معمار البريمي في خطر !

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

تشهد محافظة البريمي بوجه عام وولاية البريمي بوجه خاص طفرة عمرانية ملحوظة بسبب تزايد اعداد السكان من مواطنين ومقيمن بالولاية ، ويرجع ذلك إلى الموقع المثالي للولاية من جهة والنهضة الأقتصادية والسياحية والإجتماعية من جهة آخرى .

ولعل المتتبع للنمط المعماري بولاية البريمي يلحظ ظاهرة مقلقة وهي في أتساع ملحوظ - وللأسف الشديد - ألا وهي ظاهرة أستنساخ المنازل أو ما تعرف بالمنازل التجارية أي التي يتم تشيدها لغرض البيع المباشر من قبل مقاولين هم في ظاهر الأمر مواطنون ولكن في الحقيقة إن أصحابها وملاكها هم وافدون .

وليس من المبالغة في شيء إن حاولنا حصر تصاميم المنازل في البريمي أن تتم عملية الحصر بسهولة ويسر حيث تجد معظم المنازل بجميع المخططات السكنية بالولاية على نمط واحد من حيث المظهر الخارجي للمنزل والتقسيمات الداخلية علاوة على الأصباغ الخارجية للمنزل والتي وللأسف الشديد في معظمها غير متناسقة مع كونها منازل ، وقد ظهر عليها ذوق العمالة الآسيوية في أنتقاء الألوان ولا نعلم كيف يتم الموافقة عليها من قبل البلدية .

فمن حيث تصاميم المنازل ولكون تم بنائها لغرض البيع فلم يكترث المقاول ومالك المنزل ( العامل الوافد ) في إيجاد تصاميم مختلفة كليا عن المنازل السابقة التي أنتهى من بيعها والآخرى التي على وشك ، حيث إن عدم تغييره للتصاميم وخريطة البناء في كل مرة يريد بناء منزل يكسبه توفير كميات الخشب الذي يستخدمه في البناء في السقف والأقواس والأعمدة الخرسانية حيث أن أستنساخ خريطة المنزل إلى منازل آخرى توفر عليه الجهد الكبير والمال الوفير وبالتالي لديه قناعة مطلقة أن غايته هو البيع ولا يهمه كيف يكون تصميم المنزل وشكله الداخلي والخارجي ؟.

وقد يقول قائل وما المشكلة في ذلك فهو يوفر على المواطن الجهد ويقدم له خدمة شراء المنزل دون أن يبذل المواطن عناء ومتابعة المنزل في مراحل البناء المرهقة ؛ ولكن في الحقيقة إن أستنساخ خرائط المنازل وتكرار بنائها بنفس التصاميم يسلب الأحياء السكنية بريقها ورونها المعماري ، علاوة على ذلك فإن جودة المنازل الجاهزة للبيع ( المستنسخة) هي ضعيفة جداً ، حيث إن المواد المستخدمة في البناء من أرخص المواد ويتم تركيب أرخص الأدوات الصحية والكهربائية والنوافذ والأبواب ، وتباع بسعر السوق أي بسعر المنازل ذات الجودة العالية حيث إن متوسط سعر المنزل الجاهز للبيع ذو الطابق الواحد يتراوح من 42- 45 ألف ريال عُماني، والمنزل الجاهز للبيع ذو الطابقين يتراوح سعر بيعه من 75-85 ألف ريال عُماني .

وفيما يتعلق بجودة تلك المنازل فهي ضعيفة جدا كما آسلفنا ويظهر ذلك جليا بعد 3 أو 4 سنوات من بناء المنزل حيث ترى الشققات الخارجية والداخلية لجسم المنزل والسور الخارجي والأستبدال المتكرر للأدوات الصحية والكهربائية بإستمرار ، وعدم مقاومة المنزل لأبسط الأنواء المناخية ، ففي عام 2010 م سقطت أمطار غزيرة على ولاية البريمي وصاحب تلك الأمطار تساقط حبات البرد ، وقد تأثرت المنازل الجاهزة للبيع بتلك الأنواء وقد تجلى ذلك في تساقط ( البلستر الخارجي ) للكثير من تلك المنازل وتطايرت أصباغها الخارجية وخاصة في منطقتي الخضراء الجديدة وصعراء الجديدة وقد ظهرت تلك المنازل وكأنها أطلقت عليها رصاصات بندقية السكتون ( نوع من الأسلحة الخفيفة) مما أستدعى لملاك المنازل من المواطنين إلى أعادة تأهيلها وصيانتها حيث لا يوجد بين البائع ( الوافد ) والمالك للمنزل ( المواطن ) أي صيغة عقد ضمان على المنزل الذي أشتراه جاهزاً بالأمس .

وما يدفع ملاك تلك المنازل الجاهزة للبيع من العمالة الآسيوية هو الربح السريع المغري ، وعدم وعي المواطن بجودة تلك المنازل ، وتساهل الجهات المعنية في الأجراءات والضوابط بالسماح لظاهرة أستنساخ خرائط البناء في الولاية ، وتسويق أصحاب مكاتب العقارات بالولاية ووساطتهم في عملية البيع وتغليبهم لمصالهم الشخصية الآنية في الحصول على عمولتهم والمقدره بـ 3% من بيع كل منزل جاهز .

وهاهي المنازل الجاهزة للبيع تنتشر بولاية البريمي أنتشار النار في الهشيم ، وتستطيع أن تحصل على مئات المنازل الجاهزة المعروضة للبيع في مناطق الخضراء الجديدة وصعراء الجديدة والغريفة بمراحلها الأولى والثانية وأرض الجو والعقدة .

ترى إلى متى تستمر ظاهرة أستنساخ المنازل بالبريمي ؟ ومن المستفيد منها ؟ وما تأثيرها على المظهر الجمالي والنمط المعماري للمخططات السكنية بالولاية ؟ أليس من الواجب على الجهات المعنية دراسة أسباب الظاهرة وعوامل أنتشارها والجدوى الأقتصادية والإجتماعية منها ، ألا يعد النمط المعماري بولاية البريمي في خطر ؟!

تعليق عبر الفيس بوك