"QNB": تسارع هروب رؤوس الأموال من الصين بضغط من سداد الشركات للديون.. وتحرير الحساب الرأسمالي يخفف الوطأة

الرؤية - خاص-

قال تقرير مجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنّ العوامل الاقتصادية العالمية تحدث تداعيات حقيقية على الاقتصاد الصيني، ويتوقع أن يستمر فائض الحساب الجاري بفضل انخفاض أسعار السلع، رغم ارتفاع قيمة اليوان.

وأضاف التقرير الاقتصادي أنّه من المتوقع استمرار هروب رؤوس الأموال مع تسديد الشركات الصينية لديونها قبيل تطبيع السياسة النقدية في الولايات المتحدة، غير أنّه من المنتظر أن تخفّ حدة خروج رؤوس الأموال من خلال تدفقات المحافظ الواردة مع اتخاذ الصين خطوات إضافيّة لتحرير حسابها الرأسمالي. وفي هذا السياق، فإنّ تحرير الحساب الرأسمالي ضروري ليس فقط لتدويل اليوان كعملة معتمدة في التجارة العالمية، ولكن أيضاً للإبقاء على تقلبات قيمة هذه العملة تحت السيطرة.

ويُعد الاقتصاد الصيني الأكبر في العالم والدافع الرئيسي للنمو العالمي، ومنذ انفتاحه على العالم في بداية الألفية الجديدة، كان لأداء الاقتصاد الصيني تأثير كبير على مختلف الاقتصادات والأسواق عبر العالم.

غير أنّ الصين بدورها تتأثر بالتيارات الاقتصادية العالمية؛ حيث إن تأثير تراجع أسعار النفط وتباين السياسات النقدية العالمية وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي يفرض توجّهات جديدة في الصين. ويتجلى هذا التأثير بوضوح في بيانات ميزان المدفوعات للربع الأول من هذا العام؛ حيث بلغ هروب رؤوس الأموال من الصين مستويات قياسية.

وشهد الحساب المالي للصين، وهو الحساب الذي يتم فيه تسجيل التدفقات الرأسمالية والمالية، عجزاً بلغ 159,1 مليار دولار أمريكي، وهو أكبر عجز على الإطلاق يتم تسجيله منذ عام 1998 على الأقل. ووقع هذا العجز الكبير في الحساب المالي رغم الأداء المدهش لسوق الأسهم الصينية التي حققت ارتفاعاً بنسبة 15,9% في الربع الأول من 2015. وكان هذا العجز انعكاساً لتسارع هروب رؤوس الأموال مع تسديد الشركات الصينية لديونها المقومة بالعملات الأجنبية. وقد تراكمت هذه الديون عندما كانت الشركات الصينية تستفيد من انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة من أجل الاقتراض بالدولار الأمريكي. كما لم تقم هذه الشركات بالتأمين على مديونياتها؛ حيث كانت تتوقع ارتفاع قيمة اليوان. وقد بدأت هذه العملية بالتحرك في الاتجاه المعاكس مع اقتراب موعد تطبيع السياسة النقدية في الولايات المتحدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي). وبالرغم من أن البيانات الكاملة لم تتوفر بعد، لكن ديون الصين الخارجية المقومة بالدولار الأمريكي انخفضت بمقدار 23 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2014. ومن المتوقع أن يستمر التوجه نحو تسديد الديون المقومة بالعملة الأجنبية، وبالتالي تواصل هروب رؤوس الأموال خلال عام 2015.

وسجَّل الحساب الجاري للصين فائضاً كبيراً في الربع الأول من 2015 مما عوض جزئيا عن هروب رؤوس الأموال. وكان الفائض الذي بلغ 78,9 مليار دولار، أي ما يعادل 3,5% من إجمالي الناتج المحلي، قد تحقّق بفضل انخفاض أسعار النفط الذي قلص الفاتورة النفطية بالرغم من الزيادة المضطردة في أحجام النفط المستورد. كما أن هذا الفائض في الحساب الجاري قد تحقّق بالرغم من ارتفاع قيمة اليوان الصيني الذي شهد ارتفاعاً في سعر صرفه الفعلي بنسبة 12,9% منذ يونيو 2014، مما أضر بالصادرات الصينية بجعلها أقل تنافسية مقابل صادرات الدول الأخرى. ومستقبلاً، نتوقع أن يبلغ فائض الحساب الجاري 3,0% من الناتج المحلي الإجمالي مع استمرار التأثير الإيجابي لانخفاض أسعار السلع في التفوق على التأثير السلبي لتراجع تنافسية سعر الصرف. وحيث إن عجز الحساب المالي كان أكبر بكثير من فائض الحساب الجاري، سجَّل ميزان المدفوعات الكلي عجزاً خلال الربع الأول وانخفضت الاحتياطيات الدولية بمقدار 80,2 مليار دولار.

غير أنّ تقرير بنك قطر الوطني لا يتوقع أن يتواصل انخفاض الاحتياطيات الدولية، كما لا يتوقع حدوث تراجع كبير في قيمة اليوان، لكن من المنتظر مستقبلا أن تخف وطأة هروب رؤوس الأموال مع التحرير التدريجي للحساب الرأسمالي الذي من شأنه جذب تدفقات محافظ قوية من قبل المستثمرين الأجانب الساعين للاستفادة من معدلات النمو المرتفعة.

وقد حدثت صعوبات في السيولة المحلية في الصين كنتيجة غير متعمدة لهروب رؤوس الأموال. فحينما تقوم الشركات بمبادلة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي مع بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، يؤدي ذلك إلى انخفاض حجم النقد المتداول وتشديد الأوضاع النقدية. لذلك تعتبر الجولات المتكررة من التيسير النقدي التي أجراها بنك الشعب الصيني- كان آخرها قبيل نشر بيانات ميزان المدفوعات- ضرورية للإبقاء على استقرار الأوضاع النقدية. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تعد السلطات لإقرار مزيد من جولات التيسير النقدي مستقبلاً لتحقيق معدل النمو المستهدف 7% في عام 2015.

تعليق عبر الفيس بوك