلزم الصمت وإذا تحدث يخبرها بأني أشبعه ضربا، وأنه غير سعيد في المنزل، وأنه محروم من كل شيء حتى الطعام لا يقدم له. وهنا تقول الأم إنها شعرت وكأنَّ جبال الدنيا قد سقطت فوق رأسها، وأن حملا ثقيلا يهدد توزانها، ورغبت في البكاء لكنها حتى لم تدرك ذلك.

غيرأنَّالإخصائية تفهَّمت الموقف، وأخبرتها بأنها تعلم أنَّ الطفل غير صادق فيما يقول. وتضيف: أسوأ ما في الأمر أني شعرت أن ابني يتحدث عني بهذه الصورة السيئة، ويختلق مواقف وأحداثا لا تحدث في الواقع.

وتزيد الأم قائلة: ومنذ 4 أشهر، وأنا أذهب بشكل دوري إلى المدرسة لمتابعة حالة الابن، وأسعى لأن أنظم وقته بين الدراسة واستخدام هذا الجهاز للترفيه والتسلية، وأحمد الله أنه بدأ في التغير، رغم بعض السلبيات التي لم يتخلص منها.

وتوجه الأم نصيحة إلى كافة الأمهات والآباء بعدم منح أبنائهم الحرية الكاملة في استخدام وسائل التكنولوجيا.

تعليق عبر الفيس بوك