"البحرين دولة صغيرة في منطقة مرعبة"

عبيدلي العبيدلي

في سياق أنشطته الهادفة إلى المساهمة في تنمية الوعي السياسي في المجتمع البحريني، استضاف معهد التنمية السياسية (البحريني) مؤلف كتاب " دولة صغيرة في منطقة خطرة: تقدير استراتيجي للوضع البحريني"، في طبعته الإنجليزية، ميتشل بلفر. ونجح المعهد في توفير بيئة ثقافية لمناقشة قضية محلية في غاية الحساسية، نظرا لطبيعة العلاقة بين مادة الكتاب والظروف السياسية التي تمر بها البحرين.

وأفلح المعهد حين عالج احتمال عدم اطلاع نسبة عالية من الحاضرين على الكتاب، بتوزيع ملخص مكثف مطبوع باللغة العربية احتوى على إشارات لأهم الموضوعات التي تناولها الكاتب.

وقبل استعارة بعض ما جاء في ذلك العرض الملخص، تجدر الإشارة إلى أن هذه الفعالية تشكل نقلة نوعية في أنشطة المعهد الذي يسعى بكل جهد لتطوير أشكال ومفاهيم التوعية السياسية من إطارها التقليدي إلى أخرى إبداعية من خلال مناقشة موضوعات تحمل في طياتها بعض التحدي للأوضاع السياسية القائمة، الأمر الذي يعطي المعهد بعدا سياسيا مختلفا يضع على عاتقه مهمات يتطلب التصدي لها منهجا إبداعيا يقتضي أن تتظافر مع جهوده جهود مؤسسات أخرى من بينها بعض مؤسسات الدولة، ناهيك عن ضرورة رؤية القوى السياسية المعارضة (بفتح الضاد) للمعهد من زاوية تختلف عن تلك التي ما تزال تجعلها بعيدة عن أنشطته، وتتحاشى الاستفادة من الخدمات القيمة التي يوفرها للارتقاء بأداء العمل السياسي في البحرين.

وعودة للملخص التعريفي الذي أعده المعهد (ننقل مادته دون الحاجة لوضع النصوص المنقولة بين معقوفتين)، نجد أنه يبدأ بالإشارة إلى بعض المفاهيم النظرية المتصلة بالأمن، التي وضعها المؤلف، وتصورات العوامل المهددة، ونقاط الضعف، وفرص التحالفات المحلية والإقليمية والدولية، ومستويات القوة المتوفرة للدول الصغيرة عموماً، مع التركيز بصفة خاصة على الدول الواقعة في مناطق وأقاليم خطرة.

وينتقل الملخص إلى الفصل الثاني الذي يبدأ بوضع تعريف مفهوم (القمم الثنائية)، والدول الصغيرة والمناطق الخطرة، ومن ثم يطرح فرضيتين أساسيتان هما:

1. أن عمليات صنع القرار في الدول الصغيرة تختلف جذرياً عن نظيراتها في الكيانات السياسية الأكبر.

2. أن المناطق والأقاليم الخطرة في العالم تتمخض عنها سلسلة من نقاط الضعف التي تظهر واضحة وضوحاً شديداً في الدول الصغيرة مقارنة بالدول الأكبر حجماً.

وبعد التلخيص المكثف للإطار النظري، يشرع الملخص في التنويه إلى مجموعة من التحديات التي تواجه البحرين اليوم. ففي الجزء الثاني من هذا الفصل، يتم تناول العوامل والأسباب المشكلة لتصور هذه الدولة للتهديدات المحيطة بها، والوسائل التي كرستها البحرين للتغلب على التحديات الأمنية التي تواجهها. وتستخدم هذه الجزئية مجموعة واسعة ومتنوعة من البيانات والمعلومات الإمبريقية والتي تم تجميعها من خلال المقابلات المباشرة مع مجموعة من صناع القرار البحرينيين، وأعضاء من المجتمع المدني البحريني، وشخوص منتمية لمجموعات المعارضة البحرينية، بالإضافة إلى الاستعانة بمصادر ثانوية وأدبيات ودراسات علمية محكمة. إن التحليل في هذا الجزء تحديداً يركز بشكل كبير على التحديات المتعلقة بتدخلات خارجية مباشرة أو غير مباشرة محتملة في الشئون البحرينية، والصراعات الإقليمية المحتملة -التي تضم حلفاء البحرين أو غيرهم، وأخيراً تسليط الضوء على احتمالات تخلي حلفاء البحرين عنها في إحدى معاركها الاستراتيجية المعاصرة.

ويرصد الملخص ما جاء الفصل الثالث الذي يخصصه الكاتب لتناول التحديات الحالية للبحرين ويحصرها في خمسة تحديات رئيسة هي:

1. التحدي الطائفي

2. تزايد التدخلات الخارجية من جانب إيران

3. تزايد احتمالات تهديد دول كبرى لدول في المنطقة وتأثير ذلك على السيادة البحرينية

4. تزايد عمليات سباق التسلح في المنطقة وما لذلك من تأثير على الاستقرار

5. تزايد أدوار الفاعلين الدوليين والاقليميين في المنطقة.

ومن هذا الرصد السريع للتحديات يعرض الملخص السيناريوهات التي ثم وضعها الكاتب لمستقبل الصراع في المنطقة وهي:

السيناريو الأول: الصدام المسلح بين الولايات المتحدة وإيران

ويقوم على فكرة الصدام المسلح بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية الاطماع الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط وسعيهاً لامتلاك أسلحة نووية. ويرجع الكاتب هذا الصدام إلى أسباب معينة: الأول هو امكانية إغلاق إيران لبحر قزوين والسبب الثاني هو إمكانية امتلاك إيران للأسلحة النووية أما السبب الثالث فهو قيام إيران بعمل عسكري ضد أهداف أمريكية في المنطقة.

السيناريو الثاني: اندلاع صدام بين إيران والسعودية ومجلس التعاون الخليجي

حيث يرى الكاتب أن الخلافات بين السعودية وإيران أكثر من أن تحصى، وأن الخلاف الأساسي، كما يراه الكاتب، هو إيدلوجي في الأساس فالسعودية هي دولة سنية سلفية وإيران هي دولة شيعية وهي الدولة الدينية الشيعية الوحيدة في العالم. ومنذ اندلاع الثورة الإيرانية والخلافات السعودية الإيرانية تتصاعد وتتشابك في أكثر من ملف فهناك ملف التدخلات الإيرانية في دول الخليج وهناك الأوضاع في اليمن وفي لبنان وسوريا وفلسطين ومضيق هرمز وهي جميعها خلافات قد تؤدي الى انفجار نزاع مسلح أو اقتصادي بينهما مع الوضع في الاعتبار أن الكاتب لم يفرق بين السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. ويرى الكاتب أن هذا السيناريو سيضع البحرين أيضاً أمام فوهة المدفع.

ويخصص المؤلف، كما ينقل الملخص، الفصل السادس للحديث عن الأوضاع الداخلية في البحرين

ولعل مثل هذه الخطوة الجريئة التي خطاها المعهد تجعل من حضروا الندوة توقع مجموعة أنشطة مشابهة منه في المرحلة القادمة تساعد البحرين على استعادة موقعها الثقافي الذي من الخطأ، التفريط فيه.

تعليق عبر الفيس بوك