حرر نفسك من القيد

ناصر بن سيف الجساسي

نشأ سلطان الصارخي يتيماً وعاش فقيراً مكافحاً يدرس ويستغل أي فرصة مواتية في الإجازات ليعمل من أجل إيجاد مكسب يُعيل به نفسه وعائلته فلم يتعفف من العمل الشريف مهما كان نوعه ومكانه وعلى أرصفة الطرقات وتحت أشعة الشمس الحارقة عمل بائعاً للخضار والفواكه.

في العام 2001م التحق سلطان بوزارة الصحة بوظيفة مضمد براتب لا يزيد عن 170 ريالاً ينظف أسّرة المرضى بمستشفى عبري المرجعي ويعتني بنظافتهم الشخصية متحملاً عبارات الاستهزاء والسخرية التي كانت تزيده عزماً وإصراراً على تحقيق حلمه بأن يكون مدرباً ومحاضراً لامعاً في عالم التدريب وتنمية الذات.

وبالرغم من الأجر الشهري الضئيل الذي كان يتقاضاه سلطان إلا أنّه كان يستقطع جزءاً كبيراً منه ليتمكن من حضور المحاضرات والدورات التدريبية للارتقاء بنفسه وكان كثيراً ما يشجع ويحفز زملاءه على تطوير أنفسهم وعدم الاستسلام للضغوطات الوظيفية التي يراها الآخرون عائقاً أمام تقدمهم.

لم يسلم سلطان من داء العصر"السكري" وذات يوم نٌقل إلى وحدة العناية المركزة بمستشفى عبري المرجعي بعد أن وصلت نسبة السكر بجسمه أكثر من 700 ومكث في العناية أياماً وبعد خروجه من المستشفى لم يستمر في الأدوية طويلاً وأشار إليه أحد رفاقه بالاستفادة من شركة تقدم علاجاً بالأعشاب وأيضاً لديها اهتمامات تعنى بتطوير الشخصية والتي ساهمت فعلاً أدويتها وبرامجها التعليمية بشكل كبير على حد قوله بالسيطرة على السكري وفي تطوير شخصيته بشكل أكبر.

انتظم سلطان في هذه الشركة وأصبحت هي الدواء الجسدي والثراء المعرفي لعقله واجتهد في طريق التدريب إلى أن أصبح مدرباً مطلوباً في مجال التنمية البشرية فقدم الكثير من المحاضرات والدورات التدريبية داخل السلطنة وخارجها.

يذكر سلطان أن إحدى الجهات الحكومية طلبته ليقدم لموظفيها برنامجاً تدريبياً ولكن مسؤوله المباشر رفض الطلب لسبب واحد وهو أن وظيفته "مضمد" ويقول إنّ هذا الموقف السلبي منحه جرعات هائلة لتحدي أعداء النجاح.

كل هذه المحطات والتجارب أكسبت سلطان كاريزما رائعة وحالياً يشغل منصب المشرف الإداري والمالي بمستشفى تنعم علاوة على ذلك مساهمته الفاعلة مع زملائه في تأسيس فريق الظاهرة للمواهب وإلى يومنا هذا لا يزال سلطان يصعد سلم النجاح وسقف طموحاته يرقى كلما ارتقى بنفسه، ورغم ما حققه في مسيرته إلا أنه يدين لنجاحاته بعد الله إلى الشيخ علي الحبسي مدير عام الخدمات الصحية بمحافظة الظاهرة الذي آمن بقدراته وإمكانياته وإلى بدر الشكيلي أحد زملائه في العمل.

هل أنت الآن في وظيفة متدنية؟ هل سخر منك الآخرون؟ هل داهمك المرض ونظرت للجانب المشرق منه ؟

بالرغم من أن الدنيا تتسع لكل الناجحين إلا أن الكثير ممن يعملون في وظائف دنيا لا يفكرون في الارتقاء بذواتهم ويرضخون لواقعهم ويرفضون التقدم في حياتهم فليس مهما أين تقف الآن ..المهم هل ستبقى واقفاً مكانك .. أم ستنفض الغبار من تحت قدميك وتحلق فوق سماء النجاح؟؟

قصة نجاح سلطان هي نموذج للكثير من الشباب العماني الذين نغفل عن ذكر نجاحاتهم أو تسليط الضوء على شخصياتهم حتى نستفيد من تجاربهم ونقتفي أثرهم ونرتقي بأنفسنا ومن ثم وطننا.

تعليق عبر الفيس بوك