"هواة العود" تستعيد ذكريات الأغنية العمانية في الستينيات بندوة موسعة بمشاركة رواد الفن

3 محاور تغوص في أعماق الطرب الأصيل وتسلط الضوء على الإسهام الحقيقي لـ"القوى الناعمة"-

مسقط- ليلى أولادثاني-

نظمت جمعية هواة العود بالتعاون مع النادي الثقافي، ندوة الأغنية العمانية في حقبة الستينيات، على مدار يومين بمقر النادي في القرم، حيث تناولت عدة محاور قدمها مختصون وفنانون.

وشهداليوم الأولمن الندوة، مناقشة 3 محاور بدأها فتحي البلوشي الذي أدار الجلسة، بذكر الهدف من تنظيم هذه الندوة التي تتحدث عن الأغنية العمانية في حقبة مهمة وهي حقبة الستينيات، التي ظهر فيها عدد من رواد الأغنية العمانية، وقدموا خلالها عطاءاتهم الفنية التي مثلت إرثا فنيا وموسيقيا وثقافيا يفتخر به كل عماني. وقال البلوشي: "واجب علينا أن نقدمه بالشكل الذي يليق به، لذلك كانت إقامة ندوة لهذه الحقبة من الضروريات خاصة وأن وسائل الإعلام والتواصل لم تكن منتشرة في الستينيات، وربما لم يعط الفنان حقه وكان له دور في نشر الأغنية العمانية في منطقة الجزيرة العربية".

وفي المحور الأول، قدم الأستاذ الدكتور حمد عبدالله الهباد العميد السابق بمعهد الموسيقى العربية بدولة الكويت ورقة عمل تحدث فيها عن "الأغنية في الجزيرة العربية ورواد الغناء في حقبة الستينيات". وأوضح أن الفنون الغنائية في شبه الجزيرة العربية تتأثر بالتنوعات الجغرافية التي تُحدد الطابع الصوتي والإيقاعي الذي ينبع من البيئة الجغرافية الناشئة بها، مشيرًا إلى أن البيئة الصحراوية تمتاز بفنون تختلف عن البيئة الزراعية أو الجبلية أو البحرية، يضاف إلى ذلك شمال شبه الجزيرة العربية الذي يتنوع بفنونه عن جنوبها وشرقها عن غربها تلك التباينات تعطي الأغنية العربية في شبه الجزيرة العربية ثراءً نغمياً وإيقاعيا وتعبيرا حركيا وأوزانا تجعل في مجملها ثروة وإرثا حضاريا يعزز مقومات الوحدة الثقافية والحضارية في شبه الجزيرة العربية.

وأضاف الهباد أن الباحث في التراث الغنائي في شبه الجزيرة العربية يعيه البحث لما يواجه من ترامي الأطراف والتنوع لكل بلد ضمن إطار شبه الجزيرة العربية بشكل عام، ورغم أن شرق الجزيرة العربية المتمثل بدول الخليج العربي وجنوبها المتمثل بسلطنة عمان واليمن ترتبطببعض الفنون والعادات والتقاليد المتشابهة لما يمثله العمل البحري كجزء لا يتجزء من البحث عن لقمة العيش في تلك الدول، إلا أن العامل الرئيسي المشترك يتمثل بوحدتهم في عامل (الهجرة والسفر). وتابع: لعل إشارة المسعودي لبعض الأغاني البحرية التي كان يتداولها البحارة العمانيون وهم يقطعون الخليج البربري، إشارة واضحة إلى ارتباط الغناء بأعمال البحر عند أهل الخليج العربي؛ حيث يقول المسعودي: "وهؤلاء القوم الذين يركبون هذا البحر من أهل عمان عرب من الأزد، فإذا توسطوا هذا البحر ودخلوا بين ما ذكرناه من الأمواج ترفعهم وتخفضهم فيرتجزون ويقولون: بربري وجفوني / وموجك المجنون/ جفوني وبربري/ وموجها كما ترى.

وتناول الدكتور حمد الهباد في ورقته الفنان سالم راشد الصوري نموذجا عن الأغنية العمانية في فترة الستينات، خاصة في غناء الصوت وتداوله بين مطربي الخليج العربي وسلطنة عمان، مشيرا إلى أن فنون الصوت تتفرع بين الشامي العربي واليماني والحجازي والشحري والصنعاني والفنان سالم راشد الصوري مارس العديد من فنون الغناء إلا أنه برع بغناء الصوت الذي اشتهر غناؤه أيضًا في منطقة الخليج خصوصا مملكة البحرين ودولة الكويت.

وتابع الهباد أن الأغنية العمانية والخليجية بشكل عام في فترة الستينيات ارتبطتبانتشار وسائل الإعلام والإنتاج؛ حيث ساهم الفنان سالم راشد الصوري بدور ريادي من خلال امتلاكه لشركة إنتاج أطلق عليها "سالم فون"، وأنتج تسجيلات على نطاق واسع في منطقة الخليج مع مطربين أمثال الفنان عبد اللطيف الكويتي والفنان محمود الكويتي؛ حيث كانت تلك الشركات الإنتاجية قبلة للفنانين الخليجيين لتسجيل أغانيهم وإنتاجهم الفني ونشرها. وأوضح أن الصورييعد رمزا مهما بالنسبة للشعب العماني ومنطقة الخليج العربي بسبب مساهمته في تطوير فن الصوت في منطقة الخليج العربي.

الدور الريادي

أما المحور الثاني فكان حول الدور الريادي للفنان العماني في حقبة الستينيات، وقدمه الفنان طالب بن محمد البلوشي، الذي عرض ورقته ومحوره هذا من خلال تجربته في إعداد وتنفيذ سهرة "قوانات" التي قدمها خلال 30 حلقة وقام فيها بالبحث وجمع السير الذاتية لعدد من المطربين الرواد في دول الخليج وتاريخهم وإرثهم الموسيقي والغنائي.وتحدّث البلوشي عن عدد من رواد الأغنية العمانية وإنتاجاتهم في حقبة الستينيات وبدأها بالمطرب حمدان بن عبدالله البريكي المعروف بحمدان الوطني الذي كان بحارا مسافرا ارتاد موانئ قطر والسعودية والكويت والتقى بعوض الدوخي والمطربة عائشة رستي وسافر إلى ممباسا ودار السلام وباكستان والأهواز واستقر في البحرين، وكان له لقاء مع الفن في أستوديو (جرجافون) حيث سجّل باكورة أعماله أغنية (صباح العيد محبوبي صادفته) بمصاحبة صديقه محمد راشد الرفاعي، والتقى الفنان الكبير سالم الصوري وعبدالله فضاله ومحمد زويد ويوسف فون وسالم عبدالله وحمد حليس عبر منافذ أستوديوهات التسجيل في البحرين.

ثم تحدث عن محمد بن سلطان المقيمي وهو من الأصوات القوية ويعرف بأنه مطرب "الوصف" فكان يكتب كلامه وصفا لأي حادث يمر عليه أو قصة تحدثبجانبه، وعاشر الصوري سالم وحمد الصوري وحليس وسعد خلفان المشرفي وعبد الرحمن أبو شيخة وأبو يعقوب يوسف، ويمتاز المقيمي بأنه يستخدم الكلمات الشعبية البسيطة في أغانيه وله أغنية مشهورة عنوانها "روح يا رسولي".

ثم تحدث الفنان طالب عن محمد بن سالم المطلعي الذي معظمنا لا يعرفه فكان يحب العود ويقول المطلعي أن أباه كسر العود الذي صنعه من (الصفيح)، لكنه لم يقف عند ذلك فصنع غيره بأوتار أربعة وكان يخفيه عن أبيه، وعندما غادر إلى البحرين التقى بالصوري وفي أستوديوهات سالم فون سجل العديد من الأغاني لكنه لم يشتهر مثل البقية.

ثم تحدث عن حمد بن حليس السناني الذي يعتبر معلما تعلم على يده العديد من المطربين منهم سالم الصوري وعبدالله فضالة وجالس الكثير من فناني زمانه وكان أول مطرب يسجل في أستوديوهات الكويت عند افتتاحها مع إبراهيم الماس وسجل أيضا في أستوديوهات (سالم فون وجرجافون)، وحليس جاب الكثير من الدول وهو يحمل معه عوده ونديمه في السفر فوصل عدن وأفريقيا والهند.

الجملة الموسيقية

وحمل المحور الثالث عنوان "التوسع والثراء في بنية الجملة الموسيقية في الأغنية العمانية في حقبة الستينيات"، قدمها راشد الهاشمي رئيس قسم الموسيقى والفنون الشعبية بوزارة التراث والثقافة. وانقسمتورقته التي قدمها إلى قسم نظري وقسم سمعي وقسم تحليلي، حيث قدم في النظري نبذة عن القوالب الغنائية المستخدمة في الغناء العربي. وقال إنّالغناء العربي يتميز بالعراقة والأصالة لارتباطه منذ نشأته بالشعر من جهة ولطابعه الصوتي والنغمي من جهة أخرى، وقد لعبت هذه العناصر دورا هاما في تشكيل مكوناته وقوالبه، التي تحتوي على أشكال متعددة من الصيغ الغنائية وكل نوع من هذه الصيغ له سماته الخاصة من حيث النظام واللفظ والبناء اللحني وأدائه (غنائه)، الذي يلتزم به كل من المؤلف والملحن والمغني.

تعليق عبر الفيس بوك