بلد المليون مطب

خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

إذا كانت الجزائر بلد المليون شهيد، فإنّ السلطنة ستصبح بعد شهور أو سنوات في أحسن الأحوال بلد المليون مطب، وهذا ليس كلامًا عاطفيًا، مع أنّي اعترف أن كلامي غير مدعم بإحصائيات رسمية موثقة من جهات مختصة، إلا إنني والجهات المختصة كوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وشرطة عمان السلطانية وبلدية مسقط وبلدية ظفار وبلدية صحار ومن له اختصاص بإنشاء المطبّات لا نستطيع أن نوثق رقمًا معينًا لعدد المطبّات في السلطنة لأنّه في أقل من ساعة يُقام مطب في طريق وشارع من طرق وشوارع السلطنة وعدد منها تقام في منتصف الليالي وتأتي الجهات المختصة في الصباح وتزرع غيرها.

ولكم أن تتخيلوا أعزائي أنّه لم يخل طريق داخلي أو خدمي من وجود مطب وبعضها احتشرت من المطبّات ويمكن توثيقها لتدخل المنافسة في الموسوعة العالمية للأرقام القياسيّة ولن تنافسنا في ذلك أي دولة وسوف نسجل بحول الله إنجازًا عظيمًا لسلطنتنا الحبيبة ليس على مستوى الشرق الأوسط كما تعودنا سابقًا بل على المستوى العالمي.

نعم هناك طرق لابد أن يتم توثيقها ضمن الموسوعة ويمكن للمهتمين في هذا الجانب التواصل معي شخصيًا حيث إنّي شاهد عيان على طريق اعتدت على استخدامه باستمرار لعدم وجود مطب واحد به، وفي ليلة وضحاها إذا بالشارع ينتفخ في خمس مواقع مرة واحدة انتفاخة عجيبة في مسافة لا تتعدى كيلومترا واحدا، وكل مطب أو انتفاخة تختلف عن غيرها من حيث السمك والعرض والارتفاع وكأنّ كل مطب نفذته شركة أخرى وبمواصفات عالميّة كما تعلمون أيّها السادة القراء، وفي هذا الجانب أضحكتني عبارة أرسلت لي عبر الواتساب تقول (كلنا مؤمنين بوجود مطبات بشوارعنا تقفز أم السيارة، لكن مطب يغيّر الأغنية ويشغل المشاشات ويفتح السدة، من أين لكهذا يا وطني).

وهذه العبارة رغم أنّها قيلت بقصد السخرية إلا أنّ بها من المعاني الكثيرة وتقودنا إلى أن هناك مطب رحمة ومطب وسط بين الرحمة والعذاب ومطب عذاب لا تفلت منه إلا بكارثة؛ خاصة إذا كنت غريبا عن المنطقة التي يوجد بها المطب ولم تشاهد اللوحة التي رسم فيها شكل المطب إذا كانت اللوحة موجودة أصلا وفي أحسن الأحيان موجودة ولكنّها مشوّهة أو موجهة للاتجاه الآخر، وهذا دليل على عدم متابعة هذه الشركات وعدم مراعاة موقع المطبّات.

واستغرب مثل كثير منكم وأتساءل من ذا الذي يقرر وضع هذه المطبات؟ وما هي الأسس التي يتم الأخذ بها في إنشائها؟ وهل تتم دراسة مدى الاستفادة منها في قلة الحوادث أم أنّها وضعت للترضية فحسب؟ فهناك شوارع بها عشرات المطبات مما جعل كثيرا من الناس تسكن في مخيلته أنّ مثل هذا الشوارع لابد أنّها توصل إلى بيوت مسؤول كبير أو شيخ عنده فلوس كثيرة أو موظف في البلدية أو صاحب رتبة في الشرطة وغيرهم، ويحتمل هذا الاحتمال الصحة والخطأ حاله حال كثير من الاحتمالات في الحياة، ولكن ما أنا متأكد منه أنّ هناك فقراء ومساكين بيوتهم على حافة الشوارع مباشرة، وإذا طلعت رجل أحد أبنائهم دهسته أي سيارة تمر، ويطالبون منذ سنوات بإقامة مطب يحمي أبناءهم من السرعة الجنونيّة المستخدمة على هذه الشوارع إلا أنّ أحدا لم يلتفت إليهم.

ومع كل هذا فإنّي مؤمن أشد الإيمان أنّ وجود مطبّات في بعض المواقع ضرورة مهمة، وأنها ساهمت بشكل كبير في تقليل الحوادث المرورية ولكن ما يزعجني كثرة المطبات بدون داع؛ حتى أصبح لكل بيت مطب وأخاف أنّ كثرتها ناتجة عمّا تخيله النّاس من وجود المسؤولين وأصحاب النفوذ والجاه كما هو حال الطرق الداخليّة التي ذهبت في الصحاري والقفار وإلى البيوت والمزارع ومخططات حديثة يشكو أهلها الغبار وتكسر سيّاراتهم ولا مجيب لهم إلا صدى أصواتهم.

إنّ تنفيذ المطبات وأدخل معها الطرق الداخلية لابد أن يكون حسب الأولويّة والأهميّة ويكون تنفيذها بعد دراسة من قبل لجنة مختصّة أمينة من داخل الولاية تزور قرى الولاية وتحصر احتياجاتها من المطبات والطرق وغيرها من الخدمات وترفعها إلى الجهات المختصة للتنفيذ لا أن يتم التنفيذ لمن عيونه مفتوحة وخنجره على خصره وماله وفير وابن فلان ومن قبيلة علان وهم معروفون ولا يحتاجون إلى مزيد تعريف؛ ومن عينه مغمضة ويده قصيرة ولسانه أقصر وماله قليل يعيش إلى أن يصله الدور، وإذا لم يصله سيأتي لأحفاده بلا شك، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك