صدقتْ "كوندا" وكذب المنجِّمون

مُحمَّد عيد العريمي

مَنْ منَّا لا يتذكَّر ابتسامة كونداليزا رايس وزيرة خارجيَّة أمريكا في عهد بوش الابن، وهي تكشفُ عن ثنيَّة واسعة بين سنيِّ الواجهة، عندما بشَّرتنا نحن الشعوب العربيَّة بـ"فوضى خلاقة" لا تُبقي ولا تَذَر؛ كحلٍّ جذريٍّ لكلِّ مصائبنا (الجديد منها والقديم). ولا أظنُّ أنَّ العرَّافة "كوندا" كانت تتوقَّع أنَّ ما بشَّرتْ به -وربَّما ساهمتْ في التخطيط له- سيكون بهذا الحجم، وسيتحقق في غُضون سنوات قليلة.

ما توقَّعته وأدْرَكته بصيرة مُستشارة الأمن القومي السابقة ووزيرة الخارجيَّة حينئذ، وأعلن تفاصيله جيمس وولسي رئيس الـ"سي.آي.إيه" الأسبق، تجاوز كلَّ السيناريوهات وكلَّ التوقعات! فأينمَا تُولِّي وَجْهك في العالم العربي اليوم سترى أنَّ ثمَّة نارًا تشتعلُ، وإنسانًا يموت، وبيتًا يتهدَّم. فهل كانتْ "كوندا" تتصوَّر أنَّ أسْرَى الحرب ومتطوِّعي جمعيَّات خيريَّة غربيَّة، سيموتون حرقا داخل أقفاص حديد، وأنَّ فقراء مسيحيين مُختطفين سيُذبحون بالسكاكين كذبح النعاج.. وكلُّ ذلك أمام أعين العالم وبصره!

وهل كانت "كوندا" على عِلم بأنَّ "المسلمين المستضْعَفين" -الذين قال عنهم لاحقا جيمس وولسي إنَّهم سيحرِّكون المياه الراكد، وسيُشكِّلون خطرًا على الأنظمة الحاكمة في دولهم- أصبحوا يُشكِّلون خطرًا على أمريكا وحلفائها وفي عُقر ديارهم، وأنَّ هؤلاء أصبحوا يستقطبون شبابًا وشابَّات مُسلمين وغير مُسلمين من أبناء أمريكا وحلفائها وحملة جنسيَّاتها؟!

... مُدير وكالة الاستخبارات الأمريكيَّة كان واضحًا في حديثه، عندما أشار بفُمٍّ مَلِئان أمام حَشْدٍ من المسؤولين الأمريكيين إلى مخطط لتفكيك العالم العربي: "إذا استطعنا إقناع الشعوب الإسلاميَّة المستضعفة بأنَّنا إلى جانبهم سننجح، مثلما نجحنا في الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي. وإذا حرَّرنا العراق سنتفرَّغ لسوريا وليبيا ودول أخرى، وبذلك سنجعل بعضَ أنظمة دول المنطقة تقلق، وسيأتون إلينا مذعوريْن ويقولون "نحن متوترون"، وسنرد عليهم: "(Very very Good)، نحن نريدكم أن تكونوا متوترين". والغريب في الأمر أنَّ جيمس وولسي ذكر بالاسم حكامَ أهم وأكبر حليفين لأمريكا في العالم العربي.

تعليق عبر الفيس بوك