قدوة الشباب

إيمان بنت الصافي الحريبي

الشباب هم طليعة المجتمع، وعموده الفقري، وقوته الفاعلة، القادرة على قهر التحديات، وتذليل الصعوبات وتجاوز العقبات، "لذا لا تنهض أمّة من الأمم إلا بمشاركتهم في البناء المجتمعي".

وتتعاظم أهميّة تنمية هذه الموارد والطاقات البشرية واستثمارها في مجالات النهوض؛ في ظل التحديات الراهنة سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي، ومن هذا المنطلق تبرز لنا أهميّة دور مؤسسات المجتمع المدني في قضيّة تأهيل القيادات الشابة في الجانب الفكري تحديداً؛ كدور تكاملي مهم مع دور مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.

وعندما نتناول قضية (الشباب والقيادة) يتبادر إلى الذهن سؤال: هل جميع الشباب مطالبون بأن يكونوا قادة؟ أقول: سنة الحياة أن هناك قائدًا ومقودًا، فكل ميسّر لما خلق له. ولكن في ظل هذه التحديات والتطورات التي تحيط بنا يجب تأهيل الشباب تأهيلا كفائيًا يتمثل في أن يكونوا قادة لأنفسهم أولا في عالم يموج بالصراعات الفكرية. حيث أصبحت أهميّة تأهيل القيادات الشابة بالنظر للتحديات المعاصرة حاجة ملحة، ونرى أنّ هناك اهتمامًا كبيرًا بهذا الجيل الواعد وتأهيله بصورة تكامليّة لاسيما من الناحية الفكرية، ليستطيعوا تجاوز هذه العقبات والتحديات بدراية ووعي، ومن ثم كيفية تطويعها لصالحهم، والاندماج مع هذه التطورات من غير فقدان للخصوصية الحضارية والثقافية والتاريخية؛ ويكون بذلك عوامل بناءة تطوع كل المعطيات الحديثة لخدمة الوطن ونهضته.

اليوم ونحن نعيش حزنا كبيرًا على الشيخ الجليل خلفان العيسري الذي وفاته المنيّة أمس - رحمه الله - سمعت وتابعت الكثير من مآثر هذا الرجل العظيم بأخلاقه وعلمه وهمته العالية، فهو- رحمه الله - نموذج ملهم للشاب العماني - كيف لا وهو من يستبشر دائمًا بدور الشباب، ويرى فيهم القادة والخير والصلاح، وأوصاهم في أكثر من منبر أن يكونوا على النهج الذي يخدم بلدهم ويلبي رؤية قائدهم وباني صروح هذا الوطن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- فلمثل هذه الشخصيات المعطاءة يجب أن نتطلّع، ومن قيمها نتعلم كيف يكون حب الوطن، فحياة هذا الرجل الخيّر الراحل مليئة بالعطاء في الصحة والمرض، فمن خلال متابعتي لكلماته وجدتها مليئة بالعزيمة، ولمّا كان في شدة مرضه كان في قمة الإيمان والتفاؤل والرضا بعطاء الرحمن، ورأى أنّ مرضه نعمة من ربه يشكره عليها، ولم يقعد بل وعد وهو على فراش المرض أن يعود ليلتقي بمحبيه ومتابعيه من على المنابر ويخاطبهم ويتحاور معهم في دينهم ودنياهم، ويعلمهم أنّ حب الوطن ليست حروفًا ننطقها ولا كلامًا نتغنى به بل هو رؤى يؤمن بها بالعقل ويترجمها بالعمل الجاد.

ارقد بسلام شيخنا الجليل.. فلقد تركتم فينا ما نستضيء به من علمكم وهمتكم.. غفر الله لكم، وألهم أهلكم وذويكم الصبر والسلوان.

تعليق عبر الفيس بوك