"المؤتمر الإسلامي للوسطية والاعتدال" يوصي باتخاذ الكتاب والسنة منهجا لمكافحة التطرف

 

 

 

 

- تأطير مبدأ التعايش والتقارب بين المجتمعات وأهميّة الحوار في تحقيق الأمن القومي

 

-إبراز الجوانب الحضارية للإسلام ودوره في نشر التراحم بين الشعوب

- الأحكام الفقهيّة توضح بجلاء عمق نّظرة الإسلام الإنسانية لغير المسلمين

 

- أهميّة تغذية مناهج التعليم بأسس التعليم القومي

 

 

 

أوصى المؤتمر الإسلامي العالمي عن الوسطية والإعتدال والحد من التطرف والذي اختتمت أعماله في مدينة فاس المغربية مؤخرا؛ أوصى بضرورة الالتزام بنصوص الكتاب والسنة لتكون منهجا ونبراسا يهتدى بها لمعالجة ظاهرة الغلو والتطرف. والاهتمام بعلم المقاصد الشرعية حيث يوسع المدارك فهم الإسلام السمح وتطبيقه. بجانب التطبيق العملي للإسلام والتفريق بين المفهوم الصحيح للإسلام والتصرفات الشاذة لبعض الأشخاص والتي ليس لها مكان في الإسلام وتنسب إليه زورا وبهتانا. والعمل على إبراز الجانب الحضاري للإسلام ودوره في الاعتدال والوسطية والتسامح وفق الأدلة الشرعية الصحيحة. كما أوصى المؤتمر الذي نظمته جمعية البحر المتوسط للتنمية المستدامة بأهمية التعايش والحوار والاستقرار والأمن والسلم بين الناس وفي جميع أنحاء العالم. والاستفادة من وسائل الإعلام والاتصال الحديثة لنشر مفهوم الوسطية والاعتدال. وضرورة تأطير الشباب ومواكبتهم وإنقاذهم من الزج بهم في الجماعات المتطرفة واستثمار أوقات فراغهم في ما يفيد دينهم وأوطانهم وأمتهم.

 

 

 

(فاس)المغرب-أحمد بن عبد الله الكندي-الرؤية

 

وأوصى أيضا بضرورة تحفيز الشباب الباحثين في الأعمال البحثية من أجل سبر أغوار هذا الموضوع وتطويره خدمة للسم والأمن، وبث روح الوسطية والاعتدال بين المتعلمين.

ويأتي انعقاد المؤتمر الذي عقد تحت شعار أهمية الحوار والتأطير الديني في تحقيق الأمن القومي لبحث سبل نشر وتأطير مبدأ التسامح والتقارب بين المجتمعات والأفراد، ونشر الوسطية والاعتدال وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، ويؤكد على ضرورة إيجاد الحلول الناجحة للحد من ظاهرة التطرف ونبذ العنف ودورهما في تحقيق الأمن.

وطرح المشاركون خلال جلسات عمل المؤتمر المتتالية عددا من أوراق العمل. حيث رحّب الدكتور محمد كروم رئيس المؤتمر في الجلسة الافتتاحية بالمشاركين والحضور، بعد ذلك ألقى الشيخ محمد أيوب صدقي من الجزائر افتتاحية المؤتمر، بيّن فيها أنّ الدين وسيلة لتقويم التعايش البشري من خلال الأخلاق والمعاملات مشيرا إلى أهميّة الحوار بالحكمة باعتبارها السلوك الذي يتعامل به الإسلام مع كل الأقطار، وأنّ الإسلام يحث على احترام الآخر.

كما ألقى نائب رئيس جامعة القرويين بفاس كلمة أوضح من خلالها دعوة الإسلام إلى الوسطية والاعتدال وبأنّ مقتضيات الخطاب الإلهي للإنسان تدعو إلى السير في الأرض بحسن التعايش وحسن الخلق، مع السمو الروحي والعمل الإيماني، وأشار إلى ما يعانيه بعض المسلمين من الفرقة والتخاصم فيما بينهم في شتى ربوع العالم، وبأنه نتاج لعدم فهمهم العميق بتعاليم الدين الإسلامي، وقدم الدكتور ماجد أبو رخيّة ورقة بعنوان مفهوم الوسطية وتأصيلها بين الكتاب والسنة والتراث الإسلامي، أشار فيها إلى أنّ الوسطية من شعائر الدين الإسلامي ومنهج من مناهجه. وأن طبيعة الرسالة الخالدة المتمثلة في القرآن والحديث، تؤكد على الوسطية.

كما قدمت الدكتورة أسماء بلدي (نائب عميد جامعة أوروبا الإسلامية كليّة العلوم الإسلامية ببروكسل ورقة بعنوان أسس الحوار وأهميته في تحقيق الوسطيّة ونبذ العنف والتطرف الديني.

 

 

الوسطية والتعايش

وجاءت مشاركة الدكتور سليمان بن علي بن عامر الشعيلي من جامعة السلطان قابوس بورقة عنوانها الوسطية والاعتدال ومقصد التعايش الإنساني. تناولت معنى الوسطية ودعوة القرآن الكريم إلى التوسط في كل الأمور، مصداقا لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليهآ إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلاّ على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إنّ الله بالناس لرءوف رّحيم ) وفسرت معنى الوسط في الآية الكريمة بأنّ معناه الخيار والعدول كما قال المفسرون، وإنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلوّ فيه كغلوّ النصارى الذين غلوا بالترهب وقيلهم فـي عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه كتقصير اليهود الذين بدّلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم وكذبوا علـى ربهم وكفروا به، ولكنهم أهل توسط واعتدال فـيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبّ الأمور إلى الله أوسطها.

ثم تحدثت الورقة عن التطبيق العملي لهذا المنهج في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وأن النبي عليه السلام كان يحب التوسط في الأمور وأنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وأنه عليه السلام كان يبغض الغلو والتنطع في الدين، ويقول هلك المتنطعون.

ثم تطرقت الورقة إلى مظاهر الاعتدال في الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق، ثم اختتمت الحديث عن التعايش بين البشر، وأن القانون العام هو قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنان قوم علىۤ ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى واتّقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون) سورة المائدة.

ومن بنغلاديش قدم الأستاذ محمد شاه عالم ورقة حول الاعتدال والحد من التطرف الديني. أما الدكتور عبد العزيز أحمد عليوي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة المجمعة بالمملكة العربية السعودية فقدم ورقة بعنوان "دور أساتذة الجامعة في تحقيق الأمن الفكري والروحي ومما جاء فيها بيان أهمية استتباب الأمن باعتباره مطلب الجميع وترسيخ الانتماء إلى الدين والوطن. منوها إلى أهميّة تغذية مناهج التعليم بأسس التعليم القومي وعقد ندوات هادفة لتوعية الشباب.

كما قدم مصطفى شريفي من مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي بجامعة نزوى ورقة بعنوان (أسماء الذم بين حفظ الدين وبين سائر المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية) تناول فيها مفاهيم أسماء الذم.

وابتدأت الورقة ببيان علاقة الأسماء والأحكام بمقاصد الشريعة وركزت على مقصدين هما حفظ الدين والعقل، وتحدثت الورقة عن المقاصد الشرعية بين الظن والقطع والأدلة عليها من الكتاب والسنة مع التنبيه إلى خطورة التكفير وسفك الدماء بين المسلمين وتشديد العلماء من الوقوع فيها وارتكابها. وأفرد الباحث فرعا تحدث فيه عن دور السياسة والإعلام في نشر الفكر التكفيريّ بين فرق الأمّة: ثم تطرق إلى بيان أسماء الذم ومقاصد حفظ النفس والنسل والمال ومما جاء في هذا الفرع: إنّ كلّ متتبّع لما في القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة من نصوص يجدها قطعيّة في النهي عن الاعتداء على النفس أو المال أو النسل، وترتّب عليهما وعيدا شديدا، نذكر منها ما يأتي:

قوله تعالى: ﴿قل تعالوا اتل ما حرّم ربّكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم وإيّاهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النّفس التي حرم الله إلا بالحقّ ذالكم وصاكم به لعلكم تعقلون﴾ وقوله تعالى: ﴿ومن يّقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾ ووضع جملة من البدائل المقترحة لتجاوز الفكر التكفيري منها:

الاجتماع على المتفق فيه، ولا تكفير إلاّ فيما نصّ عليه القرآن قطعيّا، ولا لزوم للاستعراض ولا للعرض، ونقد التراث وتعديل المقررات.

 

 

العلاقات الإنسانية في ثيقة المدينة

وشارك الشيخ الدكتور محمد بن راشد الغاربي من جامعة السلطان قابوس بورقة عنوانها "وثيقة المدينة أساسا للتعايش الإنساني". تحدث في مقدمتها عن الفترة العصيبة التي تعيشها الأمة الاسلامية من أحداث جسام بين أفرادها مما جعل الآخرين يصفونها بالعنف والتطرّف والإرهاب، والذي ساعد على نشر تلك الدعاوى والأباطيل وتلكم التصرفات الخاطئة والأفعال الشائنة لبعض من ينتمون إلى الإسلام وينسبون إليه، ويتزملون في ثيابه، فكانت أفعالهم وتصرفاتهم وسيلة لظهور تلك الافتراءات وسببا لتلك الأباطيل ويأسف الدكتور على سوء فهم البعض لنصوص التشريع حيث حملوها على غير محملها وأحلوها في غير محلها ومن هنا بات لزاما على علماء الأمة وفقهائها الراسخين في العلم أن يبينوا الصورة الحقة للإسلام وأن يصقلوا صورته مما لحق به من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ويبرزوا عدل الإسلام ووسطيته وأنه رحمة للإنسانية وسعادة للبشرية جمعاء، وإن من أقوى البراهين على ذلك ما قررته وثيقة المدينة من أسس عامة وقواعد كلية للعلاقات الإنسانية التي يجب أن تحكم الناس في تعايشهم وتعاشرهم، وبين الدكتور بأننا اليوم في أمس الحاجة إلى تلك المبادئ العامة وإيضاح تلك الأسس الكلية ولمبادئ الإنسانية التي أمرنا بها من بعثه الله رحمة للعالمين.

وركّزالمحور الأول من الورقة على أثر الوثيقة في علاقة أفراد الأمّة ببعضهم؛ وذلك أنّ الوثيقة أولت هذا الجانب عناية بالغة وقررت فيه جملة من الأحكام ينبغي إيضاحها؛ لا سيما مع ما يحدث في عالمنا الإسلاميّ من تناحر بين أبناء الدين الإسلامي، وما يقع بينهم من سفك للدّماء، وإزهاق للأرواح وإتلاف للأموال، وإهلاك للحرث والنّسل، وما نتج عن ذلك من شرّ مستطير، وبلاء عريض، صار يهدّد العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وأوضح في هذا المحور ضرورة الوحدة الإسلامية، ومكانتها في التّشريع الإسلامي، وما أولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عناية، وكيف غرس التّحابب بين المسلمين، وكيف كان يسعى لتأليف قلوبهم، وما قرره في هذا الجانب من خلال هذه الوثيقة المباركة.

أمّا المحور الثاني فتحدثت الورقة فيه عن علاقة المسلم مع الآخر المختلف عنه عقيدة؛ وبين أن الأساس الذي تبنى عليه هو قول الله تعالى: "لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ اللّه يحبّ المقسطين" الممتحنة: وقوله تعالى: "لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرّشد من الغيّ" البقرة: 256 وفي الورقة طائفة من الأحكام الفقهيّة التي توضّح بجلاء عمق النّظرة الإنسانية في أحكام الإسلام في معاملة المسلمين لغيرهم، كإيجابه البرّ بالأبوين المشركين، وإجازة إهداء المسلم لغير المسلمين وقبول الهديّة منهم، وعيادة مرضاهم وتعزيتهم، وإعطاء المسلم لغير المسلمين من صدقة ماله، ومشروعية الرّفق في الخطاب لهم. واختمت الورقة بجملة من التوصيات.

وجاءت ورقة الدكتور علي بن عمر السحيباني من جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية لتسلط الضوء على سبل الإفادة من التراث لتهذيب التصورات الاعتيادية والتصرفات السلوكية.

تعليق عبر الفيس بوك