النفط والبديل المرتقب

حمود بن علي الطوقي

من البديهي أن تبدأ السلطنة كدولة تعتمد على النفط في ناتجها القومي بإعادة النظر في ترتيب أولوياتها بشكل تدريجي، وبجدية أكثر عمقًا، والبحث عن مصادر دخل جديدة تكون بديلاً عن هذه السلعة التي ستنضب يومًا ما.

موضوع النفط وأهم البدائل يحظى بقدر كبير من التداول عبر شبكات التواصل الاجتماعي خاصة في مجموعات الواتساب ..

وقد طرح هذا الموضوع في واحدة من أنشط هذه المجموعات وهي مجموعة السبلة الاقتصادية، وأخذ حظه من النقاش وذهبت جُل الآراء إلى أن بلادنا بما حباها الله من التنوع، تعتبر بيئة خصبة لجذب استثمارات وإقامة مشاريع قد تغنينا عن الاعتماد على هذا النفط الذي يتراوح سعره حاليًا بين ٦٠- و65 دولارا للبرميل.

وقد كان النفط موضوع حوار بيني وبين الصحفي الأمريكي ستيفن فرانكلين المتخصص في الشؤون الاقتصادية والذي زار السلطنة مؤخرًا . والذي كان صريحاً حد الشفافية حينما أكد أن أسعار النفط ستواصل مسيرة انخفاضها إلى مادون السعر الحالي في مقبل الأيام، مما سيخلف آثاراً سلبية على اقصادات الدول التي تعتمد في موازناتها على النفط.

وانطلاقاً مما تمخض عنه مدار حديثنا أرى أنه ينبغي على الدول المصدرة للنفط أن تبحث عن حلول وموارد جديدة لتغطي من خلالها الفجوة الناتجة عن تدني أسعار النفط، والعمل على التحول إلى الاقتصاد الريعي

كما لم يغب موضوع انخفاض أسعار النفط عن تغريدات المغردين وكتاب الأعمدة ومُعدي التقارير، حيث يدلي كل بدلوه في هذا الموضوع إلا أننا في شأننا المحلي نجمع على أن أمامنا تحديا حقيقيا خلال المرحلة القادمة، ويجب الاهتمام بالقطاعات الإنتاجيّة الأخرى كالسياحة والزراعة والثروة السمكيّة والاستثمار في خدمات البنية التحتيّة والخدمات الأساسيّة واللوجيستية ورفع كفاءة المواطنين؛ وهذا الأخير في اعتقادي أفضل استثمار على المديين القريب والبعيد.

السلطنة عندما ثبتت سعر النفط عند ٨٥ دولارًا كانت تدرك أنّ هناك تقلبات تمر على هذه السلعة على الرغم من أنّ معظم التقارير والتحليلات الاقتصادية كانت تشير إلى أنّ سعر النفط سيستمر في الصعود على مدار السنوات العشر القادمة، وكانت التوقعات تشير إلى أن سعر برميل النفط سيرتفع إلى نحو 200 دولار نتيجة للتجاذب السياسي والمشاكل التي نتجت عنها الحروب والدمار في دول المنطقة.

إذن علينا أن نقر استراتيجية جديدة مبنية على معطيات الواقع، وهو أننا دولة لا زالت تعتمد على النفط في الدخل القومي، وأنّ التراجع غير المحمود لأسعار النفط سيؤدي إلى تراجع خططنا التنمويّة المقررة في الخطة الخمسية للبلاد.

ما يجب أن نقره أننا اعتمدنا مشاريع عملاقة بناءً على معطيات الأسعار المعلنة للنفط، ومن هذه المشاريع الوطنية توسيع المطار وإنشاء عدد من المطارات الداخلية وشركة لبناء سكة الحديد وإقامة المنطقة الاقتصادية في الدقم، هذا بجانب إنشاء موانئ للمناولة في صلالة وصحار، وإقامة مشاريع البنية التحتية في قطاع المواصلات والاتصالات، وشق طرق جديدة تربط بين ولايات السلطنة الممتدة.. كل هذه المشاريع سوف تواجه كثيرا من العقبات إذا لم يتم التعامل مع التراجع الحالي لأسعار النفط بحيطة وحذر.

الخبير الأمريكي أشار إلى أنّ الكونجرس الأمريكي سيصوّت بشأن دخول الولايات المتحدة مرحلة الإنتاج بعد أن ظلت لعشرات السنوات مستوردة ومكتفية بمضاعفة الاحتياطات النفطية؛ ولاشك أنّ دخول الولايات المتحدة كلاعب جديد في سوق النفط من شأنه أن يغرق السوق ويسحب البساط من تحت أقدام الدول المنتجة والمصدرة للنفط.

الواقع يحتم علينا كدولة تنتج وتصدر النفط ؛

أن ننظر إلى هذه الأزمة بإيجابية أكثر، ونستفيد من هذه المؤشرات الاقتصادية بالاتجاه نحو تنمية القطاعات ذات المردود المالي الإيجابي لخزينة الدولة، كما أن علينا الالتفات أكثر لبناء الإنسان العماني، ورفع كفاءته، وصقل قدراته؛ وأن نجعل منه أهم محاور التنويع الاقتصادي.

هذا المطلب الأخير سيزيد من قوتنا أمام أية عواصف اقتصادية، وسيكون المحرك الفعلي للبناء والتعمير، فبناء الإنسان استثمار ناجح قادر على مواجهة الأزمات.

تعليق عبر الفيس بوك