بشراكم أيها المتقاعدون .. أنتم في الذاكرة

حمد بن سالم العلوي

ظل متقاعدو الشرطة ينتظرون أن تساوى معاشاتهم التقاعدية بالمتقاعدين الجُدد، ولكن فئة الضباط منهم تفاجأوا في الأسبوع الماضي، بمساواتهم مع العاملين في دفع رسوم خدمات النوادي، ومرد هذه المفاجأة أنّهم لم يُبلّغوا بهذا القرار الذي استحدث، بعد مضي أكثر من 44 عاماً، فهذا أولاً، وثانياً، إن هناك قطيعة في التواصل بين المتقاعدين وقيادة الشرطة، وهي آخذة في الاتساع منذ فترة تزيد على أربع سنوات مضت، فأمتعض البعض لهذا الأسلوب في الاقتطاع، ولكن البعض الآخر اعتبرها بشرى خير وفألاً حسنًا، بأن تذكرتهم قيادة الشرطة بعد طول انقطاع وإهمال، فشمل هذا الخمول في التواصل مع معظم المتقاعدين، إن لم نقل كلهم احتراماً للمصداقية.

إنّ متقاعدي الشرطة اليوم، يشعرون بشيء من الغضاضة .. وليس الحسد بالطبع، عندما يرون زملاء لهم من متقاعدي رجال قوات السلطان المسلحة، ورجال الأجهزة الأمنية الأخرى، وقد ظلت الجهات التي كانوا يعملون فيها على تواصل وثيق معهم، وهناك جهات رسمية قد عُيِّنت لرعايتهم والاعتناء بهم، والاهتمام بشؤونهم ومتابعة أحوالهم وأسرهم، وقد خصصت لهم يوماً سنوياً للاحتفاء بهم وعائلاتهم، وعائلات المتوفين منهم، علماً بأن رجال الشرطة، وخاصة الأوائل منهم، كانوا مع رجال قوات السلطان المسلحة في خنادق الدفاع عن الوطن ضد الطغاة المعتدين، وظلوا في خنادق أخرى ضد الجريمة، وضد العابثين بالأمن والنظام، وذلك بعد أن ساهموا في تأمين حياض الوطن، نقول هذا لمن فاتته السنوات الأولى من عمر النهضة، فقد كانت المسؤولية مشتركة، وإن الأحياء من رجال الرعيل الأول، ما زالوا يتذكرون تلك الأخوة والمحبة في زمالة العمل الوطني.

فإنّ الأمر الذي يأسف له الجميع، أن بعضاً من رجال الرعيل الأول، يتعرضون اليوم للإهمال تقصيراً من البعض بطبيعة الحال، وليست سياسة منهجية متعمّدة، فعلى سبيل المثال، أخذت قيادة الشرطة تنأى بنفسها عن شأن المتقاعدين، ولا تتذكرهم إلا بقرارات التهميش، والابتعاد عنهم غفلة أو تجاهلاً، وكأن جهاز الشرطة أصبح ملكاً خاصاً للبعض بحكم الوظيفة، وليس جهازاً وطنياً يعني كافة أبناء الوطن، وهنا نود أن ننبه إلى خطأ هذا النهج، ونقول إنّ الاستفراد بالسلطة فعل يعني الموظف، وذلك بطبيعة مسؤولية الوظيفة العامة، ولكن المشاركة في المسؤولية عن الوطن، تعني الجميع دون استثناء، وليس البعض دون الكل، فلا يجوز الاستغناء عن المتقاعدين، وعزلهم عن الرأي والمشورة بهذه الطريقة التهميشية الواضحة، فإنما يوسع ذلك الفجوة بين من صنع بالأمس هذا الحاضر الرائع، والذين استلموا الأمانة الوطنية للرقي بالوطن إلى المستقبل الواعد، فالضّلع يخلُّ بالركب.

ترى لمصلحة من تعطل عقول، وتكف أيدٍ عن خدمة الوطن، ليس بوظيفة ودوام بضع ساعات يُخدم الوطن، فهذه الخبرات التراكمية يجب ألا تُهجر، وهي مازالت فوق التراب، فكيف بحال من صار تحت الثرى، فهل يقال إنّ الماضي قد فُصل ونُسي، لا ليس هكذا تعامل الأوطان أبناءها، طالما ظل الركب سائراً، والرمس لم يندرس، فهناك من يناديه الواجب لخدمة عُمان، ليس طمعاً في كرسيٌّ أو منصبٌ، ولكن الواجب يحتم ذلك، وعبارة "مت قاعد" لا تعني الموت المحتم الذي لم يحن بعد.

إنّ الذي يحز في النفس، أن ترى أمم العالم تُكرّم متقاعديها، وتلبسهم نياشين الشرف التي اكتسبوها أثناء العمل، وهي تحتفي بهم في المناسبات الوطنية، فهي بذلك تكبرهم في نفوس الأمم، وبذلك ترفع شأن ذاتها وتمجد تاريخها، فلا تمحو فقرة واحدة منه بيدها، والحقيقة أن الذين استقطعوا مبلغاً يسيراً بدعوى اشتراك في خدمات واجبة، قد أظهروا بهذا التصرف نوعاً من الاستخفاف بقيمة هذا المتقاعد، والمتقاعدون لا يستفيدون من تلك الخدمات إلا بنسبة 1% ليس لأن أحدا يمنعهم منها، وإنما طبيعة الحال تحول بينهم وتلك الخدمات، وهذا يحدث بدعة غير طيبة في حق المتقاعدين، وأنتم أيها الموظفون لا شك سائرون على نفس الطريق، أو مغادرون بطريق آخر أكثر بعداً من الأول، فالأولى بكم أن تخففوا على المتقاعدين من هكذا مفاجآت، وأظنهم قد أعيت بعضهم الحيلة للوصول إليكم حيث تصاغ قراراتكم بحقهم، وذلك لمناقشة أسباب القطيعة الطويلة والإهمال غير المبرر.

safeway-78@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك