التلاحم والتسامح والتعايش

 

علي بن بدر البوسعيدي

في مسألة التلاحم بين أبناء عُمان، وتعلقهم بقائدهم المفدى، وتعايش المقيمين على أرضها (مهما اختلفت رؤاهم ومعتقداتهم ومذاهبهم ودياناتهم) حديثٌ يطول،لكن هي بقى ألقاً يضيء وجه السلطنة، التي اكتمل بدُر نهضتها الميمونة على يد قائدها الهُمام قابوس الخير -حفظه الله بعين رعايته- الذي انتهج طريق الحكمة والتسامح والتآلف؛ ليبني عُمان الخير.

ولم تشأ الحكمة السامية لمولانا المعظم أن تكون تلك الروح السمحة حكرا على السلطنة فحسب، فنضح إناء الخير بما فيه؛ وبتوجيهات سامية من لدنه بتكوين لجنة من وزارتي "الأوقاف والشؤون الدينية" و"التراث والثقافة"، إضافة إلى عدد من الجهات الأخرى، لتنقل أجواء التسامح الديني الحقيقية ،لاسيما في الدول الغربية عبرسلسلة من المعارض حملتْ اسم "معرض التسامح الديني"، والتيقار بعددها على الـ30 معرضاً،يضاف إلى ذلك إشادات قيادات وأساتذة دراسات الأديان في بعض الدول بالتجربة العُمانية في هذا الصدد، عرف اناً بالدور الإنساني والقيادة الحكيمة ودعم السلام والعدالة وتشجيع التعايش المشترك ،إلى جانب التعريف بالإسلام ونشر ثقافة التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب والاعتدال الشامل.

وهو بلا شك ما يؤصل لحقيقة مؤكدة؛ وهي أنَّ هكذا توجه إنما هو وثيق الصلة ببناء الدولة السليمة،ومناط ذلك الفلسفة السَّمحة التي تنتهجها سلطنتنا في التعاطي مع مسألة المذاهب الإسلامية وطوائفها؛ وهو ما يَبِيْن (على سبيل المثال لا الحصر) في وزارة الأوقاف العُمانية، التي تنحو باتجاه التوازن بين النصّ و العقل،والأخذ ب الأقوى من الآراء الفقهية،من أيّة مدرسة كانت،وبمنهج منفتح وسمح. وهو تطور ديني فريد من نوعه ،لايعرف طريقاً للتعصب ولا الانحياز.

وقد كان التسامح العماني في بلادنا الخيِّرة مثارَ إعجاب واسع خصوصا في الفترة الماضية والتي شهدت تلاطما لأمواج الفتن أتت على الأخضر واليابس في كثير من دول منطقتنا العربية بل وغير العربية.. والكثير ممن سمعتُ منهم كانوا يشيدون بنجاح التجربة العمانية؛ فالجميع يُمارسو ن طقوسهم بحريّة كبيرة سواءً في مسجده أو ديرهأ ومعبدهأ وكنيسته.. وكان ردي دائما أن ذلك هو سرّ القول بانتظام التسامح في السلطنة.

وهذه-ولله الحمد- حقيقة سجَّلها لنا التاريخ ،ونحن اليوم نستدعيها ونستحضرها لكي ندرك ما وصلنا إليه، ولكي نفيد الآخرين بتجاربنا.. ودعوتي لأبناء عمان والأجيال الجديدة والناشئة، شمِّروا عن ساعدكم لخدمة بلدكم الغالي، وافدوه بأرواحكم، فبقاء الأوطان مرهون بكم بعد حفظ الله ورعايته.. دمتم ودامت عمان بكل الخير.

تعليق عبر الفيس بوك