افتتاح المتحف الوطني رسميا نهاية العام الحالي لإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية العمانية

◄ جمال الموسوي: اعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتحفية في المشروع

مسقط - العُمانيَّة

يُعتبر المتحف الوطني في السلطنة مشروعاً حيوياً يهدف إلى تحقيق رسالة ثقافية إنسانية والارتقاء بالوعي العام، وترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل انتماء المواطن والمقيم والزائر للسلطنة وتاريخها وتراثها وثقافتها، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية.

ويَسْعَى المتحفُ إلى الحفاظ على الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وتراث وثقافة وفنون السلطنة بكافة تجلياتها، وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية، مع توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات الإدارة المتحفية وإدارة المقتنيات والعرض والمعروضات والمعارض والأنشطة الخاصة وخدمات الزوار والتربية المتحفية والبحوث والإصدارات والعلاقات العامة، والتسويق ونظم الأمن المتحفي، إضافة إلى تقديم الرؤية والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة.

والسلطنة تطمحُ -من خلال هذا المتحف- إلى تبوُّء مكانتها المرموقة في مجال الصناعة المتحفية، ومواكبة التطورات الفنية والتقنية في قطاع المتاحف؛ باعتماد أفضل المعايير والتقنيات المتبعة في مجال الإدارة المتحفية.

ويقول جمال بن حسن الموسوي مدير المتحف الوطني بوزارة التراث والثقافة، إنَّه من المتوقع افتتاح المتحف رسميًّا نهاية العام الحالي، وأنه تمَّ في 23 نوفمبر من العام الماضي تدشين شعار المتحف وتطبيقات الهوية المتحفية تزامناً مع حفل التشغيل التجريبي للمرافق، كما تمَّ في سبتمبر من العام الماضي التشغيل التجريبي لمعامل المخازن والحفظ والصون ومخازن المقتنيات.

وأوْضَح الموسوي أنَّه خلال الفترة بين مرحلة التشغيل التجريبي والافتتاح الرسمي، ستتم دعوة فئات من الزوار من مواطنين ووافدين يُمثلون مُختلف أطياف وشرائح المجتمع العُماني؛ بهدف إطلاعهم على جودة المنظومة المتحفية وإجراء الاختبارات العملية عليها من أجل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجتها إن وُجدت لضمان تقديم خدمات متحفية وتعليمية فعالة.

وقال الموسوي -في تصريح لوكالة الأنباء العمانية- إنَّ المتحف الوطني قام بناءً على التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء معلم ثقافي يحتضن مفردات التراث الثقافي العماني بشقيه المادي والمعنوي وتوظيف، واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتحفية المتبعة.

ويُذكر أنه تمَّ في العام 2004م اختيار موقع المشروع؛ بحيث يكون مقابلَ قصر العلم العامر، وفي ظلال قلعتي الجلالي والميراني، وخارج أسوار مسقط القديمة؛ ليضفي بُعداً رمزياً ودلالة معنوية. كما تمَّ في العام 2007م تعيين الاستشاري الرئيسي للمشروع وهي شركة (JJA-COWI JV) التي بدأت في العام 2009م الأعمال التمهيدية في الموقع، وتبعتها في مارس من العام 2010م الأعمال الإنشائية، ثمَّ في سبتمبر من العام 2013م تم الشروع في أعمال التجهيزات الداخلية من خلال شركة (APO)من مملكة إسبانيا ودخل مشروع المتحف الوطني في 23 نوفمبر من العام الماضي مرحلة التشغيل التجريبي؛ بهدف فحص واختبار المنظومة المتحفية بما تشمله من أجهزة وأنظمة وعمليات وحدات إدارية داخلية بغرض التأكد من سلامة أدائها تمهيدا للافتتاح الرسمي للمشروع.

كما تمَّ في العام الماضي تشكيل مجلس أمناء المتحف الوطني برئاسة صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، وعضوية 4 من الشخصيات الاعتبارية العمانية واثنتين من الشخصيات الاعتبارية العالمية؛ وهما مدير متاحف "تيت" البريطانية، ومدير عام متحف "الإرميتاج" في روسيا الاتحادية. ويهدفُ المشروع الوطني أيضا إلى المحافظة على مكنونات التراث الثقافي العماني؛ من خلال دعم الأبحاث والدراسات العلمية والتاريخية والخطط للحفظ والصون الوقائي إضافة إلى التعليم والتواصل المجتمعي الذي يتحقق من خلال مركز التعليم الذي يقدم الخدمات التعليمية المتميزة لكافة الزوار ومختلف الفئات العمرية خاصة للأطفال والفئات العمرية للطلاب، ومن خلال تقديم خدمات الزوار المتميزة وللفئات الخاصة.

ويتميَّز المتحف الوطني بأنه يضم أول مركز للتعليم المتحفي في السلطنة، وأول مرافق للحفظ والصون الوقائي صُمِّمت وفق معايير المجلس الدولي للمتاحف، كما أنه أول مبنى عام في السلطنة يضم تسهيلات متقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم المكفوفون وذوو الإعاقة الجسدية من خلال توظيف رموز لغة (بريل) بالعربية، وتوظيف العرض المكشوف حتى يمكن التفاعل مع المقتنيات بشكل حسي مباشر، وهو أول متحف في الشرق الأوسط يقوم بتوظيف رموز (بريل) العربية في سياق التفسير المتحفي ومنظومة المخازن المفتوحة؛ حيث يستطيع الزائر أن يُشاهد ويُعايش المراحل التي تمرُّ بها التحف الأثرية من جرد وتوثيق وفحص مبدئي وحفظ وصون، وصولاً إلى مرحلة حفظها بالشكل المؤقت في المخازن المفتوحة، وما كان سابقا يتم خلف الكواليس سيكون في المتحف الوطني متاحا للمشاهدة بشكل ثابت ومتواصل.

ومنذ العام 2010م وحتى الآن، يجري في السلطنة تنفيذ أكبر برنامج للحفظ والصون؛ حيث تمَّ استقطاب كبرى بيوت الخبرة العالمية والأفراد للعمل -سواء في السلطنة أو من خلال تأهيل هذه التحف متى ما دعت الحاجة خارج السلطنة- وقد شهد العام الماضي 2014 دعوة 66 خبيراً وخبيرة من ثماني دول حول العالم للمساهمة في هذا البرنامج.

وبيَّن الموسوي أنَّه سيكون للمتحف لاحقاً موقع على الشبكة العالمية للمعلومات "الإنترنت"؛ حيث سيُتاح المجال للباحثين والدارسين للاطلاع على الأبحاث والدراسات المتاحة في هذا الجانب، والتعرف عن كثب على هذه المفردات.. مؤكداً أنَّ ما يُميِّز المتحف عن مشاريع متحفية إقليمية مماثلة أن جذوره راسخة في عمق التاريخ العماني، وتنبع من تراب هذا البلد؛ فهو مُختص بتناول مكنونات التراث الثقافي العماني عبر العصور؛ إذ إنَّ المعروضات إما أنَّها عمانية المنشأ أو ذات صلة بعمان، وخلال الفترة من 2010م إلى 2014م شهد المتحف دعوة 30 خبيرا وباحثا من داخل وخارج السلطنة، وتمت الاستعانة بـ21 بعثة أثرية لإعداد وتطوير مكنونات قصة السرد المتحفي.

وقد شهد المتحف خلال الفترة الماضية ابتعاثَ عدد من الموظفين للتدريب والتأهيل المهني خارج السلطنة، واستضافة دورات تخصصية في مجال العمل المتحفي من قبل مؤسسات عالمية مثل متاحف (تيت) من المملكة المتحدة ومتاحف (سميث سونيان) من الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسسة (كالوست جبولبيكان) من جمهورية البرتغال.

تعليق عبر الفيس بوك