همسات من واقع حواء

فايزة سويلم الكلبانية

faiza@alroya.info

همسة أولى

كثيرا ما نجد بعض الرجال والنساء يتخذون من مقولة

(Ladies first) في جميع أمور حياتهم وسيلة من وسائل إظهار الاحترام للمرأة، والتقدير لمكانتها وأنوثتها، وبعض النساء يرحبن بالأمر وتسعدهن العبارة ويتقبلنها بسعة ورحابة وابتسامة بشوشة ترتسم على محياهن، ولكنني أقف مع تلك الفئة الرافضة للعبارة نتيجة المشهد الذي يعود لأصول تكون هذه العبارة والذي قد أصفة بالموقف "المتخلف" إن صح التعبير. أقف احتراماً لمن يحترم نساء الأرض كافة في كل ربوع العالم ولكن أفضل أن يكون هذا الاحترام بعيدًا عن عبارة (Ladies first) وأكون لهم من الشاكرين. فسلام يا نساء الأرض قاطبة في كل مكان...

همسة ثانية

أعجبتني عبارة الكاتب الكبير نجيب محفوظ حين قال : "المستهين بالنساء..أتمنى أن تعاد طفولته بدون أم"، أقف موقف الحائرة وأنا أعيش في ضوضاء مسقط العامرة، وأتصفح مواقع التواصل الاجتماعي عبر أنحاء العالم الممتد واستمع إلى العديد من حكايات "الحب والغرام" التي يرددها الرجال على مسامع النساء وتسردها عدد من النساء وكلها تدور حول دائرة واحدة ولكن بأساليب مختلفة بأن فلاناً أبدى رغبته بالزواج من فلانه، ولكن مدعيًا أنّ عالم اليوم المتفتح يتطلب منه التعرف عليها وشخصيتها وتفاصيل يومياتها عن قرب بشكل أكبر قبل أن يتقدم لها رسميًا محفوفًا بالآمال والوعود التي تجعل الحياة أمام ناظر حواء ورية وجميلة، لتستيقظ فجأة من غفلتها لتجد أن وعود "فلان" مجرد أحلام وأوهام هدفها الوصول إلى أنوثتها الجميلة ومحافظا على قربها لإعجابه بها وروحها الطاهرة، لتنصدم بالواقع الأليم بأن "فلان" متزوج ولديه عدد من الأطفال، وفي ذات الوقت يطالبها "فلان" بالبقاء لينكسر ما تبقى في ذات حواء من ثقة ومشاعر وجمال وأنوثة وسط أطماع ورغبات "فلان" وسط سيمفونية حلم عابر اسمه " زواج"..يالوقاحتك يا "فلان"..قد تكون حواء هذه أختك يوماً أو نفساً تعز عليك...فاحترمها..

همسة ثالثة

"الزواج العابر للحدود" أتعجب لماذا يسمح في بلادي لــ "فلان" العماني بأن يرتبط بـ" فلانة" غير العمانية بمجرد عمل تصاريح معينة وتتم الأمور بسلاسة ويُسر، ولكن عندما ترغب "فلانة" العمانية في الارتباط بـ "فلان" غير العماني تقف القوانين والشروط والعقبات موقف التعجيز أمام هذا الارتباط والذي لم يأتِ إلا برغبة ملحة وبموافقة الطرفين وذويهم...فلماذا التعجيز يا قوانين متناسين مقولة "القلب وما يهوى"...

همسة رابعة


المرأة الإيجابية لا تقف في موقف المتفرج إزاء الأحداث، بل تأخذ مكانها في خانة المبادرة، واتخاذ القرار الصحيح حتى في ظل الظروف الصعبة التي تحيط بها من كل الجوانب، وهي أيضًا امرأة تعيش معنى الإقدام على الحياة بعزيمة وصبر وأمل وتفاؤل، ولذا فهي ليست هاربة من الحياة، أو متوارية عن المجتمع الذي تشكل نصفه وهي منه وإليه، ولهذا ينظر الآخرون إلى المرأة الواثقة بنفسها والتي تعيش شعور اعتزازها بقدرتها ومواهبها؛ على أنّها القدوة الحسنة، التي تضع أهدافها نصب عينيها، وتحدد موقعها ومساحتها من خارطة الحياة البشرية، وبذا فهي قادرة على أن تترك بصمتها على صفحات التاريخ..

همسة أخيرة

مقولة "وراء كل عظيم امرأة" لم تأتٍ اعتباطاً أو من فراغ.. فما ألمسه في حياتنا العملية والاجتماعية..أن حواء أصبحت حاضرة بقراراتها الحكيمة في الحياة، وبالتالي فهي امرأة تغيب عن قاموسها مفردات "اللامبالاة، السلبية، التردد، التراجع، التقليد الأعمى للغير والشعور بالنقص"... ولو أمعنا النظر قليلاً في ماضينا لوجدنا أن العظماء والمبدعين ومن صنعوا التاريخ هم أناس كانت تقف وراءهم المرأة بعزيمة لم تعرف معنى الخضوع أو الانكسار.. فحواء اليوم أصبحت أهلاً للمسؤولية بل يمكنك الاعتماد عليها في المهمات الصعبة وتنجزها على أكمل وجه، كما أنّها كفيلة بالقيام بالواجبات الرائدة والإبداع، وما نموذج "ماري كوري" عند اكتشافها للراديوم عنّا ببعيد..فتجد المرأة العمانية حاضرة في أعلى المناصب والمحافل العمانية.

تعليق عبر الفيس بوك