الألمانية والفرنسية في مدارسنا

خلفان العاصمي

كان ولا يزال الحديث عن أهمية تدريس لغات عالمية أخرى غير اللغة الإنجليزية في مدارس السلطنة الحكومية مطلبا يقتضيه عصرنا الحالي وما يصاحبه من عولمة في كافة تفاصيل الحياة، وما يصاحب ذلك من نواتج كالتعرف على الحضارات الأخرى وفهمها والقرب منها وكذلك الانفتاح على ثقافة الآخر والتعايش معه، وأيضا عالمية سوق العمل وازدهار النشاط السياحي على المستوى العالمي، كلها عوامل ساهمت في اتخاذ القرار ببدء تطبيق تدريس اللغتين الألمانية والفرنسية في عدد من المدارس الحكومية كمرحلة تجريبية؛ حيث بدأتْ وزارة التربية والتعليم مع بداية العام الدراسي 2012/2013م في تدريس مادة اللغة الألمانية في عدد من مدارس محافظتي مسقط وجنوب الباطنة للصفين الحادي والثاني عشر؛ وذلك إثر التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوزارة ومعهد جوته الألماني، والتي تضمَّنت الاتفاق على قيام المعهد بتأهيل عدد من المعلمين العمانيين في اللغة الألمانية للبدء في برنامج تدريس اللغة الألمانية في مدارس التعليم ما بعد الأساسي بالسلطنة وطرحها على الطلاب كمادة اختيارية، وكذلك الإشراف على عملية التدريس وتقديم الدعم المطلوب؛ سواء من حيث عملية الإشراف الأكاديمي أو تطوير المناهج، وفي العام الدراسي 2013/2014م، تم طرح مادة اللغة الفرنسية كمادة اختيارية اخرى لمرحلة التعليم ما بعد الأساسي للصفين الحادي عشر والثاني عشر، وقد تمَّ البدء في التطبيق بشكل تجريبي في 4 مدارس بكل من محافظتي مسقط وشمال الباطنة، حتى يتم النظر في سير التجربة وتقييمها والنظر بعد ذلك في التوسع في هذا الجانب؛ حيث جاء هذا التوجه من الوزارة -وكما أكده في ذلك الحين مسؤولوها المعنيون عن تطوير المناهج- بهدف تطوير الخطة الدراسية من خلال تنويع المقررات الاختيارية والتوسع في تدريس اللغات المختلفة؛ إذ تعد اللغة الفرنسية من لغات المعرفة والثقافة والفلسفة والفن التي تحظى بمكانة متقدمة على الصعيد الدولي في قائمة اللغات من حيث الاستخدام والانتشار. أما اللغة الألمانية فقد اكتسبت أهميتها كونها اللغة الثانية بعد الإنجليزية من حيث الكثافة في الإنتاج العلمي والبحثي، وهي لغة علوم، كما أنَّ اكتساب لغة أجنبية عالمية أيًّا كانت يمثل عاملا مهما في مجال التواصل؛ حيث إنَّ الاعتماد المتبادل بين اللغات والحضارات ومختلف الثقافات يتزايد يومآ بعد آخر، وهو ما يستلزم ضرورة اكتساب لغات متعددة بالنسبة للطالب العماني، إضافة إلى أنه يفتح أمامه آفاقآ جديدة أكاديميا ومهنيا في المستقبل المنظور؛ تزامنا مع سياسات تنويع مصادر الدخل التي تنتهجها السلطنة؛ حيث يتوقع أنْ يُسهم مشروع تدريس هاتين اللغتين في توسيع مجالات إنجازات الطالب مستقبلا مهما كان مجال تخصصه؛ إذ إنَّ معرفة هذه اللغات سيوسع آفاق عملية التواصل مع العالم الخارجي والتعامل مع كوادر ناطقة بتلك اللغات في مجالات عمل متعددة، ومواصلة الدراسة بهذه اللغات بعد مرحلة الدبلوم العام داخل السلطنة أو خارجها، والتحاق طالب الدبلوم العام بالدراسة في إحدى الكليات بالسلطنة مثل كلية السياحة أو كليات العلوم التطبيقية التابعة لوزارة التعليم العالي أو جامعة السلطان قابوس، ومواصلة الطالب دراسته الجامعية للحصول على البكالوريوس والماجستير في بعض الجامعات الخاصة، أو السعي إلى الحصول على بعثة خارجية لمواصلة دراساته العليا في كل من فرنسا وألمانيا. أما في المجال المهني، فيتوقع أن يُسهم المشروع في إتاحة فرص عمل جديدة أمام الطلاب الدارسين باللغتين الألمانية والفرنسية للعمل لدى العديد من الشركات الموجودة في السلطنة التي توظِّف كوادر أجنبية حاليا، وهذا يعني أن هؤلاء الطلاب يمكنهم بعد تخرجهم إيجاد سوق عمل جديدة في هذه الشركات ومُواصلة نموهم الأكاديمي والمهني عبر دورات توفرها هذه الشركات يتلقونها في كل من ألمانيا وفرنسا، أو في أي من البلدان الناطقة بإحدى اللغتين، وتوفير فرص عمل للطلاب في القطاع السياحي في السلطنة الذي يشهد نمواً مطرداً ويحتاج إلى أكبر عدد من اليد العاملة العمانية لتقديم الخدمات والتسهيلات السياحية لمختلف فئات السائحين.

وفي مجال المؤهلات يخضع طلاب وطالبات الصف الثاني عشر من الدارسين للغة الفرنسية لامتحانات الدل (DELF)، بينما تعقد امتحانات (Fit in Deutsch 1) في المستوى (A1) لطلاب وطالبات الصف الثاني عشر المختارين لمادة اللغة الألمانية. وتعتبر امتحانات الدلف (DELF)، وامتحانات (Fit in Deutsch 1) من الامتحانات الدولية على غرار نظيراتها (التوفل والآيلتس) في اللغة الإنجليزية التي تعتبر دبلومات معترف بها دوليآ، وهي خطوة إيجابية تنفذها الوزارة للرقي بالمخرجات التعليمية، وإتاحة الفرصة للطلبة المجتازين للامتحان لإضافة دبلوم جديد إلى سيرتهم الذاتية وخصوصا وهم مقبلون على مرحلة دراسية جامعية سواء قاموا بالدراسة في السلطنة أو في الخارج.

تعليق عبر الفيس بوك