الكندي: الاستعداد لرمضان يكون بالتوبة وكثرة الدعاء

الرؤية - مالك الهدابي

أكد الباحث العماني فيصل بن زاهر الكندي في لقاء مع"الرؤية" أن شهر رمضان شهر التوبة والغفران والجود والقرآن، شهر صلة اﻷرحام والجيران، ومحاسبة النفس ومراجعتها وتصحيح اﻷحوال ومصالحة الناس، مؤكدا أنه فرصة لبر الوالدين والإحسان إلى اﻷهل واغتنام اﻷوقات.

وأضاف الكندي أن تسمية شهر رمضان مأخوذة من شدة الحر كما ورد عن ابن دريد أنّه لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سُّموها باﻷزمنة التي هي فيها فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته فسمي به. وقال ابن منظور إنّه مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا اشتد حر جوفه من شدة العطش وذكر بعضهم أنه سمي كذلك ﻷنّه يحرق الذنوب باﻷعمال الصالحة فهو يرمضها.

وبين الكندي أن المؤمنين ينتظرون شهر رمضان بفارغ الصبر، ويستعدون للقائه بكثرة الدعاء سائلين الله العلي القدير أن يبلغهم إياه، مع نية الصوم والقيام بجميع الطاعات مع صيام بعض أيام شعبان استعدادا لرمضان، كما أن الاستعداد له يكون باستحضار نية التوبة الصادقة إلى الله تعالى،واكتساب أكبر قدر من الحسنات وصيام نهاره وقيام ليله وخاصة ليلة القدر الله قال الله تعالى في شأنها"ليلة القدر خير من ألف شهر... إلخ".كما يكون أيام بمطالعة الكتب التي تذكر المؤمن بحتمية تقوى الله والانصياع لأوامره واجتناب ما نهى عنه، ومنها كتب الرقائق المختصة بهذا الشهر والتي تهيئ النفس وتمدها بالعزيمة والإصرار على الصيام والقيام.

ويستقبلونه بحرارة أشد من الجمر وبشوق كشوق الليالي لضوء القمر ﻷنهم علموا ما فيه من الخيرات والبركات والنعم والفضائل والحسنات والجزاء والثواب فتراهم لا يفرطون في ثانية واحدة من ثواني رمضان فأيامه معدودة ولياليه تطوى بسرعة فهم يغتنمون ساعاته ولياليه ونهاره وكأنّهم في سباق عالمي يكسب فيه المجدون ويخسر فيه المتخاذلون.

وأردف: اختصر النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان في كلمات كالدرر تستحق أن تنقش بماء الذهب قال فيها : "من صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه، ومن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه" والمراد من إيمانا أي إيمانا بفرضية صومه واحتسابا أي طلباً للثواب من الله تعالى.

وقال إن من يستعد لرمضان استعدادا جسديا وروحيا ويفتح صفحة جديدة مع الله تعالى ومع النّاس ويُصدق أنّ الصيام فريضة من عند الله ويحتسب اﻷجر من الله تعالى، ولم يصم رياءً ولم يشك في فرضية الصيام وصبر على الجوع والعطش وصبر على من تعدى عليه بالكلام وقام ليلة القدر إيماناً واحتساباً وطلب اﻷجر من الله تعالى غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه.

كما أكد الكندي أن شهر رمضان المبارك يعد دورة تربوية مجانية يخوضها المسلم سنوياً، وتتميز هذه الدورة التربوية بأنها تشمل كل عضو من أعضاء جسم الإنسان بل حتى وجدانه وروحه وضميره وقلبه وتفكيره وتخيلاته كلها تخوض هذه الدورة لتصفيتها من كل الشوائب التي علقت بها خلال عام كامل وإعدادها إعدادا جيداً لتشق طريقها في الحياة دون أية معوقات.

واختتم قائلاً: لكل شيء ثمرة وثمرة شهر رمضان المبارك هي " التقوى" التي يتحلى بها الصائم والقائم إيمانا واحتسابا بعد أن ينهي الدورة الرمضانية كما ينبغي فالتقوى في معناها مأخوذة من وقى وقاية وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله عز وجلّ وقاية وهي الحاجز وذلك بفعل الواجبات وترك المحرمات فمن تحصل عليها فعل الواجبات وترك المحرمات وهذا هو مختصر العبادة الذي هو فعل كل شيء ابتغاء رضا الله سبحانه وتعالى.

لذلك فإن شهر رمضان المبارك فرصة للتغيير إلى اﻷفضل ففي هذا الشهر تشع القلوب بالإيمان وتتوجه إلى الرحمن وتتقرب إليه بصنوف العبادات، فتلين إلى فعل الخيرات كبر الوالدين وصلة اﻷرحام وزيارة الجيران والإنفاق في سبيل الله والعفو عن اﻵخرين وإصلاح ذات البين وتغيير السلوك السيئ إلى اﻷفضل وتنظيم اﻷوقات والمحافظة عليها وتعويد النفس الصبر على العبادات وفعل العادات الحسنة حتى يتحول بفعلها الصائم إلى قرآن يمشي بين الناس لا يحمل هماً إلا رضا الله سبحانه وتعالى وإعطاء اﻵخرين حقوقهم.

تعليق عبر الفيس بوك