"صوتك شورك"

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي تتهيأ الجهات المعنية لإدارة انتخابات مجلس الشورى في أكتوبر القادم، وما يصاحب ذلك من تحضيرات شملت العديد من الأصعدة، لعل أكثر ما يُثلج الصدر أن نرى بعض المبادرات الاجتماعية التطوعية الهادفة إلى رفع الوعي بالمشاركة السياسية الوطنية تنطلق في أنحاء السلطنة مؤكدة على أهمية المشاركة السياسية الصحيحة، والعمل على تطوير المفهوم الانتخابي وكيفية إسهام المواطن في هذا الشأن، ومن هذه المبادرات مبادرة (صوتك شورك) التي تجوب المحافظات للارتقاء بكيفية المشاركة وتعميق الوعي بأهميتها قبل كل شيء وتوضيح كيفية ممارسة الفرد دوره في الانتخاب الذي على الجميع الاضطلاع به لتغيير المشهد الانتخابي القادم على نحو صحيح، يعطي الأهمية الفرد في الارتقاء بالمشاركة السياسية من خلال حسن الاختيار للأعضاء والإسهام الفاعل في إيجاد مجلس شوري قادر على الإيفاء بالاستحقاقات المستقبلية، الأمر الذي يتطلب تحفيز مثل هذه المبادرات الهادفة إلى إنجاح العملية الانتخابية وإرساء أسس صحيحة لممارستها في مجتمع تعتريه العديد من التجاذبات في الانتخاب مازالت توجه الأصوات إلى المكان غير الصحيح.

لاشك أنّ مثل هذه الحملات المجتمعية الهادفة إلى تنوير أفراد المجتمع بكيفية المشاركة تشكل قيمة عالية كونها تسهم في تصحيح المسار الانتخابي الذي يحتاج إلى جهود كبيرة لتوعية المواطنين في الاختيار الصحيح لأعضاء مجلس الشورى ضمن حملات كبيرة في تصويب اختيار المجتمع على النحو الصحيح، وليس على أسس الحالية البالية كالولاءات للقبيلة والعائلة والأصدقاء وغيرهم حتى وإن كانوا غير مؤهلين لتمثيل الولايات للأسف، فهذه الأسس في الاختيار لا تزال تخيم على مجتمعنا كغيره من المجتمعات العربية، وتشكل عائقا كبيرا لعملية التحول للمجتمع المدني وكذلك لاختيار الأنسب ممن يمثل المجتمع، وبرغم محدودية هذه الحملات وأنها تمثل نقطة في بحر، إلا أنها بالطبع تلقي الحجر في المياه الراكدة، لذا ندعو الجهات العليا المختصة بالإدارة الانتخابية ومؤسسات المجتمع المدني لتتبنى مثل تلك المبادرات وغيرها. إنّ تطوير المشاركة السياسية في البلاد لا يتأتى فقط من منح صلاحيات لمجلس الشورى وغيره ما لم يكن أعضاء الشورى مؤهلين لتحمل هذه المسؤولية وتحمل المسؤوليات بالطبع لا يمكن أن يكون إلا من خلال مؤهلين وقادرين على إحداث الفرق في عملية المشاركة، وليس أعضاء خدمات وطلبات تخليص معاملات، فمجلس الشورى يتطلع إلى أن يكون مجلسا تشريعيا في المستقبل بشكل أكبر، إلا أن هذا الأفق البعيد يجب أن يواكبه تطور كبير في المسار الانتخابي من خلال تعديل سلوك الناخبين على نحو صحيح وتطوير مفهوم الصوت ودوره في إحداث الفرق في العمل الانتخابي. فهذه المبادرة التي يجب أن نزجي لها كل التحايا تأتي في إطار تغيير وتطوير أسس الانتخاب للأفضل وتغيير مفاهيم المشاركة، وتتميز بكونها تبدأ من المواطن الذي يبح صوته بالمطالبات تارة والتغيير تارة أخرى في حين يتناسى نفسه فهو يملك أدوات التغيير والتطوير ولكنه للأسف مازال يمارسها بطريقة غير صحيحة، مما يجعله لا يساهم في التطوير المنشود بشكل سليم.

فيجب أن نتفق على أن التطوير يبدأ من المجتمع في أن ينتخب المؤهل على أسس غير عصبية بغيضة وإنما للأفضل وأن تكون الولاءات للمصلحة العامة.

إنّ تطوير المسارات الانتخابية مسألة عويصة وتحتاج إلى جهود كبيرة في سبيل تصحيح المسار، ولكن بداية الغيث قطرة وهذه الحملة البسيطة في أدواتها الكبيرة في معناها ودورها وأهميتها غاياتها عميقة وهي التوعية بالنيابة عن الآخرين، ووضع النقاط على الحروف بفضل ما تطرحه من رؤى في كيفية المشاركة وتطويرها وإقامة ورش عمل في كيفية الممارسة الانتخابية وأهميتها، فهذه الجوانب وما يصاحبها من إجراءات وأعمال لا يتصدى لها إلا المؤمنون بالأهداف وإن طالت سيأتي اليوم الذي نجني ثمارها، وتدق جرس الوعي في المجتمع بأن التغيير يبدأ منه وإليه، وإنه كلما اختار الأفضل بالإمكان أن يجني الأفضل منه والعكس صحيح. إن العمل الوطني متشعب وله أساليبه وأطره والكل يقوم به وفق مرئياته وتفكيره من منطلق الحب الذي يكبر في نفوسنا جميعًا يومًا بعد الآخر، ولذلك تتكامل الجهود وتتضافر بشأن رفعة الوطن في كل الميادين بأيدي أبنائه المخلصين، وهذه النماذج التي تقدم مثل هذه الأعمال النابعة من الحب بالكيفية التي ترى أن يكون وطنها يرفل بالديمقراطية والمشاركة السياسية الواعية، واختارت المسار الأصعب، ألا وهو توعية المجتمع بما له وعليه وباعتباره هو الأساس الذي ينطلق منه التغيير للأفضل الذي يتطلع إليه الجميع. بالطبع الجهود ماضية على العديد من المسارات ولا نتعجل النتائج في مثل هذه الأمور التي تحتاج إلى جهود كبيرة ووقت أطول ولكن من سار على الطريق وصل وأفضل أن يأتي شيء من ألا يأتي. نأمل لمثل هذه الحملات التوفيق وأن تعزز مثل هذه المبادرات وتشجع من الجهات المجتمعية لتأخذ أبعادا أكبر تمتد لكل الولايات لصياغة مجلس شورى قادر على القيام بمسؤولياته وأعبائه.

تعليق عبر الفيس بوك