رحم الله الشيخ العيسري

سارة بنت علي البريكية

تستمر حياتنا رغم كل المنغصات التي تحدث بها، وتذهب الأيام مسارات ونحن نؤمن بما قاله الله تعالى لنبيه " إنك ميت وإنهم ميتون" ومع هذا التصريح الإلهي بأننا راحلون عن هذه الدنيا إلى حيث سبقنا الآخرون للتراب، فإنّه ينبغي أن نعمل لهذا الغياب والرحيل الأبدي بما يجعلنا مستعدين له، وإذا كان موت الإنسان العادي أمر محزن ومؤلم، فإنّ موت العالم يعد مصيبة كبرى تحل بالأمة، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وهم نجوم يهتدى بهم في الظلمات، ومعالم يقتدى بهم في البيداء، وقد قال الله في محكم التنزيل "إنما يخشى الله من عباده العلماء.

وعليه فإنّه وببالغ الحزن والأسى وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ودعنا قبل منتصف هذا الشهر الشيخ الجليل خلفان العيسري الذي انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعطاء والعمل في مجالات الدعوة إلى الله، ونشر العلم والخير وهداية الناس وتبصيرهم بأمور دينهم، فقد كان رحمه الله شعلة من النشاط والحركة في مختلف الميادين الإسلامية والدينية والخيرية، وكان غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر من أجل دين الله متنقلا بين دولة وأخرى، وبعد وفاته تناولت وسائل الاتصال الاجتماعي خبر وفاته، معددة مآثر الفقيد ومناقبه والدور الإنساني الذي كان يقوم به، وقد ضجت هذه الوسائل بخبر الوفاة مستعرضة السيرة الذاتية له ومكانته الاجتماعية وعلمه ومؤهلاته الدراسية وخبراته ومنجزاته وما قدمه للأمة والعالمين الإسلامي والعربي.

وحقيقة لم أكن أعرف الشيخ الفقيد عن قرب، بل كنت أسمع عنه من عامة الناس وخواصهم كل خير، وعند وفاته ووقوفي على ما قيل عنه وما تناولته العديد من الوسائل الإعلامية والمواقع الاجتماعية، تأثرت تأثرا شديدا على وفاته ورحيله، وتمنيت لو أمد الله في عمره، لأن الأمة في هذا التوقيت بحاجة له ولمثله من رجال الدين والدعوة والإصلاح، ولكن لا اعتراض على إرادة الله وحكمه، وإذا بي أتصفح المواقع الإلكترونية لكي أقرأ كثيرا عنه ولأتعرف على جهوده، فوجئت بالكثير من الأعمال والمحاضرات والجهود التي قام بها، وما كان رحمه الله يبذله على كافة الصعد والمستويات، وفرحت فرحا شديداً عندما علمت أن هناك كثيرين ممن دخلوا الإسلام على يديه، وفي أيام العزاء ذكر لي أحد الأقرباء عن الشيخ خلفان العيسري أنه رجل فاضل وكريم ودائما لا يتردد في تقديم المساعدات حتى على سبيل القيام بالنصح والإرشاد لمن يحتاج لها في توقيت ما.

لا أنكر أن وفاة الشيخ خسارة كبيرة للأمة، ولا نملك إزاء هذا المصاب الجلل إلا أن نترحم عليه وندعو له، وحسبي إن دعاؤنا له كقطرة في محيط أخرجت من الماء مقابل ما قدمه، سائلة الله العظيم رب العرش العظيم، أن يتقبله قبولاً حسناً، وأن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم آله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Sara_albreiki@hotmail.com


تعليق عبر الفيس بوك