قطرة ماء (أخيرة) لمواطن ينتظر..

مسعود الحمداني

انقطعت المياه عن محافظة مسقط، ومحافظتيّ شمالي وجنوب الباطنة..فضجّ النّاس، شعروا بأنّهم عادوا قرونًا إلى الوراء؛ حيث كان آباؤهم وأجدادهم يسعون وراء الكلأ والماء، يبحثون عنه في أرض الله الواسعة، يجدونه تارة، ويغيب عنهم تارات، ولكن الوضع مختلف في هذا العصر..

الماء (محاصر ومحصور) بين شبكات التحلية، وبين سيّارات ناقلات المياه، والتي لم يتورع بعض سائقيها عن استغلال انقطاع الماء ورفع أسعارهم إلى ما يقارب العشرين ريالا في بعض الأوقات!!.. والمضطر يركب الصعاب، وعلى المتضرر الدفع..

انقطعت المياه، ورفع الناس شكواهم إلى الله تعالى ثمّ إلى المسؤولين الذين بدأوا في بث رسائل دعائية عبر وسائل الإعلام بـ (ترشيد استخدام المياه، وعدم ريّ المزروعات، أو غسل الملابس، أو غسل أي شيء..) لأنّ الماء ضرورة للشرب فقط، وحتى ماء الشرب لم يجدوه!!.

الوضع خطير فعلا.. ولكن ربما أرادت الهيئة العامة للكهرباء والمياه أن تعمل (بروفة) للأيام الأسوأ.. أيام قد يضطر المواطن فيها إلى الاعتماد على نفسه في توفير المياه، وأن يعود بذاكرته إلى دروس العلوم واستخلاص الماء ذاتيا بطريقة (التقطير)، أو (التسخين) أو الطرق الأخرى لتلبية حاجياته.. أو أن يشرب من البحر!!.

أيامٌ وأيامٌ وصرخات المواطنين ترج أروقة الإعلام يصرخون طلبًا للماء، ولكنّ الأصوات تعود صدىً يتردد، وانقطاعات الماء في محافظة مسقط لا تنتهي.. ولم تعد مشاهدة الناس وهم يطاردون حافلات الماء في كل مكان طلبًا للعون منظرًا غريبا.. والحمد لله أنّ هذه الحافلات ما تزال موجودة وأصحابها ما زالوا يعملون، وإلا رأيت أنباء معاناة (العمانيين) على الـ (بي بي سي) أو (السي إن إن) ولرأيت لجان الإغاثة الدولية توزع المياه على من (تقطّعت بهم السبل)!!.

غابت الخطط البديلة لدى الهيئة العامة للكهرباء والمياه، واتضح بشكل جليّ ضعف البنية الأساسيّة للمياه لدينا، وانكشف الغطاء عن هشاشة غير قابلة للجدل لضعف في إمدادات المياه وشبكات التوصيل، وفتح السؤال الكبير ذراعيه: (من المسؤول عن هذا التراجع الخطير في خدمات المياه في السلطنة؟.. ومن المسؤول عن كل هذا التخبّط؟!!.. ومن الذي يجب أن يحاسب؟!!.. وأين مكمن الخطأ بالضبط؟!!)..

هذه الأسئلة يجب ألا تكون مرحليّة وألا تنتهي بانتهاء الأزمة، بل يجب محاسبة كل من تسبب فيها، وألا تُرمى الأعذار بين جهات وشركات وأشخاص حتى تضيع القضيّة، وتميّع المسؤولية، ويتم ترميم المشكلة ومعالجتها سطحيًا بمسكناتٍ وقتيّة..

لا شك أنّه لا أحد يريد أن يكون في موقف الهيئة العامة للكهرباء والمياه ولا في موقف مسؤوليها.. والذين أتمنى منهم أن يعودوا لقراءة (المادة الثالثة) من قانون تأسيس الهيئة، ليدركوا أين موقعهم من تحقيق تلك الأهداف..

كنا نتمنى ألا نتطرّق لقضيّة انقطاعات المياه بعد سنوات من البناء والعمل، والحديث عن (رفاهية المواطن وراحته) ومبادئ الدولة العصرية، في وقت يعاني فيه هذا المواطن من أزمة حادة في الضروريات الأساسية لحياته..

إنّ على الدول أن تستفيد من تجاربها ودروسها.. وأعتقد أنّ الدروس المستفادة من هذه الأزمة لن تنسى بسهولة..

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك