مهرجان "العفية"

المعتصم البوسعيدي

يُنظرُ للحقيقةِ على إنها لؤلؤة تحتاج لغواص ماهر، وفي متاهات الدروب التي تتشعب بواقعنا هناك حقيقة مكنونة غير مرئية أجدنا غافلين أو متغافلين عنها، وأكثر ما يقودنا لغض النظر عنها هي الدائرة الضيقة التي نحصر أنفسنا فيها، إلا وهي "القناعة كنز لا يفنى" ثم إننا نتحدث عن مفاخر حضارتنا ونتعاطى مع قشورها وننسى في أحيانًا كثيرة خصائصها التي تميزها والتي قامت عليها من خلال الإيمان الذي يفجر الطاقات والإنسانية التي تحقق الكرامة والعمل وبذل حبات العرق والوسطية في التعاطي فلا إفراط ولا تفريط والحركة التي لا جمود فيها فنتأثر ونؤثر ونستفيد ونفيد.

الكرة العُمانية تعيش حالة من السقوط أو لنقل من البحث عن الحقيقة وغواصها ما بين قاتل وضحية، بل إن "عرجونها" لا يتساقط تمرًا شهيا ويظل في محله حتى يشتعل "يباسًا" فيأتي عليه "المجز" لتعود الحكاية إلى انتظار "القيض" في العام اللاحق، ولا يخفى على أحد "نكباتنا" بعد مضي نصف سنة، ومع اقتراب نهاية موسم ثانِ من "احترافنا" المقتضب فإن أجمل ما فيه يتلخص في عودة الألق من السنين العجاف لأندية عُمانية عريقة كالعروبة المتوج أخيرًا ببطولة الدوري بعد سبع سنوات وأبن عمه الأكبر صور المتعطش منذ ما يقارب العشرين عامًا لبطولة شاحت بوجها عنه رغم وسامته الطاغية لهذا العام، على أمل الحصول على ود أغلى الكؤوس في الثاني والعشرين من مايو الجاري.

إذًا الموسم الرياضي أدار أشرعة سفنه نحو المرسى الأجمل والأفضل وبات الجميع يترقب عرض درة الساحل الشرقي حيث أبناء العفية أغدقوا شوارعهم بالأزرق والأخضر وأعادوا ثرثرة المجالس وكسوا حبات الرمال بالتوعدِ والنذير، بل لا أشك أن لاعبي الفريقين هم الآن تحت حراسة مشددة من الجمهور من "فرط المبالغة" بالاهتمام، وبالتأكيد فإن هذا الوضع إيجابي ويطرح مدى وعي المسؤولين لاستثماره وكيف للاتحاد أيضًا أن ينهي هذا المشوار اللاهث المتعب بواحة ماء حقيقية لا سراب يتلاشى كلما نقترب منه.

الجميع يعلم كيف أصبحت مباريات البطولات الأوربية وحتى بعض مباريات الدوريات العربية ومسابقاتها مهرجانات بسمة وتسوق وترفيه، والإحساس بالحضور المبني على وجود سلعة مكتملة مغرية، وعلى هذا تتشكل ثقافة الجمهور بالرغم أنه لا يمكن فرض واقهم على واقعنا وبالرغم أيضًا إننا نستعجل النتائج وليس لدينا النفس الطويل والصبر، علاوة على المدِ والجزر في التنظيم والمنظم والحقوق والواجبات من وإلى جمهور المدرجات، إلا إننا قادرون على صنع الحدث بصياغتنا المتفردة.

ليس هناك جرة ضوء أفضل من أغلى الكؤوس التي ستمنح هدى بريقها من منارة "رأس الميل بالعيجة"، عاى أن يكون هذا النهائي هو مهرجان رياضي بحق، يحتفي فيه الاعلام بأعلام حاضرة الفينيقين الثقافية والاجتماعية والفنية وبالتأكيد الرياضية مع ضرورة أن يظهر إعلام الرياضة نجوم بلاد "الغنجة" وأين هم؟ أين الأخوين ناصر ومحمد زايد وفاروق عبدالله وسعيد ناصر؟ وأين الأسمر الجميل مطر خليفه وجمعة صالح وسهيل خميس؟ وأين أين غيرهم؟ ولنستعد لمنح الجمهور وجبة دسمة عن كأس تحمل أسم قابوس الأب والسلطان والملهم بمهرجان من الحب والفرح والوفاء، ولنعبر مشاكلنا بسفينة هذه المباراة ولنوزع حرارة الصيف لإذابة جبال الجليد التي صنعتها الأحداث الماضية، ولنغني من ليل صور وإليها "يا حلوة يا جارة" ولنردد ميدان "ولد وزير" ولنقضي مع "نواخذة" البحر رحلات الاستكشاف التي نحن بحاجة ماسة لاستحضارها لنكتشف إلى أين تمضي هذه المستديرة.

يجب أن نتحدث بصوت عالِ عن مهرجان "العفية" فالكل مدعو لرفع الشعارات وترجمتها واقعيًا، ولنـُهندس النجاح عبر المشاركة الفاعلة من كل الأطياف ولنستقطب الرعاية بتمرير الكرة للقطاع الخاص خاصة ذلك الموجود في الولاية، ولنبعث رسالتنا لمن يهمه الأمر، تحية طيبة وبعد، نرفع إليكم طلبنا بإقامة مهرجان "العفية" خلال إقامة المباراة النهائية لكأس حضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ بين "المارد العرباوي والعميد الصوراوي" أملين النظر في الموضوع بما يخدم الصالح العام، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير، رسالة موقعة ـ وسأدعي هنا ـ من كل "محبي" الرياضة بالسلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك